بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد حمد الشاكرين والصلاة والسلام على النبي الخاتم الأمين وعلى آله الأطهرين.
إخوة الإيمان أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (نهج الحياة) وتفسير آيات أخرى من سورة الشعراء نستهله بالآيات من المائة وثماني وثمانين الى المائة وإحدى وتسعين:
قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿١٨٨﴾
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿١٨٩﴾
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٩٠﴾
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٩١﴾
أشارت الآيات التي تناولناها في الحلقة السابقة الى أن أصحاب الأيكة وهم أهل مدين وما جاورها كذبوا النبي شعيباً باعتباره من المسحرين لا يعي ما يقول، فقالوا له ساخرين مكذبين بما جاءهم من عند الله (وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكافرين*فأسقط علينا كسفاً من السماء إن كنت من الصادقين) والكسف كما مر قطع حجارة كبيرة، والآيات التي استمعتم لها آنفاً تحكي الأولى منها جواب شعيب وهو: (قال ربي أعلم بما تعملون) أي إن الله يفعل بكم ما يشاء... فالله إن شاء أن يعاقبكم على ما أنتم فيه أو لا يعاقبكم.
ثم تبين الآية اللاحقة نزول العذاب بقوله تعالى (فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة) أي: عذاب يوم حرور حبس عنهم الريح ثم غشيتهم سحابة فتطلع إليها القوم رجاء هطول المطر والحد من حرارة الجو، لكنهم بوغتوا بصاعقة مهلكة أحالت الأرض جهنم أحرقت الزرع والحرث ومن فيها من أصحاب الأيكة أثناء ذلك ضربت المنطقة أيضاً هزة أرضية قوية قضت على القوم الكافرين المعاندين.
تفهمنا الآيات المتقدمة حقائق عدة منها:
- علينا أن لا نبدي وجهات النظر في كيفية معاقبة المذنبين أو نسبتها.. فحتى الأنبياء كانوا يتجنبون ذلك ويوكلون الأمر الى الله عزوجل.
- حب الدنيا والمال وراء مواجهة الأنبياء ومحاربتهم وتكذيب رسالتهم، التكذيب الذي جزاؤه شقاء الدنيا وعذاب الآخرة.
والآن نبقى مع الآيات المائة والإثنتين وتسعين الى المائة وخمس وتسعين من سورة الشعراء المباركة:
وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٩٢﴾
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴿١٩٣﴾
عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ ﴿١٩٤﴾
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ﴿١٩٥﴾
ثم بين سبحانه أمر القرآن بعد أن قص على نبيه الخاتم سبع قصص من قصص الأمم السابقة من أقوامهم سبعة من رسل السماء وما أصاب أقوامهم المعاندين العتاة من هلاك ودمار، وهذه الآيات تصف: القرآن المشتمل على هذه القصص وسواها منزل من الله رب العالمين بواسطة الروح الأمين جبرئيل حيث نزل به على قلب سيد المرسلين – صلى الله عليه وآله – نزل به بصدق وأمانة وكاملاً غير منقوص مبيناً للناس جميعا ما في القرآن ليكون منذراً لمن أبى وتكبر بلسان عربي مبين فصيح وبليغ منزه عن التحريف والإبهام والإعوجاج.
تفيدنا هذه الآيات:
- بوجود تنسيق بين نظام التشريع ونظام التكوين، بعبارة أخرى أن من يوحي ويشرع القوانين لسعادة الإنسان، إنما هو خالق الكون والمدبر لنظام الخلييييقة وعالم الوجود.
- القرآن؛ إنما هو وحي منزل من الله ومصون من كل تحريف أو انحراف.
- سنة الله؛ هي إرسال الأنبياء والرسل لتحذير الناس وتوعية الغافلين ومن ضلوا طريق الهداية والرشاد.
نستمع الآن الى الآيتين المائة وست وتسعين والمائة وسبع وتسعين من سورة الشعراء المباركة:
وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ﴿١٩٦﴾
أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿١٩٧﴾
توكيداً لأحقية القرآن وفصاحته التي تحدى بها فصحاء العرب وخلوه من أي تحريف أو انحراف، تؤكد هاتان الآيتان إنه: بوسع مشركي مكة الرجوع الى علماء اليهود أو أحبارهم فقد ورد وصف النبي محمد صلى الله عليه وآله وكتابه وهو القرآن في كتب الأقدمين، وبما في ذلك التوراة إن كانوا في يب من حقيقة القرآن الكريم وأحقية هذا الكتاب السماوي المبين.
ولولا وجود هذه البشارة التي جاءت بها التوراة، ولولا علم الأحبار بذلك، لما حاججهم القرآن بهذه البشارة وقرأها النبي في آيات على الناس، وإلا لأنكروا عليه ذلك وكذبوه.
بينت لنا الآيتان:
- وجود البشارات في الكتب السماوية السابقة كالتوراة بظهور النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكتابه القرآن الكريم.
- سبق أن كان مضمون ومفهوم الكثير من آيات القرآن الكريم، قد وردا في الكتب السماوية، إلا أن ذلك المضمون والمفهوم كان قد نزل بأكمل صورة على قلب النبي الأكرم عليه وعلى آله الصلوة والسلام.
- كان الأحبار وهم علماء اليهود على علم بأحقية القرآن الكريم، إلا أن ما منعهم من الإيمان بالقرآن وبالرسول الخاتم هو حفظ مصالحهم والمناصب التي كانوا يتبؤونها.
وختاماً، لكم منا أعزاءنا المستمعين أجمل الأمنيات وأحلى الأوقات.. على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة من البرنامج نستودعكم الله والسلام عليكم.