البث المباشر

قصة اهتداء الأستاذ إدريس الحسيني - ۱

الأربعاء 31 أكتوبر 2018 - 13:27 بتوقيت طهران

بسم الله وله الحمد والثناء إذ رزقنا معرفة ومحبة وموالاة صفوته الطيبين محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج نخصصها لنقل معالم قصة اهتداء الكاتب المغربي الأستاذ إدريس الحسيني إلى الدين الحق، ملخصه مما كتبه بقلمه في كتابه الشهير (لقد شيعني الحسين عليه السلام) تابعونا على بركة الله.

مستمعينا الأفاضل كنا قد نقلنا لكم في أولى حلقات هذا البرنامج التي بثت سنة ۱٤۳۳ للهجرة قصة اهتداء الأستاذ إدريس الحسيني، ثم وجدنا بعد ذلك إلتفاتات دقيقة لآثار ومميزات الهداية الحسينية مستفادة من تجربة الأخ إدريس الذاتية سجلها في كتابه المذكور، فعن بداية الإنطلاقة يقول الأستاذ إدريس:
 

وقع بين يدي كتابان يتحدثان عن فاجعة كربلاء وسيرة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (ع) الأمر هنا أشد مرارة من ذي قبل، إنني ولأول مرة أجد كتاباً يحمل لهجة من نوع خاص، مناقضة تماماً لتلك الكتب التي عكفت على قراءتها. لم أكن أعرف أن صاحب الكتاب رجل شيعي لأنني ما كنت أتصور أن الشيعة مسلمون! فكانت تختلط عندي المسألة الشيعية بالمسألة البوذية أو السيخية، وفجأة وجدت نفسي مخدوعا، لماذا هؤلاء لا يكشفون الحقائق للناس، كما هي في الواقع؟ لماذا يتعمدون إبقاءنا على وعينا السخيف تجاه أكبر وأخطر مسألة وجدت في تاريخ المسلمين؟ ثم لماذا لا يتأثرون بفاجعة الطف العظمى، تلك التي ماجت في دمي الحار بالأنصاف والتوق إلى العدالة، فتدفقت بالحسرة والرفض والمطالبة بالحق الضائع في منعطفات التاريخ الإسلامي).
وكما تلاحظون مستمعينا الأكارم، فإن في هذه العبارات ما يشير بوضوح إلى قوة الهزة التي توجدها فاجعة الطف في وجدان كل مسلم، فتبعث فيه روح البراءة من الظلم والظالمين مهما كانت الأغطية التي يتسترون بها.
 

يقول الأستاذ إدريس المغربي في تتمة حديثه عن آثار الهزة التي أوجدها في قلبه إطلاعه على الملحمة الحسينية؛
(فاجعة الطف هذه وحدها الحدث الذي أعاد رسم الخريطة الفكرية والنقية في ذهني، إن هذا الظلم الذي أشكو منه اليوم ليس جديداً على الأمة، فلقد سبقه ظلم أكبر، وعلى أساس هذا الظلم القديم قالت لي أفكاري إن هؤلاء الظالمين اليوم يسلكون طريقاً أسسه رجالات كانوا يشكلون حجر عثرة أمام مسيرة الأئمة من آل البيت (ع) حتى إذا ورد جيل المحنة حالياً، فأراد أن ينظم مشروعاً لمعارضة الظلم السياسي في الأمة على قاعدة الظلم نفسه الذي كان سبباً في التمكين لهؤلاء الظلمة، هنا ترى تناقضاً رهيباً بين تنزيه ظلمة الماضي وتثوير المجتمع على ظلمة الحاضر، فما الفرق بين الماضي والحاضر).
 

أيها الإخوة والأخوات.. إن التأثر بوقائع الملحمة الحسينية لا ينحصر في إطار التفاعل الوجداني معها كمأساة تأريخية وقعت وانتهى الأمر، بل يمتد هذا التأثر لكي يهدي الإنسان إلى معرفة هوية أولياء الله الصادقين الذين يجب عليه اتباعهم والإنضمام إلى جبهة أوليائهم وشيعتهم وهوية أعداء الله من المنافقين والظالمين والذين يجب عليه البراءة منهم ومن فعالهم ومن أشياعهم المعاصرين.. وهذا سر من أسرار خلود الملحمة الحسينية في هداياتها إلى الله وإلى يوم القيامة.
 

يقول أخونا الأستاذ إدريس المغربي في كتابه (لقد شيعني الحسين عليه السلام) وهي يحكي تفاعلات إطلاعه على واقعة الطف في نفسه؛
(وجدت نفسي أمام موجة عارمة من التساؤلات التي جعلتني أقف على قاعدة إعتقادية صلبة، إنني لست من اولئك الذين يحبون أن يخدعوا أو ينوموا. لا أبدا، لا أرتاح حتى أجدد مطلقاتي وأعالج مسلماتي! فلتقف حركتي في المواقف ما دامت حركتي في الفكر صائبة. هنا لا أتكلم عن الأوضاع الأخرى التي ضيقت علي السبيل وإعلان البعض، غفر الله لهم، عن مواقفهم الشاذة تجاه قضية كهذه لا تحتاج إلى أكثر من الحوار! إن هذه الفكرة التي انقدحت في ذهني باللطف الإلهي جعلتني أدفع أكبر ثمن في حياتي وكلفتني الفقر والهجرة والأذى، وما زادني في ذلك إلا إيمانا وإصرارا، إن هذه الطريق، طريق وعرة، فيه تتجلى أقوى معاني التضحية وفيه يكون الإستقرار والهناء بدعا، فأئمة هذه الطريق – عليهم السلام – ما ارتاح لهم بال ولا قر لهم جنان، لقد يتموا وذبحوا وحوربوا عبر الأجيال!)
ونلاحظ هنا أيها الأفاضل أثراً آخر من آثار الإهتداء إلى الله عزوجل ببركة التفاعل الوجداني مع ملحمة سيد الشهداء – صلوات الله عليه – وهو أن هذا التفاعل يزود الإنسان بروح الإستقامة والثبات في مواجهة الصعاب المتنوعة التي تعترض طريق الهداية، هذا الروح تتولد بصورة لا إرادية بوسيلة التفاعل القلبي مع التضحيات الحسينية.
 

يتابع الأخ إدريس الحسيني المغربي حديثه عن قصة هدايته وهو يواصل البحث عن الإجابات الشافية لأسئلة الولاء والبراءة التي أثارها فيه إطلاعه على مجريات واقعة كربلاء، قال حفظه الله؛
(كنت أطرح دائماً على أصدقائي قضية الحسين المظلوم، وآل البيت (ع) لم أكن أطرح شيئاً آخر، فأنا ضمآن إلى تفسير شاف لهذه المآسي لأنني وبالفطرة التي أكسبنيها الله جلا وعلا، لم أكن أتصور، وأنا مسلم القرن العشرين، كيف يستطيع هؤلاء السلف أن يقتلوا آل البيت (ع) تقتيلا! لكن أصحابي ضاقوا مني وعز عليهم أن يروا فكري يسير حيث لا تشتهي سفينة الجماعة وعز عليهم أن يتهموني في نواياي وهم قد أدركوني منذ سنين البراءة وفي تدرجي في سبيل الدعوة إلى الله. قالوا بعد ذلك كلاما جاهليا، لشد ما هي قاسية قلوبهم تجاه آل البيت (ع) ومن هنا بدأت القصة!).
 

ويشهد الخالق وهو حسبي، أنني كنت أسهر الليالي وأنا أقرأ وأدعو الله أن يجد لي مخرجا وكان دعائي الذي يلازمني هو: [اللهم أرني الحق حقا وارزقني إتباعه وأرني الباطل باطلا وارزقني اجتنابه] إن العادة قبحها الله حالت دوني وبين التغير، وما أصعب المرء وهو يتحول من مذهب لآخر، وما أشد برزخ الإنتقال الإعتقادي، لابد لي إذا من محفز روحي يشجعني على هذا الإنتقال، لابد من شمة رحمانية تكشف لي الغطاء عن الإختيار الرشيد، كانت ليلة غنية بطلب الرحمان والإلحاح عليه لكشف هذه الغمة عني، فلقد أوصلني عقلي إلى هذه النقطة ولم يبق لي إلا التوسل بالخالق الجليل).
 

مستمعينا الأطائب، وقد تمثلت هذه النفحة الرحمانية التي طلبها هذا الأخ برؤيا صادقة أعانته في التغلب على التثاقل النفساني، وملخص هذه الرؤيا هو الذي جاء في قوله؛
(في تلك الليلة رأيت رؤيا، أودعت في قلبي طمأنينة رائعة، رأيت أني قصدت بيت رسول الله، دخلت عليه (صلى الله عليه وآله) وسلمت عليه وعيني من الرهب دامعة، وكان الطعام الذي وضعه – صلى الله عليه وآله – إلي من جنس طعام العرب، لكنه خال من اللحم، كنت منشغلاً بطرح السؤال فأخشى أن تفوتني هذه الفرصة، فسألته عن الشيعة ومآسيهم وأن هذا حتماً يؤلمه، فطأطأ رأسه وقال لي: نعم يا بني، نعم، ثم دعاني إلى الطعام.. فأكلت والدموع لما تجف من عيني).
 

إخوتنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، كانت هذه مقتطفات من قصة اهتداء المفكر الإسلامي المغربي الأستاذ إدريس الحسيني إقتبسناها من كتابه الشهير (لقد شيعني الحسين عليه السلام) لحلقة اليوم من برنامجكم (بالحسين اهتديت) نشكر لكم حسن الإصغاء وإلى لقاء مقبل دمتم بألف خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة