دعاؤه عليه السلام في القنوت

اللهم إن عدوي قد استسنَّ (۱) في غلوانه (۲)، واستمر في عداونه، وأمن بما شمله من الحلم عاقبة جرأته عليك، وتمرد في مباينتك، ولك اللهم لحظات سخط بياتا وهم نائمون، ونهارا وهم غافلون، وجهرة وهم يلعبون، وبغتة وهم ساهون، وإن الخناق (۳) قد اشتد، والوثاق (٤) قد احتد، والقلوب قد شجيت (٥)، والعقول قد تنكرت، والصبر قد أودى (٦)، وكاد تنقطع حبائله (۷)، فانك لبالمرصاد من الظالم (۸)، ومشاهدة من الكاظم، لايعجلك فوت درك، ولايعجزك احتاجز محتجز (۹)، وإنما مهلته استثباطا (۱۰) وحجتك على الاحوال البالغة الدامغة ولعبدك ضعف البشرية وعجز الانسانية، ولك سلطان الالهية وملكة الربوبية، وبطشة الاناة وعقوبة التأبيد.
اللهم فان كان في المصابرة لحرارة المعان (۱۱) من الظالمين، وكيد من نشاهد من المبدلين، رضي لك ومثوبة منك فهب لنا مزيدا من التأييد، وعونا من التسديد، إلى حين نفوذ مشيتك فيمن أسعدته وأشقيته من بريتك وامنن علينا بالتسليم لمحتومات أقضيتك، والتجرع لواردات أقدارك.
وهب لنا محبة لما أحببت في مقتدم ومتأخر ومتعجل ومتأجل، والايثار لما اخترت في مستقرب ومستبعد، ولاتخلنا اللهم مع ذلك من عواطف رأفتك ورحمتك وكفايتك وحسن كلاءتك (۱۲) بمنك وكرمك.

*******

(۱) استسر (خ ل)، اقول: استسن: كبر سنّه.
(۲) الغلواء -بالضم وفتح اللام وتسكن- الغلو، واول الشباب وسرعته كالغلوان بالضم، اي واظب على غلّوه في العداوة حتى كبر سنه.
(۳) الخناق: الحبل يخنق به.
(٤) الوثاق: ما يشد به.
(٥) شجيت، حزنت، الشجو: الهم والحزن.
(٦) اودى: هلك.
(۷) الحبائل: عروق الظهر.
(۸) المرصاد: الطريق والمكان يرصد فيه العدو.
(۹) احتجاز محتجز: امتناع ممتنع.
(۱۰) الاستثبات: التثبت والتأني في الامر.
(۱۱) لحرارة المعان: اي من اعين بكثرة الاموال والجنود، فصار بذلك قوياً.
(۱۲) الكلاءة: الحراسة.