إذن هي فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن هوازن، وكنيتها أم البنين، وأمها ثمامة بنت سهيل بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب.
وفي رواية إن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال لأخيه عقيل، وكان عالماً بأنساب العرب وأخبارهم: "أنظر لي امرأة قد ولدتها الفحول من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاماً فارساً"، فقال عقيل: "تزوج فاطمة بنت حزام الكلابية، فأنه ليس في العرب أشجع من آبائها". ولم تذكر كتب التأريخ سنة ولادة هذه السيدة المطهرة، ويمكن القول أن زواجها من الإمام علي (عليه السلام) قبل سنة 26ه ، وهي سنة ولادة العباس (عليه السلام) ، وبذلك يكون عمرها يوم ولادة العباس ما بين (18-22هـ) سنة، وبذلك تكون ولادتها الكريمة تقع ما بين ( 5 - 9هـ) ، وقيل إن عمرها يوم كربلاء كان خمساً وخمسين سنة.
وما إنْ بلغها مقتل سبط النبي الاكرم الامام الحسين (عليه السلام) إلا وخنقتها العبرة، فكانت تبكي بكاء الثكالى، وكانت تخرج بعد واقعة الطف إلى البقيع تندب سبط النبي الاكرم وأولادها الأربعة وهم "العباس وجعفر وعثمان وعبد الله"، وهي تحمل حفيدها عبيد الله بن العباس، فيجتمع الناس لسماع رثائها فيبكون لشجي الندبة، حيث كانت تقول :
لا تدعوني ويك أم البنين تذكريني بليوث العرين
كانوا بنون لي أدعى بهم واليوم أصبحت ولا من بنين
أربعة مثل نسور الربى قد واصلوا الموت بقطع الوتين
وهناك جانب كبير لابد ان نأخذه بنظر الاعتبار الا وهو موقف ام البنين السياسي من قضية الاسلام، والخط الاصيل للإسلام، فلم تكن معزولة عن حركة المجتمع، وكذلك عن الحياة السياسية، وقضايا الحق والعدل والظلم، بل كانت تشارك مشاركة حقيقية، حسب ما قدر لها، وعندما تقتضي الحاجة والضرورة فإنها تساهم بدرجة بحيث تتعرض للآلام والاذى.
ولأم البنين (عليها السلام) مكانة عظيمة عند المسلمين بشتى طوائفهم فاجتمعت الاراء على ان لها مكانة وشأن عند الله، وانها السيدة المطهرة وفقا للمنظور الاسلامي ولا يشاركها تلك المكانة سوى القليل من النساء، بالإضافة الى ذلك تستمد ام البنين مكانتها عند الشيعة من انها ام لأبناء امير المؤمنين علي ابن ابي طالب (عليهم السلام).
واتفقت الروايات التاريخية ان في الثالث عشر من جمادى الثانية سنة 64هـ توفيت أم البنين ودفنت في البقيع، ولا ينكر أحد من العرب إن قومها من شجعان العرب، فهذا ملاعب الأسنة "أبو البراء" عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب، جد ثمامة والدة أم البنين، حيث لم يعرف العرب مثل شجاعته وفروسيته، ومنهم "الطفيل فارس قرزل"، وهو والد عمرة الجدة الأولى لأم البنين، وكان من شجعان العرب وله أشقاء من خيرة الفرسان منهم ربيعة وعبيدة ومعاوية، ويقال لأمهم أم البنين.
وكذلك "عامر بن الطفيل"، وهو أخو عمرة الجدة الأولى لأم البنين، وكان من ألمع شجعان العرب في شدة بأسه حتى ذاع اسمه بين العرب، بالإضافة الى "عروة الرجال" بن عتبة بن جعفر بن كلاب، والد كبشة الجدة الثانية لام البنين، وكان من الشخصيات البارزة بلاد الحجاز، وكان يفد ملوك عصره فيكرمونه ويجزلون له العطاء ويحسنون وفادته.
نستنتج من ذلك ان امير المؤمنين (عليه السلام) كان يعد ام البنين اعدادا رسالياً وفكرياً لتسليم مهام الرسالة، وانها قامت بالدور الريادي في كشف الانحراف الحاصل بعد ثورة الطف، كما انها اصبحت (عليها السلام) القدوة الكاملة للنساء والرجال على حد سواء لما قدمته من تفان واخلاص في سبيل الدعوة الاسلامية ولما قدمته من نصيحة وايثار وضحت بكل غال ونفيس من اجل ذلك.
جعفر رمضان