بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
حضرات المستمعين الكرام السلام عليكم وأهلاً بكم في حلقة أخرى وجديدة من برنامج [نهج الحياة] في هذه الحلقة تفسير للآيات من الرابعة حتى التاسعة من سورة الفرقان المباركة ونبدأ من الآية الرابعة وهي قوله تعالى:
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ﴿٤﴾
إن من يقرأ التاريخ يرى أن الكفار على مدى الزمان يثيرون الشبهات ضد الأديان ويثيرون حول شخصيات الأنبياء (ع) الشكوك ويتهمونهم بغير حق.
ويقول الكافرون زوراً وبهتاناً ان الأنبياء (ع) كذابون يدعون النبوة للحصول على مكاسب دنيوية، كبرت كلمة خرجت من أفواههم وساء ما يقولون.
والكفار بعد هذا يشككون في حقانية الكتب السماوية، إنهم ينكرون نزولها من قبل الله تعالى يدعون أن هناك للأنبياء معلمين يعلمونهم ويديرون الأمور من وراء الستار كي يصلوا هم كذلك الى مآربهم.
وأقوال الكفار هذه مرفوضة جملة وتفصيلاً فهي لا تطابق الواقع ولا تستند الى الحق، بل قوامها الباطل والبهتان، فهم يلجأون الى تلفيق التهم للأنبياء (ع) والكتب السماوية المقدسة لأنه ليس لديهم القدرة على سلوك طريق الإستدلال المنطقي.
والمستفاد من نص الآية الرابعة من سورة الفرقان أمران هما:
- تكذيب الأنبياء من عمل الكفار لتبرير كفرهم.
- لطالما لجأ المعاندون الى هذه الدروب المعوجة لمواجهة رسالات السماء.
ويقول تعالى في الآيتين الخامسة والسادسة من سورة الفرقان المباركة:
وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿٥﴾
قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿٦﴾
الآية الخامسة تحدثت عن تهمة أخرى يلصقها الكفار بالكتاب السماوي المقدس أي القرآن، حيث يقولون أن ما ورد فيه من قصص ما هي إلا أساطير الأولين، أي أنها غير واقعية استنسخت من كتب الأقدمين.
وتمادى كفار مكة في غيهم وضلالهم حين أنكروا نبوة النبي الخاتم (ص) وقالوا أنه لم يكن على اتصال بالوحي الإلهي، وانه قرأ كتب الأولين واستخلص منها القرآن، وهذا كذب واضح فرسول الله (ص) لم يتتلمذ إلا في مدرسة الوحي والتنزيل.
ولم يكن القرآن أو ليس القرآن كتاب قصص حيث حوى المعارف الأخرى من العقائد والأحكام الشرعية والمباني الأخلاقية وهذه الأمور لم تكن موجودة في شكلها القرآني في الكتب السماوية التي سبقت القرآن.
ومع كل هذه التوجهات نحو الأغراض الشخصية من قبل الكفار فإن الله يغفر لهم هذه الزلات إن هم تابوا وعادوا الى سواء السبيل، فرحمة الله واسعة وهو أرحم الراحمين.
ويفيدنا النص المفسر الآتي:
- القرآن هو آيات الوحي الإلهي وليس للبشر أي دور فيه.
- ان طريق التوبة مفتوحة حتى أمام الكفار الذين زعموا أن القرآن أسطورة وكذبوا النبي (ص) إن عادوا الى سواء السبيل.
ولنستمع الآن الى تلاوة الآيات السابعة والثامنة والتاسعة من سورة الفرقان، حيث يقول جل شأنه:
وَقَالُوا مَالِ هَـٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ۙ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ﴿٧﴾
أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا ۚ وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا ﴿٨﴾
انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ﴿٩﴾
في إطار النظرة الضيقة للكفار يرى هؤلاء أن النبي لابد أن يتميز عن سائر الناس فلا تكون له صبغة بشرية تضطره الى أكل الطعام وشرائه من الأسواق؛ كما لابد أن يكون له ملك يلازمه ويظهره للناس.
وازداد كفر البعض وانحرافهم عن سبيل الحق حين وصفوا النبي (ص) بأنه مجنون وإنه مسحور وليس إنساناً سوياً.
وأخطأ الكفار حين تصوروا أن الأنبياء (ع) كالملوك والأباطرة.
إن الأنبياء ليسوا ملوكاً وسلاطين إنهم هداة للبرية و البشرية، ليس همهم الجاه والثروة والمال، بل هدفهم السامي الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
والدروس المأخوذة من النص المفسر هي:
- إن القادة الربانيين هم الذين يعيشون بين أبناء الأمة لا أن تفصلهم عنها الأسوار العالية.
- إن من كمال الشخصية الرسالية هو اختيارها من بين الناس والله أعلم حيث يجعل رسالته.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا وصلنا الى نهاية حلقة أخرى من برنامج [نهج الحياة] من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
الى اللقاء والسلام خير ختام.