بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، واهلاً بكم مع بضع آيات من كتاب الله العزيز لنتعرف على تفسير مبسط لها، ونبدء البرنامج بتلاوة عطرة للآية 50 من سورة الانعام، فلننصت اليها خاشعين:
قل لا اقول... تتفكرون
العديد من الناس يظنون ان كل من يستطيع ان يصبح نبيّاً فلابد ان يملك الدنيا بيديه، وبامكانه ان يحل جميع مشاكله عن طريق الغيب. ويمكنه تنفيذ كل ما يريد، والقضاء على كل من يخالفه، لذا امر النبي في هذه الآية ان يعلن للناس ان وظيفة النبي شيء آخر، فهو إنما امر بدعوة الناس الى الله وتبليغ التعاليم الالهية، وانه لا يعلم الغيب كي يتوقع الناس منه أن يعلم ما مضى وما هو آت، ولا هو ملك فليست له احتياجات بشرية كتناول الطعام واتخاذ الزوجه، والمعجزات التي يأتي بها النبي إنما هي في اطار المشيئة الالهية، وليس حب اهواء ورغبات البشر، فأي كان ما ارادوا يتوجّب على النبي تنفيذه. وتدعو الآية في نهايتها الناس للتفكر بدلاً من الاعتماد، على ما يرونه وما يسمعونه وتوقع رؤية كل عجيب وغريب، ليقودهم التفكر الى قبول الحق، لأن الشخص العنيد لايؤمن حتى بما يراه، بل ينكره كالاعمى الذي لا يرى شيئاً.
من هذه الآية نتعلم:
الانبياء يتعاملون بصدق مع الناس، وإذا كانوا يفتقدون قدرة ما يخبرون الناس بذلك.
الصراع مع الغلو والخرافة هو من سيرة الانبياء.
والآن اعزائي المستمعين ننصت واياكم خاشعين الى تلاوة للآية 51 من سورة الانعام لنعقب عليها بشرحها:
وأنذر به.... لعلهم يتقون
تعقيباً على الآية السابقة التي بينت أنه لا بستوي الاعمى والبصير، وان قبول الحق لا يتأتى الاّ من التفكر، تصرح هذه الآية: مع ان النبي يدعو جميع الناس الى الحق وينذرهم من عاقبة سوء اعمالهم، ولكن لا يستجيب له جميع الناس ولا يكترثون لكلامه، بل يستجيب له الذين تميل نفوسهم الى قبول الحق، اوعلى اقل تقدير من يحسب انه سيرجع الى ربه فيحاسبه وانه مسؤول عمّا فعله في حياته الدنيا.
وتستطرد الآية فتقول: لا ملاذ للانسان يوم القيامة إلاّ الله ولا ينقذ الانسان من العذاب إلاّ هو، وهذه النظرية توصل الانسان الى التقوى والابتعاد عن ارتكاب الذنوب.
ومن هذه الآية نستنتح:
لا يكفي وجود مربين مخلصين وطرق تربية مناسبة، بل يجب يلزم وجود اشخاص يميلون لقبول الحق ويؤمنون به.
الايمان بالمعاد وحلول يوم القيامة عامل يقود الانسان الى التقوى فتكون محوراً لجميع افعاله.
والآن ايها الاخوة نتابع تقديم برنامج نهج الحياة، وننصت خاشعين الى الآية 52 من سورة الانعام:
ولا تطرد......... من الظالمين
وجاء في الروايات التاريخية، ان بعض الاغنياء من مشركي مكة قد اقترحوا على النبي (ص) ان يطرد الفقراء امثار عمار بن ياسر وبلال، كي يؤمنوا بالدين الاسلامي ويلتفوا حول النبي (ص) وقال له بعض المسلمين لنوافق على اقتراحهم ففيه دعم مالي لبقية المسلمين، وعندها نزلت هذه الآية مخاطبة النبي (ص). بأنه لا تطرد المؤمنين الحقيقيين ابداً بهدف جذب الآخرين، فهذا شكل من إشكال الظلم، اذن فهذه الآية تنفي التمييز الطبقي، وتراه مخالفاً لروح الدين والاخوة، ولا احد افضل من احد، ولا يمكن تفضيل احد على احد بسبب المال والجاه، وكل يعمل على اساس علمه، والجميع سيحا سبهم الله، فجزاؤه وعقابه سيكون على اساس الايمان والعمل الصالح، وليس على اساس المال والجاه.
من هذه الآية نستنتج:
التمسك بالمؤمن المجاهد والمخلص حتى وإن كان فقيراً اهم من جذب اموال الكافرين.
الاسلام دين الصراع مع كل انواع التفرقة العنصرية والطبقية.
الله سبحانه وتعالى هو من يحاسب الناس ولا احد غيره وحتى النبي (ص) لا يسأل عن ما فعله الآخرون، اذن فليس من حقنا الحكم على الآخرين هذا عاقبته الجنة وذاك عاقبته النار.
الدعاء والتهجد لا يكفيان كعمل دون قصد القربة الى الله تعالى وكسب رضاه، الدافع هو المهم.
وبهذا نأتي الى ختام حلقة هذا اليوم من برنامج نهج الحياة على امل اللقاء بكم في حلقة قادمة من هذا البرنامج نستودعكم الله والسلام عليكم.