في تاريخ إيران المعاصر، يرتبط اسم الإمام الخميني (رض) بمفاهيم الاستقلال ومقاومة الهيمنة والاستكبار العالمي.
يُعتبر فكر وسلوك مؤسس الجمهورية الإسلامية مدرسة فكرية - سياسية مستقلة وديناميكية، قدمت رداً حاسماً على أي شكل من أشكال الهيمنة، سواء كانت سياسية أو عسكرية أو فكرية وثقافية.
وتستمر هذه المدرسة اليوم في صمودها تحت توجيه قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي.
منذ بداية نهضته، رسم الإمام الخميني (رض) خطاً فاصلاً بين الحق والباطل، معتبراً واجهة الاستكبار رمزاً للظلم، ولم يقتصر مفهوم الاستكبار لديه على العدوان العسكري أو الهيمنة الاقتصادية، بل شمل أيضاً الهيمنة الفكرية وفرض نمط الحياة الغربي.
وفي مواجهة هذا النوع من الهيمنة، اعتمد الإمام على الأصالة الإسلامية وكرامة المسلمين، مستلهماً تعاليم القرآن الكريم، وداعياً المسلمين إلى الثبات والثقة بالنفس.
قاد الإمام الخميني (رض) البلاد في مواجهة تجاوزات النظام البهلوي والهيمنة الأمريكية، معززاً روح المقاومة في الأمة الإيرانية. مارس الجهاد الأصغر (محاربة العدو الخارجي) والجهاد الأكبر (محاربة الأنا وتربية الإنسان الصامد) في آنٍ واحد، مما حول الأمة الإيرانية إلى أمة صامدة ويقظة.
مواجهة الهيمنة الفكرية والحضارية للغرب
من أبرز جوانب فكر الإمام الخميني (رض) هو مكافحة الهيمنة الفكرية الناعمة للغرب، في وقت تأثرت فيه العديد من النخب والحركات الفكرية في العالم الإسلامي بالحداثة الغربية، أكد الإمام على العودة إلى الهوية الإسلامية والاجتهاد الحديث.
لم يستسلم الإمام للانصهار الفكري بين الإسلام والتعاليم الليبرالية أو الاشتراكية، بل قدم نموذج ولاية الفقيه، مما أضفى تناغماً بين الجمهورية والإسلام.
هذا الابتكار قدم نموذجاً فريداً في مواجهة النماذج الغربية، حيث طرح نظاماً فكرياً حضارياً بديلاً لا يزال يُلهم حركات المقاومة في المنطقة والعالم الإسلامي.
استمرار نهج الإمام في قيادة آية الله الخامنئي
بصفته خريجاً وتلميذاً بارزاً في مدرسة الإمام الخميني (رض)، واصل آية الله الخامنئي النهج المناهض للاستكبار في المجالات النظرية والثقافية والعملية. رفع راية المقاومة من خلال التأكيد على الاستقلال السياسي والثقافي والاقتصادي، خاصة في مواجهة نفوذ الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.
أكد قائد الثورة الاسلامية في تصريحات عديدة أن التراجع أمام تجاوزات الأعداء لا يجلب الأمن، بل يؤدي إلى مزيد من الغطرسة. لذا، فإن السبيل الوحيد لمواجهة الاستكبار هو الوقوف بذكاء وإيمان.
أسس الإمام الخميني (رض) مدرسة مناهضة للاستكبار، متمحورة حول الشعب، لا تزال قائمة اليوم بقيادة آية الله الخامنئي. هذه المدرسة، المستندة إلى التعاليم الإسلامية والعقلانية السياسية، صمدت وستصمد في وجه أي تجاوزات من جانب الأعداء.
في عالمٍ مُعرَّض لضغوط النظام المُهيمن، فإن إعادة قراءة فكر الإمام الخميني وتعزيزه هو ضرورة استراتيجية للحفاظ على الهوية الوطنية الإيرانية واستقلالها، ونموذج شامل لنهضة الأمم. وكما قال قائد الثورة الاسلامية: "الإمام الخميني حقيقةٌ خالدة"، وستظل هذه الحقيقة مُلهمةً لمسيرة الثورة الإسلامية القادمة.