البث المباشر

أدعية

الثلاثاء 20 نوفمبر 2018 - 13:02 بتوقيت طهران
أدعية

في مشهد سامرّاء (1)

حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد قال: حدثني عم أبي قال: قصدت الإمام (عليه السّلام) يوماً فقلت: يا سيّدي إنّ هذا الرّجل قد أطرحني وقطع رزقي وملّني وما أتّهم في ذلك إلاّ علمه بملازمتي لك فإذا سألته شيئاً منه يلزمه القبول منك فينبغي أن تتفضّل عليّ لمسألة. فقال:
تكفى إن شاء الله.
فلمّا كان في الليل طرقني رسل المتوكّل رسول يتلو رسولاً فجئت والفتح على الباب قائم فقال:
يا رجل ما تأوي في منزلك باللّيل كدّني هذا الرّجل ممّا يطلبك فدخلت وإذا المتوكّل جالس في فراشه.
فقال: يا أبا موسى نشتغل عنك وتنسينا نفسك أي شيء لك عندي.
فقلت: الصّلة الفلانية والرزّق الفلاني وذكرت أشياء فأمرني بها وبضعفها.
فقلت للفتح: وافى عليّ بن محمد إلى هاهنا؟
فقال: ﻻ.
فقلت: كتب رقعة؟
فقال: ﻻ، فولّيت منصرفاً فتبعني فقال لي: لست أشكّ أنّك سألته دعاء لك فالتمس لي منه دعاءً.
فلمّا دخلت إليه (عليه السّلام) فقال لي: يا أبا موسى! هذا وجه الرّضا.
فقلت: ببركتك يا سيّدي، ولكن قالوا لي: إنّك ما مضيت إليه ولا سألته، فقال:
إنّ الله تعالى علم منّا أنّا ﻻ نلجأ في المهمّات إلاّ إليه ولا نتوكل في الملمّات إلاّ عليه وعوّدنا إذا سألناه الإجابة، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا.
قلت: إنّ الفتح قال لي كيت وكيت.
قال: إنّه يوالينا بظاهره، ويجانبنا بباطنه، الدّعاء لمن يدعو به إذا أخلصت في طاعة، الله، واعترفت برسول الله (صلى الله عليه وآله) وبحقّنا أهل البيت وسألت الله تبارك وتعالى شيئاً لم يحرمك.
قلت: يا سيّدي فتعلّمني دعاء أختصّ به من الأدعية.
قال: هذا الدّعاء كثيراً ما أدعو الله به وقد سألت الله أن ﻻ يخيب من دعا به في مشهدي بعدي وهو:
(يا عدّتي عند العدد ويا رجائي والمعتمد ويا كهفي والسند ويا واحد يا أحد، ويا قل هو الله أحد، أسألك اللّهمّ بحقّ من خلقته من خلقك، ولم تجعل في خلقك مثلهم أحداً، أن تصلّي عليهم وتفعل بي كيت وكيت).

 

عند إشراف البلاء(2)

أخبرني عمرو بن مسعدة وزير المعتصم الخليفة أنّه جاء عليّ بالمكروه الفظيع حتّى تخوفته على إراقة دمي وفقر عقبي فكتبت إلى سيّدي أبي الحسن العسكري (عليه السّلام) أشكو إليه ما حلّ بي فكتب إليّ:
ﻻ روع عليك ولا باس فادع الله بهذه الكلمات يخلصك الله وشيكاً ممّا وقعت فيه ويجعل لك فرجاً فإنّ آل محمد (صلى الله عليه وآله) يدعون بها عند إشراف البلاء وظهور الأعداء وعند تخوّف الفقر وضيق الصدر.
قال اليسع بن حمزة: فدعوت الله بالكلمات التي كتب إليّ سيّدي بها في صدر النهار فوالله ما مضى شطره حتّى جاءني رسول الله عمرو بن مسعدة.
فقال لي: أجب الوزير، فنهضت ودخلت عليه.
فلمّا بصر بي تبسّم إليّ وأمر بالحديد ففكّ عنّي، وبالأغلال فحلّت منّي وأمرني بخلعه من فاخر ثيابه وأتحفني بطيب ثمّ أدناني وقرّبني وجعل يحدثني ويعتذر إليّ وردّ عليّ جميع ما كان استخرجه منّي وأحسن رفدي وردّني إلى الناحية التي كنت أتقلدها وأضاف إليها الكورة التي تليها.


قال وكان الدعاء:
يا من تحلّ بأسمائه عقد المكاره، ويا من يفلّ بذكره حدّ الشدائد، ويا من يدعى بأسمائه العظام من ضيق المخرج على محل الفرج، ذلّت لقدرتك الصعاب وتسبّبت بلطفك الأسباب وجرى بطاعتك القضاء ومضت على ذكرك الأشياء فهي بمشيتك دون قولك مؤتمرة وبإرادتك دون وحيك منزجرة وأنت المرجو للمهمات وأنت المفزع للملمات ﻻ يندفع منها إلاّ ما دفعت ولا ينكشف منها إلاّ ما كشفت، وقد نزلت بي من الأمر ما فدحني ثقله وحلّ بي منه ما بهضني حمله وبقدرتك أوردت عليّ ذلك وبسلطانك وجهته إليّ.
فلا مصدر لما أوردت ولا ميسّر لما عسرت ولا صارف لما وجهت ولا فاتح لما أغلقت ولا مغلق لما فتحت ولا ناصر لمن خذلت، إلاّ أنت صلّ على محمد وآل محمّد وافتح لي باب الفرج بطولك، واصرف عني سلطان الهمّ بحولك وأنلني حسن النظر فيما شكوت وارزقني حلاوة الصنع فيما سألتك وهب لي من لدنك فرجاً وحيّاً واجعل لي من عندك مخرجاً هنيئاً ولا تشغلني بالاهتمام عن تعاهد فرائضك واستعمال سنتك فقد ضقت بما نزل بي ذرعاً وامتلأت بحمل ما حدث عليّ جزعاً وأنت القادر على كشف ما بليت به ودفع وما وقعت فيه.
فافعل ذلك بي وإن كنت غير مستوجبه منك يا ذا العرش العظيم وذا المنّ الكريم فأنت قادر يا أرحم الراحمين.
آمين رب العالمين.

 

الدعاء عند الحائر الحسيني (3)

عن أبي هاشم الجعفري قال: بعث إليّ أبو الحسن (عليه السّلام) في مرضه وإلى محمّد بن حمزة فسبقني إليه محمد بن حمزة فأخبرني محمّد أنّه ما زال يقول:
ابعثوا إلى الحير. ابعثوا إلى الحير. فقلت لمحمّد: ألا قلت له أنا أذهب إلى الحير، ثمّ دخلت عليه وقلت له: جعلت فداك أنا أذهب إلى الحير، فقال:
انظروا في ذاك...
قال: فذكرت ذلك لعليّ بن بلال.
فقال: ما كان يصنع بالحير وهو الحير، فقدمت العسكر فدخلت عليه.
فقال لي: اجلس حين أردت القيام، فلمّا رأيته أنس بي ذكرت له قول عليّ بن بلال.
فقال لي: ألا قلت له: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يطوف بالبيت ويقبّل الحجر، وحرمة النبيّ (صلى الله عليه وآله) والمؤمن أعظم من حرمة البيت، وأمره الله عزّ وجلّ أن يقف بعرفة وإنما هي مواطن يحبّ الله أن يذكر فيها، فأنا أحبّ أن يدعى الله لي حيث يحبّ الله أن يدعى فيها...
قال: قلت: جعلت فداك لو كنت أحسن مثل هذا لم أردّ الأمر عليك.

