طهران استقبلت مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية السيد رافائيل غروسي واكدت له عزمها التخلي عن الالتزام بالبروتوكول الطوعي ابتداء من 23 شباط الجاري في موقف يوضح صرامة الجمهورية الاسلامية في تنفيذ ما اتخذته في نطاق قانون الاجراءات الاستراتيجية الصادر عن مجلس الشورى الاسلامي.
اما مواقف كبار المسؤولين الايرانيين فانها تتسم باللاثقة حيال المبادرات الاوروبية الاميركية التي هي في معظمها شكلية ورمزية ولا تمت لجوهر المشكلة بصلة.
ان الجمهورية الاسلامية تريد رؤية اجراءات عملية جادة تؤدي الى رفع العقوبات الاقتصادية وبخلاف ذلك فانها مضطرة الى تقليص التزاماتها في اطار الاتفاق النووي وليس بعيدا عنه.
ويمكن لمدير عام الوكالة الدولية الذرية ان يكون وسيطا محايدا في هذا الاتجاه وسط انباء غير مؤكدة تقول انه يحمل رسالة اميركية لايران تتضمن نوايا واشنطن العودة الى العمل بالاتفاق النووي شريطة تراجع طهران عن الالتزام بقانون البرلمان الايراني.
ولا شك في ان ردّ الجمهورية الاسلامية على اي مقترح لايتماشى مع بنود الاتفاق النووي سيكون الرفض القاطع لان النوايا ليست ملاكا للتقدم وايران لها خبرة واسعة في التعامل مع الخطاب الغربي الذي يقوم على لغة الاقاويل والوعود المعسولة وانعدامه الى المصداقية والاعتبار الا بما يضمن مصالحه ويؤمن منافعه على حساب الاخرين.
ايران اعلنت ايضا ان تخليها عن البرتوكول الاضافي لا يعني انتهاء عمل مفتشي الوكالة الدولية الذرية ولكنه سيحددها ويقلصها بنسبة معينة كاجراء لازم آخر نتيجة لتنصل اميركا والدول الاوروبية عن مسؤولياتها في اطار الاتفاق النووي.
انه يمثل ردا على تلكوء الاطراف الغربية ولكنه لا يعني خروجا من الاتفاق النووي لان الجمهورية الاسلامية كانت ولاتزال ملتزمة به وهي لم تنقضه حتى تحت وطأة اصعب الضغوط الاميركية في زمن الرئيس المتغطرس دونالد ترامب.
والجمهورية الاسلامية ملتزمة بالاتفاق ما التزمت به الاطراف المعنية ولكن يبقى ان نؤكد ان الادارة الديمقراطية برئاسة جو بايدن لم تغير عقيدة ترامب العدائية والابتزازية وان هي تظاهرت بتخفيف لهجتها السياسية حيال طهران في مشهد يكتنفه المكر.
والمؤكد ان ايران التي التقطت بعض الرسائل الدبلوماسية بشان تبدل الموقف الاميركي، ستتعامل معها بما يناسبه لان المطلب الاساسي للجمهورية الاسلامية هو رفع جميع العقوبات الاقتصادية لا أكثر ولا اقل.
بقلم الكاتب والاعلامي / حميد حلمي البغدادي