وأضاف الصحفي الصديق لخاشقجي في المقال، إن "جمال كان رجلا عمليا لا يؤمن بالشعارات، بل كان يحلم بعالم عربي أكثر ديمقراطية من شأنه أن يفيد العرب والأمريكيين على حد سواء. ومن خلال ترك قاتل دون عقاب، فإنك تخون هذه الرؤية سيد بايدن".
وفيما يلي نص المقال الكامل:
كشفت حكومة الولايات المتحدة علنا أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قتل مواطنا أمريكيا ، لكن الرئيس بايدن لم يفعل شيئا.
بدلا من فرض عقوبات على محمد بن سلمان، يبدو أن بايدن سيترك القاتل يمرّ دون محاسبة.
كانت الرسالة للديكتاتوريين الآخرين الذين يفكرون في ارتكاب جرائم قتل مماثلة: من فضلك لا تفعل ذلك، لكننا سنظل نتعامل معك إذا كان علينا فعل ذلك.
والرسالة إلى المملكة العربية السعودية هي: استمروا، ويمكن لكم أن ترفعوا منصب محمد بن سلمان ليصبح الملك القادم للبلاد إذا كان ذلك ضروريا.
كل ذلك خيانة لصديقي جمال خاشقجي والقيم المشتركة التي نؤمن بها. لكن حتى من منظور السياسة الواقعية، فإنها كانت فرصة ضائعة لمساعدة المملكة العربية السعودية على أن تدرك أن من مصلحتها الخاصة العثور على ولي عهد جديد غير متهور ولا يقتل الصحفيين ويقطّع أوصالهم.
ما الذي كان على بايدن فعله؟
كان من المنطقي أن يفرض بايدن على ابن سلمان العقوبات ذاتها التي فرضتها الولايات المتحدة في 2018 على منفذي عملية اغتيال خاشقجي، بما في ذلك تجميد الأصول وحظر السفر. ويجب أن تنطبق هذه العقوبات أيضا على العملاء والشركات التي يستخدمها محمد بن سلمان لجمع الأصول في جميع أنحاء العالم.
أخبرتني أنييس كالامار، المُقرّرة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء وحالات الإعدام التعسفي في المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي حققت في اغتيال خاشقجي، أن "الرسالة الأساسية التي يجب إرسالها إلى محمد بن سلمان والقضاء والحكومة السعودية، وإلى قتلة الصحفيين المحتملين الآخرين في جميع أنحاء العالم، هو أن هناك ثمنا باهظا يجب دفعه مقابل مثل هذه الجرائم، وأنه ليس بإمكانهم الحصول على الحماية في أي مكان".
كان ينبغي على الولايات المتحدة أيضا تعليق مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.
يحظر قانون الولايات المتحدة تقديم المساعدة العسكرية للوحدات الأمنية المتورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وهذا ينطبق على قوات الأمن التي يديرها ابن سلمان، الذي يشغل أيضا منصب وزير الدفاع.
تفيد التقارير بأن بايدن كان يخشى من أن يفسد فرض عقوبات على محمد بن سلمان العلاقات مع المملكة العربية السعودية. وبالفعل، هذا مصدر قلق مشروع، وأنا أتفهم أنه غالبا ما يكون من الضروري التعامل مع حكام قتلة. ولكن في خضم جدلية التوازن بين القيم والمصالح، فإن الخطر الأكبر هو أن محمد بن سلمان، البالغ من العمر 35 عاما فقط، سيصبح ملكا عند وفاة والده المسن، وسيحكم بشكل متهور لسنوات طويلة، ما يخلق فوضى في الخليج، وحالة من التصدّع في العلاقات السعودية الأمريكية قد تستمر لعقود.
بعبارة أخرى، لأن المملكة العربية السعودية مهمة جدا بالنسبة للولايات المتحدة، كان على بايدن أن يتخذ موقفا حازما، ويرسل إشارات قوية في الوقت الراهن، بما أن فرصة التغيير ما زالت ممكنة، من أجل أن تحظى المملكة بولي عهد جديد لا يقطّع أوصال الصحفيين.
محمد بن سلمان هو سادس ولي عهد للمملكة العربية السعودية على مدى العقد الماضي، وقد أصبح واحدا فقط (وهو سلمان بن عبد العزيز) ملكا للسعودية، إذ مات اثنان وعُزل اثنان. أصبح من الواضح أن المملكة العربية السعودية لن يكون لها علاقة عملية مع الغرب إذا أصبح محمد بن سلمان ملكا، وربما سنرى وليا سابعا للعهد. ليست الولايات المتحدة من تملي على السعودية كل هذا، بل الوقائع.
تقول سارة ليا ويتسون، المدير التنفيذي لمنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي: "من الأفضل للملك سلمان وأي مستشارين مستقلين يعملون معه أن يعيدوا النظر في جدوى بقاء محمد بن سلمان وليا للعهد. لقد أثبت مرارا وتكرارا أنه يشكل خطرا على المملكة، وقد أصبح منبوذا من المجتمع الدولي".
يقول المسؤولون الأمريكيون أحيانا إننا إذا لم نبع أسلحة للسعودية، فإن فرنسا أو روسيا ستفعلان ذلك. لكن ما تحصل عليه السعودية من الولايات المتحدة ليس أسلحة عالية التقنية فقط، بل والأهم من ذلك بكثير، التزام ضمني بحمايتها من إيران والدول المعادية الأخرى، ولا تستطيع فرنسا وروسيا تقديم هذا الضمان.
أخبرني بعض السعوديين أن مسألة صعود محمد بن سلمان إلى أعلى هرم السلطة أمر مفروغ منه. لكن حقيقة أن محمد بن سلمان اعتقل خصومه، مثل الأمير أحمد بن عبد العزيز (الذي يحظى بإعجاب كبير في المجتمع السعودي) والأمير محمد بن نايف، يشير إلى أنه لا يعتقد أن الأمر ليس مضمونا تماما.
أشار الدكتور خالد الجابري، الموجود حاليا في الولايات المتحدة، والذي يملك علاقات وثيقة مع شخصيات مهمة في العائلة المالكة السعودية، ويُزعم أن ابن سلمان استهدف والده: "ليس من المسلمات أنه إذا كنت وليا للعهد، ستصبح ملكا. إذا فُرضت عقوبات على محمد بن سلمان، فسوف تتوقف البلاد بأكملها، ولن يكون أمام الملك سلمان خيار سوى عزل ابنه، حتى لو لم يرغب في ذلك".
ربما أنا متحيز لأنني كنت أعرف جمال خاشقجي شخصيا. قد يقول: نعم كانت عملية قتله فظيعة، لكن هناك الكثير من القادة الآخرين الذين يقتلون الناس أيضا. هذا صحيح، لكن محمد بن سلمان يفسد كل شيء يقف في طريقه. خطف رئيس الوزراء اللبناني، وفرض حصارا على قطر، وتسبب في أسوأ كارثة إنسانية في العالم من خلال حرب اليمن، قام بسجن نشطاء حقوق المرأة. لقد شوّه سمعة بلاده بشكل كبير.
كان جمال رجلا عمليا لا يؤمن بالشعارات، بل كان يحلم بعالم عربي أكثر ديمقراطية من شأنه أن يفيد العرب والأمريكيين على حد سواء. ومن خلال ترك قاتل دون عقاب، فإنك تخون هذه الرؤية سيد بايدن.