 

لدفع الصداع (4)

حضرته يوماً وقد شكا إليه بعض إخواننا فقال: يا بن رسول الله إن أهلي يصيبهم كثيراً هذا الوجع الملعون. قال:
وما هو؟
قال: وجع الرأس.
قال: خذ قدحاً من ماء، واقرأ عليه (أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيّ أفلا يؤمنون)(5) ثم اشربه، فإنه ﻻ يضره إن شاء الله تعالى.

 

الإلحاح بالقرآن (6)

عن حمران قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السّلام): جعلت فداك، رجل من مواليك به حصر البول، وهو يسألك الدعاء له أن يلبسه الله العافية، واسمه نفيس الخادم. فأجاب:
كشف الله ضرك، ودفع عنك مكاره الدنيا والآخرة، وألح عليه بالقرآن، فإنه يشفى إن شاء الله تعالى.

 

دعاء ﻻ يخيب داعيه (7)

قلت لسيدنا أبي الحسن علي صاحب العسكر (عليه السّلام): علّمني دعاء وخصنّي به. فقال:
قل يا أبا موسى: (يا عدتي دون العدد، ويا رجائي والمعتمد ويا كهفي والسند ويا واحد يا أحد، يا من هو الله أحد أسألك بحق من خلقته من خلقك، ولم تجعل في خلقك مثلهم أحداً، أن تصلّي على جماعتهم وتفعل بي كذا وكذا) فإني قد سألت الله سبحانه أن ﻻ يخيب من دعا به.

 

دعاء المظلوم (8)

كان المتوكل لحظوة الفتح بن خاقان عنده وقربه منه دون الناس جميعاً، ودون ولده وأهله، وأراد أن يبيّن موضعه عندهم، فأمر جميع مملكته من الأشراف من أهله وغيرهم، والوزراء والأمراء والقواد، وسائر العساكر، ووجوه الناس، أن يزيّنوا بأحسن التزيين، ويظهروا في أفخر عددهم وذخائرهم، ويخرجوا مشاة بين يديه، وأن ﻻ يركب أحد إلاّ هو والفتح بن خاقان خاصة بسرّ من رأى، ومشى الناس بين أيديهما على مراتبهم رجّالة، وكان يوماً قائظاً شديد الحرّ وأخرجوا في جملة الأشراف أبا الحسن علي بن محمد (عليهما السلام) وشقّ عليه ما لقيه من الحرّ والزحمة. قال زرّافة: فأقبلت إليه وقلت له: يا سيدي يعزّ والله عليّ ما تلقى من هذه الطغاة، وما تكلفته من المشقة، وأخذت بيده فتوكأ عليّ وقال:
يا زرافة ما ناقة صالح عند الله بأكرم منّي أو قال: بأعظم قدراً منّي. ولم أزل أسائله واستفيد منه، وأحادثه إلى أن نزل المتوكل من الركوب، وأمر الناس بالانصراف.
فقدمت إليهم دوابهم فركبوا إلى منازلهم، وقدمت بغلة له فركبها فركبت معه إلى داره فنزل وودعته وانصرفت إلى داري، ولولدي مؤدّب يتشيّع من أهل العلم والفضل، وكانت لي عادة بإحضاره عند الطعام فحضر عند ذلك وتجارينا الحديث، وما جرى من ركوب المتوكل والفتح ومشي الأشراف وذوي الأقدار بين أيديهما، وذكرت له ما شاهدته من أبي الحسن علي بن محمد (عليهما السلام) وما سمعته من قوله (ما ناقة صالح عند الله بأعظم قدراً منّي). وكان المؤدب يأكل معي فرفع يده وقال: بالله إنّك سمعت هذا اللفظ منه؟!
فقلت له: والله إنّي سمعته يقوله.
فقال لي: اعلم أن المتوكل ﻻ يبقى في مملكته أكثر من ثلاثة أيام، ويهلك فانظر في أمرك وأحرز ما تريد إحرازه وتأهب لأمرك كي ﻻ يفجؤكم هلاك هذا الرجل فتهلك أموالكم بحادثة تحدث أو سبب يجري.
فقلت له: من أين لك ذلك؟
فقال: أما قرأت القرآن في قصة صالح (عليه السّلام) والناقة وقوله تعالى: (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب)(9) ولا يجوز أن يبطل قول الإمام.
قال زرافة: فوالله ما جاء اليوم الثالث حتى هجم المنتصر ومعه بغا ووصيف والأتراك على المتوكل فقتلوه وقطّعوه والفتح بن خاقان جميعاً قطعاً حتى لم يعرف أحدهما من الآخر، وأزال الله نعمته ومملكته، فلقيت الإمام أبا الحسن (عليه السّلام) بعد ذلك، وعرّفته ما جرى مع المؤدب وما قاله.
فقال: صدق أنه لما بلغ منّي الجهد رجعت إلى كنوز نتوارثها من آبائنا هي أعزّ من الحصون والسلاح والجُنن، وهو دعاء المظلوم على الظالم، فدعوت به عليه فأهلكه الله.
فقلت: يا سيدي إن رأيت أن تعلمنيه فعلمنيه وهو:
(اللّهم إني وفلاناً عبدان من عبيدك، نواصينا بيدك، تعلم مستقرّنا ومستودعنا، وتعلم منقلبنا ومثوانا، وسرّنا وعلانيتنا، وتطلع على نيّاتنا وتحيط بضمائرنا، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه، ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره ولا ينطوي عليك شيء من أمورنا، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا، ولا لنا منك معقل يحصننا، ولا حرز يحرزنا، ولا هارب يفوتك منّا.
ولا يمتنع الظالم منك بسلطانه، ولا يجاهدك عنه جنوده ولا يغالبك مغالب بمنعة، ولا يعازّك متعزّز بكثرة أنت مدركه أينما سلك، وقادر عليه أينما لجأ، فمعاذ المظلوم منا بك، وتوكّل المقهور منا عليك، ورجوعه إليك، ويستغيث بك إذا خذله المغيث، ويستصرخك إذا قعد عنه النصير ويلوذ بك إذا نفته الأفنية، ويطرق بابك إذا أغلقت دونه الأبواب المرتجة ويصل إليك إذا احتجبت عنه الملوك الغافلة، تعلم ما حلّ به قبل أن يشكوه إليك وتعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له فلك الحمد سميعاً بصيراً لطيفاً قديراً.
اللّهم إنه قد كان في سابق علمك ومحكم قضائك وجاري قدرك وماضي حكمك ونافذ مشيّتك في خلقك أجمعين، سعيدهم وشقيّهم وبرّهم وفاجرهم أن جعلت لفلان بن فلان عليّ قدرة فظلمني بها، وبغى عليّ لمكانها وتعزّز عليّ بسلطانه الذي خوّلته إياه، وتجبّر عليّ بعلوّ حاله التي جعلتها له وغرّه إملاؤك له، وأطغاه حلمك عنه. فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه، وتعمدني بشرّ ضعفت عن احتماله، ولم أقدر على الانتصار منه لضعفي، والانتصاف منه لذلي فوكلته إليك وتوكلت في أمره عليك، وتوعدته بعقوبتك، وحذّرته سطوتك وخوّفته نقمتك فظنّ أن حلمك عنه من ضعف، وحسب أنّ إملاءك له من عجز، ولم تنهه واحدة عن أخرى، ولا انزجر عن ثانية بأولى، ولكنه تمادى في غيّه، وتتابع في ظلمه ولجّ في عدوانه، واستشرى في طغيانه جرأة عليك يا سيدي، وتعرضاً لسخطك الذي ﻻ تردّه عن القوم الظالمين، وقلة اكتراث ببأسك الذي ﻻ تحبسه عن الباغين. فها أنا ذا يا سيّدي مستضعف في يديه، مستضام تحت سلطانه مستذلّ بعنائه، مغلوب مبغيّ عليّ مغضوب وجل خائف مروّع مقهور، قد قلّ صبري وضاقت حيلتي، وانغلقت عليّ المذاهب إلاّ إليك، وانسدّت عليّ الجهات إلاّ جهتك والتبست عليّ أموري في دفع مكروهه عنّي، واشتبهت عليّ الآراء في إزالة ظلمه وخذلني من استنصرته من عبادك، وأسلمني من تعلقت به من خلقك طراً، واستشرت نصيحي فأشار عليّ بالرغبة إليك، واسترشدت دليلي فلم يدلّني إلاّ عليك. فرجعت إليك يا مولاي صاغراً راغماً مستكيناً عالماً أنه ﻻ فرج إلاّ عندك ولا خلاص لي إلاّ بك، انتجز وعدك في نصرتي، وإجابة دعائي، فإنّك قلت وقولك الحق الذي ﻻ يردّ ولا يبدل: (ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغى عليه لينصرنه الله)(10) وقلت جلّ جلالك وتقدّست أسماؤك: (ادعوني استجب لكم)(11) وأنا فاعل ما أمرتني به لا منّاً عليك وكيف أمن به وأنت عليه دللتني فصلّ على محمد وآل محمد واستجب لي كما وعدتني يا من ﻻ يخلف الميعاد.
وإنّي لأعلم يا سيدي أنّ لك يوماً تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، وأتيقّن أن لك وقتاً تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب، لأنّك ﻻ يسبقك معاند ولا يخرج عن قبضتك منابذ، ولا تخاف فوت فائت، ولكن جزعي وهلعي ﻻ يبلغان بي الصبر على أناتك وانتظار حلمك، فقدرتك علي يا سيدي ومولاي فوق كل قدرة، وسلطانك غالب على كل سلطان، ومعاد كل أحد إليك وإن أمهلته، ورجوع كل ظالم إليك وإن أنظرته، وقد أضرني يا رب حلمك عن فلان بن فلان، وطول أناتك له وإمهالك إياه وكاد القنوط يستولي عليّ لولا الثقة بك، واليقين بوعدك. فإن كان في قضائك النافذ، وقدرتك الماضية أن ينيب أو يتوب، أو يرجع عن ظلمي أو يكفّ مكروهه عنّي، وينتقل عن عظيم ما ركب منّي، فصلّ اللّهم على محمد وآل محمد، وأوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة قبل إزالته نعمتك التي أنعمت بها عليّ، وتكديره معروفك الذي صنعته عندي. وإن كان في علمك به غير ذلك، من مقام على ظلمي، فأسألك يا ناصر المظلوم المبغى عليه إجابة دعوتي، فصل على محمد وآل محمد وخذه من مأمنه أخذ عزيزٍ مقتدر، وأفجئه في غفلته، مفاجأة مليك منتصر واسلبه نعمته وسلطانه وأفض عنه جموعه وأعوانه ومزّق ملكه كلّ ممزّق وفرّق أنصاره كل مفرّق، وأعره من نعمتك التي لم يقابلها بالشكر، وانزع عنه سربال عزّك الذي لم يجازه بالإحسان، واقصمه يا قاصم الجبابرة وأهلكه يا مهلك القرون الخالية، وأبره يا مبير الأمم الظالمة، واخذله يا خاذل الفئات الباغية، وابتر عمره، وابتزّ ملكه، وعفّ أثره، واقطع خبره وأطفئ ناره وأظلم نهاره، وكوّر شمسه، وأزهق نفسه واهشم شدّته وجبّ سنامه وأرغم أنفه وعجّل حتفه ولا تدع له جُنّة إلاّ هتكتها، ولا دعامة إلاّ قصمتها ولا كلمة مجتمعة إلاّ فرّقتها، ولا قائمة علوّ إلاّ وضعتها، ولا ركناً إلاّ وهنته ولا سبباً إلاّ قطعته.
وأرنا أنصاره وجنده وأحبّائه وأرحامه عباديد بعد الألفة وشتّى بعد اجتماع الكلمة، ومقنعي الرؤوس بعد الظهور على الأمة واشف بزوال أمره القلوب المنقلبة الوجلة والأفئدة اللهفة، والأمّة المتحيّرة والبريّة الضائعة، وأدل ببواره الحدود المعطّلة والأحكام المهملة والسنن الداثرة، والمعالم المغيّرة والمساجد المهدومة. وأرح به الأقدام المتعبة، وأشبع به الخماص الساغبة، وأرو به اللهوات اللاغبة، والأكباد الظامئة، واطرقه بليلة ﻻ أخت لها، وساعةٍ ﻻ شفاء منها، وبنكبة ﻻ انتعاش معها، وبعثرةٍ ﻻ إقالة منها، وأبح حريمه، ونغّص نعيمه، وأره بطشتك الكبرى، ونقمتك المثلى، وقدرتك التي هي فوق كل قدرة، وسلطانك الذي هو أعزّ من سلطانه، واغلبه لي بقوتك القويّة، ومحالك الشديد، وامنعني منه بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل، وابتله بفقرٍ ﻻ تجبره، وبسوء ﻻ تستره وكله إلى نفسه فيما يريد، إنّك فعال لما تريد.
وابرأه من حولك وقوّتك، وأحوجه إلى حوله وقوّته، وأذلّ مكره بمكرك وادفع مشيّته بمشيّتك، واسقم جسده وأيتم ولده، وانقص أجله وخيّب أمله، وأزل دولته، وأطل عولته، واجعل شغله في بدنه ولا تفكّه من حزنه وصيّر كيده في ضلال، وأمره إلى زوال، ونعمته إلى انتقال وجدّه في سفال، وسلطانه في اضمحلال، وعافيته إلى شر مآل وأمِتْه بغيظه إذا أمتّه، وأبقه لحزنه إن أبقيته، وقني شرّه وهمزه ولمزه، وسطوته وعداوته، والمحه لمحة تدمّر بها عليه، فإنّك أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً. والحمد لله رب العالمين.

 

سبحان الدائم القائم (12)

سبحان من هو دائم ﻻ يسهو، سبحان من هو قائم ﻻ يلهو، سبحان من هو غني ﻻ يفتقر، سبحان الله وبحمده.

 

يا فرد يا صمد (13)

بسم الله الرحمن الرحيم يا عزيز العزّ في عزّه، ما أعز عزيز العزّ في عزّه، يا عزيز أعزّني بعزّك، وأيّدني بنصرك وادفع عنّي همزات الشياطين وادفع عنّي بدفعك وامنع عنّي بصنعك، واجعلني من خيار خلقك، يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد.

 

عليك يا مولاي توكّلي (14)

(وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين ﻻ يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً * وجعلنا على قلوبهم أكنّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً)(15) و(إذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكلون)(16)، عليك يا مولاي توكّلي، وأنت حسبي وأملي ومن يتوكل على الله فهو حسبه، تبارك إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، ربّ الأرباب، ومالك الملوك، وجبّار الجبابرة وملك الدنيا والآخرة، ربّ أرسل إليّ منك رحمة يا رحيم، ألبسني منك عافية وازرع في قلبي من نورك، واخبأني من عدوّك واحفظني في ليلي ونهاري بعينك، يا أنس كل مستوحش، وإله العالمين، قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربّهم معرضون، حسبي الله كافياً ومعيناً ومعافياً، فإن تولّوا فقل حسبي الله ﻻ إله إلاّ هو عليه توكلت وهو ربّ العرش العظيم.

 

عند مشهد الهادي (عليه السّلام) (17)

روي أن رجلاً كان له شيء موظف على الخليفة كل سنة فغضب عليه وقطعه عدة سنوات، فدخل الرجل على مولانا أبي الحسن علي بن محمد الهادي (عليه السّلام) فحكى له صدوده عنه وطلب منه (عليه السّلام) إذا اجتمع به أن يذكره عنده ويشفع له بردّ جائزته، ثم خرج الرجل فلما كان الليل بعث إليه الخليفة يستدعيه فتأهب الرجل وخرج إلى منزل الخليفة، فلم يصل حتى وافاه عدة رسل كل يقول: أجب الخليفة، فلما وصل إلى البواب قال له: جاء علي بن محمد هنا؟ قال له البواب: ﻻ. فلما دخل على الخليفة، قرّبه وأدناه، وأمر له بكل ما انقطع له من جائزته فلما خرج قال له البواب - ويسمى الفتح -: قل له (عليه السّلام) يعلّمني الدعاء الذي دعا لك به ثم فيما بعد دخل الرجل على أبي الحسن (عليه السّلام) فلما بصر به قال (عليه السّلام):

 

هذا وجه الرضا؟ (18)

قال: نعم ولكن قالوا إنك ما جئت إليه.
فقال أبو الحسن (عليه السّلام): إن الله عوّدنا أن ﻻ نلجأ في المهمّات إلاّ إليه، ولا نسأل سواه فخفت أن أغيّر فيغير ما بي.
فقال: يا سيدي الفتح يقول: يعلمني الدعاء الذي دعا لك به.
فقال (عليه السّلام): إن الفتح يوالينا بظاهره دون باطنه، الدعاء لمن دعا به بشرط أن يوالينا أهل البيت لكن هذا الدعاء كثيراً ما أدعو به عند الحوائج فتقضى وقد سألت الله عزّ وجل أن ﻻ يدعو به بعدي أحد عند قبري إلاّ استجيب له، وهو:
يا عدتي عند العدد ويا رجائي والمعتمد ويا كهفي والسند ويا واحد يا أحد ويا قل هو الله أحد، أسألك اللّهم بحقّ من خلقته من خلقك ولم تجعل في خلقك مثلهم أحداً أن تصلّي عليهم وأن تفعل بي كذا وكذا.
 

المصادر:

-موقع http://www.14masom.com

1 - أمالي الطوسي 1/291 - 292، ح 11، ح 2: أخبرنا ابن الشيخ الطوسي، عن والده، عن أبي محمّد الفحّام قال
2 - مهج الدعوات 271 - 272: أخبرنا محمد بن جعفر بن هشام الأصبغي قال أخبرني اليسع بن حمزة القمي قال
3 - فروع الكافي 4/567 - 568، ح 3: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد
4 - طب الأئمة (عليهم السلام) 19: عبد الله بن بسطام، عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي الحسن العسكري (عليه السّلام) قال
5 - سورة الأنبياء: الآية 30
6 - مكارم الأخلاق: 379
7 - بحار الأنوار 95/162 عن كتاب العتيق الغروي: روى محمد بن أحمد بن عبد الله المنصوري، عن عمّه، عن أبيه قال
8 - مهج الدعوات 266 - 271: ذكر بإسناده عن زرافة حاجب المتوكل وكان شيعياً أنه قال
9 - سورة هود: الآية 65
10 - سورة الحج: الآية 60
11 - سورة غافر: الآية 60
12 - دعوات الراوندي 94 ضمن ح 228: من تسبيح للإمام أبي الحسن علي بن محمد النقي (عليهما السلام)
13 - مهج الدعوات 44: من حرز لعلي بن محمد النقي (عليه السّلام)
14 - مهج الدعوات 300: من دعاء للأمام علي بن محمد (عليهما السلام)
15 - سورة الإسراء: الآية 45 - 46
16 - سورة النحل: الآية 98-99
17 - عدة الداعي 65 ب 2
18 - قوله: هذا وجه الرضا: يقال عند بروز آثار السرور في الوجه

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة