فقال سلام الله عليه: إِنَّ اَلنَّاسَ وَرَائِي وقَدِ اِسْتَسْفَرُونِي بَيْنَكَ وبَيْنَهُمْ، ووَاَللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ، مَا أَعْرِفُ شَيْئاً تَجْهَلُهُ، ولاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَمْرٍ لاَ تَعْرِفُهُ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ، مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْءٍ فَنُخْبِرَكَ عَنْهُ، ولاَ خَلَوْنَا بِشَيْءٍ فَنُبَلِّغَكَهُ،
وقَدْ رَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا، وسَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا، وصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلََّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ كَمَا صَحِبْنَا، ومَا اِبْنُ أَبِي قُحَافَةَ، ولاَ اِبْنُ اَلْخَطَّابِ، بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّمِنْكَ، وأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى أبي رَسُولَ اللَّهِ صَلََّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ، وَشِيجَةَ رَحِمٍ مِنْهُمَا، وقَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِهِ مَا لَمْ يَنَالاَ، فَاللَّهَ اَللَّهَ، فِي نَفْسِكَ، فَإِنَّكَ واَللَّهِ مَا تُبَصَّرُ مِنْ عَمًى، ولاَ تُعَلَّمُ مِنْ جَهْلٍ، وإِنَّ اَلطُّرُقَ لَوَاضِحَةٌ، وإِنَّ أَعْلاَمَ اَلدِّينِ لَقَائِمَةٌ، فَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادَ اللَّهِ عِنْدَ اَللَّهِ، إِمَامٌ عَادِلٌ، هُدِيَ وهَدَى، فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً، وأَمَاتَ بِدْعَةً مَجْهُولَةً، وإِنَّ اَلسُّنَنَ لَنَيِّرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وإِنَّ اَلْبِدَعَ لَظَاهِرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وإِنَّ شَرَّ اَلنَّاسِ عِنْدَ اَللَّهِ، إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وضُلَّ بِهِ، فَأَمَاتَ سُنَّةً مَأْخُوذَةً، وأَحْيَا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً، وإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلََّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ يَقُولُ، يُؤْتَى يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ بِالْإِمَامِ اَلْجَائِرِ، ولَيْسَ مَعَهُ نَصِيرٌ ولاَ عَاذِرٌ، فَيُلْقَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيَدُورُ فِيهَا، كَمَا تَدُورُ اَلرَّحَى، ثُمَّ يُرْتَبَطُ فِي قَعْرِهَا، وإِنِّي أَنْشُدُكَ اَللَّهَ أَنْ لا تَكُونَ إِمَامَ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ اَلْمَقْتُولَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُقَالُ، يُقْتَلُ فِي هَذِهِ اَلْأُمَّةِ إِمَامٌ، يَفْتَحُ عَلَيْهَا اَلْقَتْلَ واَلْقِتَالَ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ، ويَلْبِسُ أُمُورَهَا عَلَيْهَا، ويَبُثُّ اَلْفِتَنَ فِيهَا، فَلاَ يُبْصِرُونَ الْحَقَّ مِنَ اَلْبَاطِلِ، يَمُوجُونَ فِيهَا مَوْجاً، ويَمْرُجُونَ فِيهَا مَرْجاً، فَلاَ تَكُونَنَّ لِمَرْوَانَ سَيِّقَةً، يَسُوقُكَ حَيْثُ شَاءَ، بَعْدَ جَلاَلِ اَلسِّنِّ، وتَقَضِّي اَلْعُمُرِ.
فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: كَلِّمِ اَلنَّاسَ فِي أَنْ يُوَجِّلُونِي، حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْهِمْ مِنْ مَظَالِمِهِمْ.
فَقَالَ عليه السلام: مَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَلاَ أَجَلَ فِيهِ، ومَا غَابَ فَأَجَلُهُ وُصُولُ أَمْرِكَ إِلَيْهِ.
ومن عبارات الامام علي عليه السلام القصار في نهج بلاغته:
قوله: أَيُّهَا اَلنَّاسُ، لِيَرَكُمُ اَللَّهُ مِنَ اَلنِّعْمَةِ وَجِلِينَ، كَمَا يَرَاكُمْ مِنَ اَلنِّقْمَةِ فَرِقِينَ، إِنَّهُ مَنْ وُسِّعَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ، فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ اِسْتِدْرَاجاً فَقَدْ أَمِنَ مَخُوفاً، ومَنْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ، فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ اِخْتِبَاراً فَقَدْ ضَيَّعَ مَأْمُولاً.
وَقَالَ عليه السلام: يَا أَسْرَى اَلرَّغْبَةِ أَقْصِرُوا، فَإِنَّ اَلْمُعَرِّجَ عَلَى اَلدُّنْيَا، لاَ يَرُوعُهُ مِنْهَا إِلاَّ صَرِيفُ أَنْيَابِ اَلْحِدْثَانِ، أَيُّهَا اَلنَّاسُ، تَوَلَّوْا مِنْ أَنْفُسِكُمْ تَأْدِيبَهَا، واِعْدِلُوا بِهَا عَنْ ضَرَاوَةِ عَادَاتِهَا.