بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة لنقدم لحضراتكم فيها تفسيراً مبسطاً لبضع آيات من كتاب الله العزيز.
ونبدء البرنامج بتلاوة عطرة للآية 80 من سورة الانعام، فلننصت اليها خاشعين:
وحاجّه قومه... افلا تتذكرون
عرفنا من الآيات السابقة ان ابراهيم الخليل (ع) حاجج قومه عبدة الاصنام وعبدة النجوم بأسلوب تدريجي بليغ، إذ قال لهم بمثل قولهم: إن ربي هو هذا الكوكب النير ثم القمر ثم الشمس ولكنه اوضح لهم فيما بعد وبطريقة فطرية ان هذه الاشياء لا يمكنها ان تؤثر في مصير الانسان او تكون ربّه لأنها تأفل، ثم اعلى في نهاية الامر بكل صراحة ان ربه هو خالق السموات والارض وبيده مصيره ولذلك فهو يعبده وحده لا شريك له وفي هذه الآيات، نلاحظ خشونة تصرف قوم ابراهيم معه، وانهم لم يتبعوه ولم يكتفوا بذلك بل طلبوا من ابراهيم ان يتبعهم وينصرف عن دينه فاجابهم بقوله: وكيف اترك عبادة ربي وهو الذي عرّفني بنفسه وهداني الى الايمان به؟ كيف اترك عبادة رب اعرفه وأتبع دينكم وعقائدكم المنحرفة الواهية؟
وتستطرد الآية في القول عن لسان ابراهيم (ع): وان اصابني الضرّ في مسيرتي في محاربة الشرك والفكر فلا تظنوا انه من عند اصناكم بل هو بارادة ربي- الذي لا يقع امر إلاّ بارادته لانه هو المحيط بكل شيء والعالم بكل شيء:
من هذه الآية نستنتج:
- ان المؤمن الموحد لا يخاف ان كان وحيدا حتى لو كفر بمعتقده كل الناس فلا يدفعه هذا لترك ايمانه ودينه.
- من علامات الايمان الحقيقي بالله، عدم الخوف من غير الله مهما كان.
والآن ايها الافاضل لننصت خاشعين الى تلاوة الآية 81 من سورة الانعام لنتبعها بتفسيرها:
وكيف أخاف....... ان كنتم تعلمون
يستدل ابراهيم (ع) في هذه الآية باستدلال فطري بقوله انتم المشركون لا تخافون غضب الله في الدنيا والآخرة وتحسبون انكم في مأمن منه، في حين تريدونني ان أخاف غضب اصنامكم، في حين ان هذه الألهة التي تؤمنون انها خلقتكم – لم ينزل اي دليل عقلي او فطري على عبادتها.
اذن فان العقل يوجب علي ان اخشى غضب الله وليس غضب الاصنام لكي اكون آمناً يوم القيامه. ها انتم قد تركتم الحقيقة الناصعة وآمنتم بالاوهام والخيال.
من هذه الآية نتعلم:
- ان الافكار والعقائد الدينية يجب ان تبنى على اساس المنطق والاستدلال، وليس على اساس الوهم والخيال.
- ان نتبع اسلوب السؤال والجواب في مجادلة المخالفين للدين ولا نحاول ان نملي عليهم آراءنا، كمثال على ذلك، نسألهم، برأيكم اي عقيدة اقرب الى الحقيقة عقيدتنا ام عقيدتكم؟
مستمعي الكرام نواصل تقديم برنامج نهج الحياة بالاستماع الى تلاوة عطرة للآية 82 من سورة الانعام:
الذين آمنوا.... وهم مهتدون
هذه الآية تعرض جواب الله عزوجل على سؤال ابراهيم، اثناء مجادلته قومه مؤكدة أن الامن يوم القيامة لا يكون الاّ من نصيب المؤمنين الصالحين، الثابتي العقيدة والايمان، الذين لم يجد الكفر الى قلوبهم سبيلاً ولم يخلطوا أعمالهم بظلم.
من هذه الآية نستنتج:
- ان حفظ الايمان اهم من الايمان نفسه، وان الثبات على السبيل القويم يؤدي الى ديمومة الايمان واستمراره.
- ان الأمن الحقيقي لا يكون إلاّ في ظل الايمان الحقيقي.
والآن ايها الاخوة ننصت خاشعين الى تلاوة الآية 83 من سورة الانعام:
وتلك حجتنا .... حكيم عليم
عقب ما دار بين ابراهيم وقومه يبين الله عزوجل أن هذه الحجج المنطقية التي يعرضها النبي ابراهيم على الناس، ويفهموها ويدركونها انما تتنزل بالهام من الله، فالله هو الذي بلغ بابراهيم مقام النبوة لان الناس بحاجة الى مرشد وقدوة، ويجب ان يتم انتخاب افضل الناس لهذا الامر.
من هذه الآية نتعلم:
- علو الدرجات في الانظمة الاجتماعية لا يتم إلاّ على اساس العلم والحكمة، وليس على اساس القدرة والثروة.
- ان طريقة دعوة الانبياء إنما كانت على اساس البراهين والادلة وليس التقليد ولا التحليل.
وبهذا نأتي الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة حتى نلتقيكم في حلقة قادمة ومع تفسيرلآيات أخر من كلام الله العزيز، نستودعكم الله والسلام عليكم.