بسم الله الرحمن الرحيم: مستمعينا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم مع حلقة جديدة مع برنامج نهج الحياة وتفسير مسبط لآيات من القرآن الكريم، نبدء البرنامج بتلاوة للآية 37 من سورة الانعام، فلننصت خاشعين:
وقالوا لولا نزل..... لا يعلمون
جاء في الروايات التاريخية ان سادة قريش كانوا مشركين، وعندما لم يستطيعوا معارضة القرآن طالبوا موسى وعيسى من الواضح ان كلامهم هذا لم يكن لاستقصاء الحقيقة، بل للتهرب من الايمان بالقرآن وبنبوة محمد (ص)، وحتى إن اتاهم بمعجزة شبيهة بمعجزات الانبياء السابقين، لطالبوه بمعجزة أخرى لانهم ليسوا بباحثين عن الحقيقة، ولقالوا عنها كما قال اقوام الانبياء السابقين بانها سحر وان النبي ساحر.
احياناً يكون الشخص نائماً فتنادي عليه عدة مرات فيستيقظ، اما ذلك الذي يتناوم فمهما ناديت عليه لا ينهض، لانه لا يريد ان ينهض، البشر نوعان ازاء نداء الحق، البعض ينهضون من نوم الغفلة فور سماعهم نداء الحق، ولكن البعض الآخر يتناومون ولا يريدون ان يتبعوا الحق، ومهما عرض عليهم وبأشكال مختلفة لايقبلوه. من هذه الآية نتعلم:
- ان الهدف من المعجزة هو اثبات النبوة وإتمام الحجة على الناس، وليس الاستجابة لطلبات ورغبات المعاندين التي لا نهاية لها.
- إن الله قادر على كل شيء، ولكن قدرته لا يظهرها إلاّ بما يناسب حكمته، وبامكانه صنع اي معجزة يطلبها الناس، ولكن هذا يتنافى مع الحكمة، وقد بيّن لنا التاريخ ان توالي نزول المعجزات لا يؤدي الى هداية المعاندين.
والآن اعزائي المستمعين لننصت خاشعين الى تلاوة الآية 38 من سورة الانعام:
وما من دابة ... الى ربهّم يحشرون
هذه الآية تحذر الانسان بان لا يظن ان بقية المخلوقات تفتقد الفهم والشعور، بل إن جميع الحيوانات مادبّ منها على الارض وما طار منها في السماء، كلها أمم مثل البشر وتتمتع بنوع من الفهم والا دراك، كما ورد في قصة النبي سليمان في القرآن وكلام النملة والهدهد، طبعاً من الواضح ان للشعور درجات وشعور الانسان في اعلى الدرجات، والحيوانات في درجات أدنى كما انه في البشر يتمتع الطفل في السنة الاولى من ولادته بدرجة واطئة من الشعور بحيث يعتبره الناس دون عقل وشعور وادراك. وبعد توضيح مسئلة تمتع المخلوقات بالشعور تناولت هذه الآية حشرهم يوم القيامة فقالت: انهم ايضاً يحشرون ويحضرون في عرصة القيامة، كما جاء في الآية الخامسة من سورة التكوير، (واذا الوحوشي حشرت)، وتحدثت الاحاديث الاسلامية عن حضور الحيوانات يوم القيامة ونماذج من ظلم بعضهم لبعض وعقابهم الاخروي، طبعاً مستوى شعور الحيوانات ليس بالدرجة التي يكونون فيها مكلّفون كالبشر، بل المراد بالآية هو مستوى الشعور الذي يحاسبون فيه، كمالو ارتكب يافع ذو 12 عاماً جريمة قتل وهو يعلم قبح القتل، فهو يعاقب حسب جميع القوانين الجزائية العالمية حسب مستوى فهمه. من هذه الآية نستنتج:
- لا يتمتع البشر وحدهم بنظام معيشة اجتماعية، بل الحيوانات كذلك لها نوع من الحياة الاجتماعية.
- علينا ان لا نظلم الحيوانات لانهم مثلنا لهم الحق في الحياة ولديهم نوع من الادراك والشعور.
- المخلوقات بدءت من الله وتنتهي الى الله وكل المخلوقات ترجع الى الله، وهذا مظهر ربوبية الله عزوجل.
ايها الاخوة: اما الآن فلننصت خاشعين الى تلاوة الآية 39 من سورة الانعام قبل تقديم تفسيرها:
والذين كذبوا... صراط مستقيم
هذه الآية تعزي سبب التكذيب بآيات الله الى العناد الذي لا يسمح لهم بسماع الحقائق والاعتراف بها، لقد قادتهم الانانية وحب الذات الى السقوط في اعماق الظلمات ليبقوا محرومين من رؤية الحقائق.
وهذه الآية تنسب الهداية والظلاله الى الله، ولكن من الواضح ان الله قد وفر اسباب الهداية كالعقل والنبوة لجميع البشرـ فأي شخص يعرض عن اسباب الهداية الاولى وينكرها يكون قد اغلق الباب بوجه الهدايات الاخرى.
وبتعبير آخر فان ارتكاب المنكرات والاصرار عليها يