البث المباشر

تفسير موجز للآيات 19 الى 22 من سورة ابراهيم

الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 12:31 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 418

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلام على النبي المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وآله الطاهرين.

السلام عليكم مستمعينا الأفاضل لقاء آخر من نهج الحياة يجمعنا واياكم الى مائدة القرآن حيث ننور قلوبنا بآياته البينات وتفسير موجز لها.

وكنا قد أنهينا تفسير 18 آية من سورة ابراهيم عليه السلام، والآن نستمع الى تلاوة الآيتين التاسعة عشرة والعشرين من هذه السورة المباركة.

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۚ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴿١٩﴾

 وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ بِعَزِيزٍ ﴿٢٠﴾

الآيات السابقة تحدثت عن كفر بعض الناس وتكذيبهم رسالات الأنبياء عليهم السلام ويوم المعاد.

والنص الشريف الذي استمعتم اليه، يبين أن خلق السموات والأرض والناس والكائنات أجمع لم يكن أمرا عبثا ذلك أن الملحدين الذين ينكرون وجود الخالق العظيم، يتصورون وتصورهم بلا أدنى ريب خاطيء أن الكون بكل ما فيه من موجودات وجد صدفة وإن الطبيعة هي التي أوجدت كل شيء على حد زعمهم.

لكن الحق هو أن الوجود برمته هو من خلق الله الباري العظيم أبدعه وأحسن تصويره. نعم، الله تعالى خلق كل شيء على أساس حكمة متعالية وهو جلت قدرته،خلق الانسان و أسكنه الأرض ولو شاء لخلق غير الانسان وجعله عنه بديلا وفوق كل هذا فإن الوجود له هدف ولم يوجد عبثا كما يحلو للبعض أن يقول.

وما نتعلمه من هذا النص:

  •  ليس الله تعالى بمحتاج وجودنا، فكيف بعبادتنا إنه تعالى لا حاجة له بالانسان وعبادته فهو الغني الحميد، وبعد كل هذا ما معنى الغرور والتكبر عند الانسان؟
  •  إن خلق الانسان جاء إكمالا لخلق العالم وكل هذا الخلق على أساس الحكمة الربانية.

 

والآن نستمع الى تلاوة الآية الحادية والعشرين من سورة ابراهيم:

وَبَرَزُوا لِلَّـهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ ۚ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّـهُ لَهَدَيْنَاكُمْ ۖ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ﴿٢١﴾ 

الملاحظ في المجتمعات البشرية على مر الزمان واختلاف المكان أن عامة الناس ينقادون الى الساسة والحكام. وعلى هذا إذا كان اولئك الحكام فاسدين، فإنهم يجرون الناس الى الفساد.

وفي الثقافة القرآنية الأصيلة فإن الناس ليسوا عبيدا للناس حتى وإن كانوا من الحكام والملوك؛ إنما العبودية لله سبحانه وتعالى وقد أوجب الله طاعته على الخلق وحث على طاعة الوالدين من قبل الأبناء وطاعة الزوج من قبل الزوجة، لكن لا طاعة هنا إذا ما أدت الى معصية الله عزوجل إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

ويستفاد من هذا النص أن من يطع الفاسدين في الدنيا يحشر معهم في الآخرة ليس له سبيل نجاة، بل له الندم والخسران ولات حين مندم.

إن المستكبرين كانوا يقولون للأنبياء عليهم السلام والدعاة الى سبيل الله لا حاجة لنا بمواعظكم وإنا لطريقنا سالكون.

وما نتعلمه من هذا النص:

  •  إن هداية أو ضلال الحكام له دور كبير في سعادة الناس أو شقائهم، إذ الهداية فيها سعادة والضلال فيه شقاء ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
  •  إن من يتلبسون ثياب التكبر في الدنيا ليس لهم في الآخرة إلا الذلة والهوان ذلك أن الكبرياء لله تعالى وحده وهو رداءه جلت عظمته، ومن ينازع الله رداءه يكبه الله على منخريه وليس له إلا الخسران المبين.

ويقول تعالى في الآية الثانية والعشرين من سورة ابراهيم:

وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّـهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٢٢﴾

استنادا الى آيات الذكر الحكيم فإن المجرمين والآثمين الذين لهم سوء العقبى، يبحثون يوم القيامة عن المبررات لتبرير ما أتوا به من أعمال سيئة ولطالما ألقوا بتبعات أعمالهم المشينة على الآخرين ونقرأ في النص الذي استمعنا اليه إن المجرمين يرون الحكام الفاسدين شركاءهم في حابط الأعمال. وفي هذه الآية نلاحظ أن المذنبين يرون أن الشيطان هو الذي أغواهم وصور لهم الذنب القبيح بالعمل الجميل.

والمدهش هنا أن الشيطان يرفض التهم التي توجه اليه في محكمة العدل الإلهي ويرد على ذلك بالقول لماذا اتبعتموني ولم تتبعوا سبيل الله؟

والشيطان يقول لمن أتبعه في الدنيا وسار في طريقه المعوجة يقول له يوم الحسرة الكبرى أنني إنما دعوتكم من دون إجبار فلم أطعتموني واتبعتموني وكان لكم الإختيار؟

إن الشيطان وهو في حضرة القدس الإلهي، وفي محكمة العدل الرباني يعلن ندمه عما فعل ويتبرأ من أتباعه الذين أطاعوه واتخذوه مع الله شريكا، والملفت للنظر هنا أن إتباع الشيطان وحزبه يتبرأ أحدهم من الآخر في يوم الحساب وإذا حل أهل الضلال في النار لعنوا بعضهم بعضا وفروا من بعضهم البعض.

والى الدروس والعبر المستقاة من هذه الآية فهي:

  •  إن عمل الشيطان هو الوسوسة للناس وإنه لعنه الله لا يجبر أحدا على فعل السوء ذلك أن الانسان بطبيعته خلق مختارا، إذن بعد هذا أنى للإنسان أن يبرر ما فعل من الفاحشة وقد سار اليها بمحض اختياره حينما اتبع الشيطان واتخذ له خليلا.
  •  إن طاعة غير الله فيما لا يرضى الله تعالى هو نوع من الشرك.
  •  إن اتباع خطوات الشيطان هو ظلم الانسان لنفسه وظلم للأنبياء والرسل عليهم السلام الذين نزلوا بالرحمة الإلهية من الحضرة الربانية لهداية البشرية.

غفر الله لنا ولكم وجعلنا واياكم من السائرين على نهجه القويم ووفقنا لخير العمل وجنبنا شرور النفس ووساوس الشيطان الرجيم.

حضرات المستمعين الأفاضل هكذا أنهينا حلقة أخرى من نهج الحياة، نشكر لكم حسن الإصغاء والى اللقاء والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة