يعتقد الاوروبيون الشركاء في الاتفاق النووي ان ما فعلوه بعدم السماح للولايات المتحدة بتمديد الحظر على الاسلحة لايران وقبله عدم الانسحاب من الاتفاق النووي بعد خطوة ترامب، يعتقدون انه كاف وانهم قدموا اكثر مما يجب، بينما الواقع ان ما فعلوه هو اقل الايمان، نظرا للالتزامات التي تعهدوا بها عام 2015 وليس اقلها رفع الحظر عن العمليات المصرفية وتصدير النفط الايراني للخارج وتحديدا الي اوروبا.
فرنسا والمانيا وبريطانيا طالبوا مؤخرا ايران بعدم تنفيذ الخطوات التي اقرها مجلس الشوري الاسلامي في ايران ردا على جريمة اغتيال العالم الشهيد محسن فخري زاده، وابدوا قلقهم من الخطوات الايرانية. هذا الموقف الاوروبي لا يخدم مساعي العودة الى "ستاتيكو" ما قبل 2018. وبالتالي على الاوروبيين اعتماد مقاربة مختلفة بناء على التجارب التي شهدها الاتفاق النووي منذ انتخاب دونالد ترامب رئيسا لامريكا عام 2016.
يمكن فهم وتفسير موقف الثلاثي الاوروبي من زاوية انه يريد توزيع الادوار في المرحلة التي تسبق الدخول في التعاطي الجدي من جديد مع الموضوع النووي الايراني.
فإدارة الرئيس المنتخب جو بايدن ألمحت الى انها تريد العودة الى الحالة التي سبقت انسحاب ترامب من الاتفاق. لكنها اوردت تعبير ان الامر لن يكون سهلا. وبالتالي فان الموقف الاوروبي الاخير لا يمكن وضعه خارج هذا السياق.
= اولا ستسعى ادارة جو بايدن الى وضع شروط جديدة انطلاقا من قاعدة انه يريد انجاز اتفاق (جديد او معدل عن اتفاق 2015) وهكذا ستحاول فرض شروط منها توسيع نطاق الاتفاق ليشمل القدرات الدفاعية الايرانية وفرض مطالب اوسع نطاقا تتعلق بالنشاط النووي السلمي الايراني حتى وان كان بايدن والاوروبيون يعرفون جيدا ان ايران لن تقبل بهذه الشروط بأي شكل.
= ثانيا يسعى الاوروبيون لوضع الضغط على طهران واظهارها بانها هي المطالبة بتقديم تنازلات لاسباب عدة اولها ان الاوروبيين يريدون التغطية على تقصيرهم وعجزهم عن تحقيق اي من تعهداتهم والتزاماتهم في الاتفاق النووي، وثانيها السعي لنزع نقطة القوة من ايدي الايرانيين بعد اغتيال الشهيد فخري زاده واكتساب طهران الحق في الدفاع عن برنامجها النووي وسيادتها ومصلحتها وامنها القومي وهو ما سينعكس على اي مفاوضات او اجراءات ستشهدها المرحلة المقبلة في سياق الاتفاق النووي.
الاميركيون ومعهم الاوروبيون يدركون جيدا ان الامور لن تكون بتلك السهولة التي يتصورونها لفرض الشروط والاملاءات التي يريدونها، والايرانيون مستعدون لاي صعوبة محتملة مستندين الى حقهم في الحصول على ما تعهدت به الاطراف الاخرى في الاتفاق النووي. وبالتالي ليس مهما اي موقف يتخذ الاوروبيون في هذه المرحلة، المهم هو معرفة من سيتمسك بحقوقه ويطالب بها دون انتقاص منها، والمهم ايضا هو من سيكون في موقع الاتهام وتحدي اثبات مصداقيته التي لم ينجح في اثباتها منذ انسحاب الاميركيين من الاتفاق.
حسين الموسوي