تطلب الامر 2750 طناً من "نيترات الامونيوم" المتفجرة، كي يفك لبنان طوق الحصار المفروض عليه منذ اشهر، والذي وضعه في الاقامة الجبرية دون منفذ لتلقّي الاموال او تحويلها او الاستفادة من المساعدات من أي دولة كانت بتوجيه وضغط مباشر من الادارة الامريكية.
ويقول الكاتب السياسي طوني خوري انه ومع التسليم بأن المسؤولين في لبنان على مر السنوات هم المسؤولون الاساسيون عن المرض المزمن الذي ضرب هذا البلد، فإنّ الحصار الخارجي "زاد الطين بلّة"، وها هو اليوم امام محاولات كسره بفعل النكبة والمأساة الكبيرة التي حلّت ب بيروت وحوّلت قسماً كبيراً منها الى ارض قاحلة.وتتابع المصادر ان بلسم التعزية الذي شعر به اللبنانيون، اتى من خلال اعراب دول العالم اجمع عن التضامن والاستعداد لتقديم يد المساعدة في هذ الظرف العصيب،قد تكون الحكومة اللبنانية امام حلقة اخرى من الصعوبات بفعل الكارثة التي حلّت، كونها فعلت لتشكل الفاجعة التي خلّفتها من شهداء وجرحى واضرار مادية امر بضاف على ازمة لبنان الاقتصادية والمالية.
وترى المصادرفي زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان في اليوم الثالث من الانفجار خطوة غير مكتملة لرفع الحصار الامريكي في حين كانت مصادر مطلعة قد افادت ان ماكرون كان ينوي زيارة لبنان خلال الشهر المقبل لكن الكارثة التي ضربت بيروت سرعت هذه الزيارة، واعطتها بعداً انسانياً اضافة الى بعدها السياسي.
واذ يرى متابعون ان الزيارة الرئاسية الفرنسية هي لاستكمال "التأنيب" الدولي الذي بدأه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان خلال زيارته الى بيروت منذ فترة قصيرة، فإن آخرين يجزمون بأن الزيارة تحمل ابعاداً اكبر من تلك المعلنة والمنحصرة بالطابع الانساني بطبيعة الحال.
فرمزية تواجده في بيروت، تعني ان فرنسا ، وهي احدى الدول الكبرى، لم ولن تترك الورقة اللبنانية تنسلّ من بين يديها، خصوصاً في ظلّ اتساع رقعة الصراع على النفوذ في المنطقة.
وفي حين ان المساعدات من مختلف دول العالم قد بدأت تصل الى لبنان وابرزها من الجمهورية الاسلامية والعراق الا انها حملت الطابع الانساني فقط، من مواد طبية و مستشفيات ميدانية و مواد غذائية ، وهذا يعني التزام للمجتمع الدولي بابقاء الحياة في لبنان قائمة بحدها الادنى، دون تغيير في الاستراتيجية المتبعة والقائمة على عدم السماح بنشر الفوضى بمعناها الشامل (اي سقوط لبنان كلياً)، ولا بالعودة الى الحياة الطبيعية فيه الى حين تلبية عدد من الشروط الموضوعة سابقاً.
وبالتالي، فإن ماكرون يعلن بقدومه الى لبنان كأول رئيس بلد من مستوى "صانعي القرار" منذ نشوء المشكلة اللبنانية الحديثة، ان "الامر لي"، وان لا تغيير في قواعد اللعبة القائمة، مع الاصرار على ابراز الدور الفرنسي والباسه صفة اللاعب الرئيسي الاساسي على الساحة اللبنانية، مع ما يعينه ذلك ايضاً من كسب للتعاطف الشعبي الفرنسي معه على ابواب استحقاق داخلي جديد في فرنسا.
ومن ابرز مضامين الرسالة الفرنسية كذلك، انه عند اي تغيير جذري في الاحداث اللبنانية يرتقي الى مصاف الكارثة، ستكون فرنسا حاضرة بقوة، وما الاعلان عن فتح النيابة العامة الفرنسية تحقيقاً في اصابة 21 فرنسياً في انفجار بيروت، سوى دليل اضافي على عزم هذا البلد في الامساك بالورقة اللبنانية بشدة من كل نواحيها وتحتم المصادر انكسر الحصار عن لبنان لأغراض واهداف انسانية، ويبقى الحصار الاساسي قائماً رغم زيارة ماكرون، فما الذي سيحدث بعدها.
الكاتب والاعلامي / حسين عزالدين