نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ(دعاء علقمة او صفوان) وهو الدعاء الذي وظف لقراءته بعد زيارة الامام علي والامام الحسين عليهما السلام، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونحدثك الان عن الجديد من ذلك والجديد هو ان هذا الدعاء بعد ان تحدث عن توسلات القارئ بالله تعالى بانجاز حاجاته اتجه الى مخاطبة الامامين عليهم السلام، ومع ان هذه المخاطبة تنتسب الى الزيارة وليس الى الدعاء الا ان تمريرها في سياق الدعاء يفرض علينا ملاحظتها وهذا ما نبدأ به الان. يقول النص: (يا امير المؤمنين ويا ابا عبد الله عليكما مني سلام الله ابداً ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد من زيارتكما ولا فرق الله بيني وبينكما).
ان هذا المقطع من النص خاص بمخاطبة الامامين عليهما السلام كما قلنا ونعرض لهما الان فنقول ان هذا النمط من التداخل بين الدعاء وبين الزيارة يمكننا ان نستخلص منه دلالة خاصة هي وثاقة الصلة او الخيط غير المنفصل بين الله وبين اوصياء محمد(ص) النبي وثق الصلة غير المفترقة بين القرآن الكريم كتاب الله وعترته ومن ثم فما دام التوسل بهم عليهم السلام يجسد الوسيلة الى الله تعالى، حينئذ فالتداخل بين الدعاء وبين زيارتهم يفسر لنا هذه الظاهرة.
والمهم الان هو ملاحظة هذه الفقرة المتخللة نص الدعاء متمثلة في العبارة المخاطبة للامامين عليهما السلام (عليكما مني سلام الله ابداً ما بقيت وبقي الليل والنهار)، هذه الفقرة تحتاج الى القاء الانارة على نكاتها وهذا ما نبدأ به الان.
لعلك تتساءل اولاً: فتقول السلام عليهما ابداً في الفقرة القائلة (عليكما مني سلام الله ابداً) ماذا تعني؟
الجواب هو: ثمة نكات في هذا الشأن منها ان السلام هو من الله تعالى بواسطة قارئ الدعاء وهذا يفصح عن العاطفة الحادة لدى قارئ الدعاء عبر نقله سلام الله تعالى.
ثانياً: نلاحظ بان السلام عليهما أي الامامين قد اتسم بكونه ابدياً وليس مؤقتاً بزمن الدعاء فحسب وهذا يجسد نكتة اخرى.
وهناك ثالثاً: ثمة تساؤل اذا كان السلام ابداً فماذا نستلهم من عبارة ما بقيت ثم من عبارة ما بقي الليل والنهار؟ اذا قلنا ان السلام هو ابدياً حينئذ يعني هذا ان قارئ الدعاء ما دام حياً فان سلامه لا ينحسر ابداً وكذلك فان الزمن ما دام باقياً فان سلام القارئ للدعاء لا ينقطع ايضاً بيد ان النكتة هنا تتمثل في التساؤل عن معنى ما بقي الليل والنهار، أي ما هو السر الكامن وراء هذه العبارة التي تقرأ على السنتنا؟ الا نستخلص منها نكتة خاصة؟ الا ينبغي ان نفهمها ما دمنا قارئين للدعاء المذكور وسواه؟ ان الامر لكذلك.
اذن لنتحدث فنقول ان الليل والنهار آية من آيات الله تعالى فللنهار معطياته التي اشار القرآن اليها، وكذلك الليل من هنا فان الربط بينهما وبين ابدية السلام على الامامين عليهم السلام يفسر لنا وثاقة الصلة بين الموضوعين يبقى في نهاية المطاف ان نحدثك عن العبارة القائلة (ولا جعله الله آخر العهد من زيارتكما)، ثم عبارة (ولا فرق الله بيني وبينكما).
هنا نلفت نظرك سريعاً الى النكات الكامنة في هاتين العبارتين فبالنسبة الى التوسل بالله تعالى الا يجعل زيارتنا لهما آخر العهد فان ذلك يعني ما دام قارئ الدعاء حياً فان استثمار حياته في زيارتهما ينبغي الا نغفل عنه، واما بالنسبة الى الفقرة الاخيرة أي ولا فرق الله بيني وبينكما فتعنى بوضوح ان زيارتنا لهما في الدنيا سوف لا تنقطع عن زيارتنا او مجاورتنا لهما في مراحل الاخرة جميعاً.
اذن لم نلاحظ من المعطيات الضخمة التي يوفق الزائر لنيلها عبر صلته بالامامين عليهم السلام وانعكاساتها على حياته الابدية؟ هذا ما ينبغي ان نشكر الله تعالى عليهم.
ختاماً نتوسل الى الله تعالى ان يوفقنا الى زيارتهما عليهم السلام وان يجمع بيننا وبين محمد(ص) واهل بيته بعامة وان يوفقنا الى الطاعة لله تعالى، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.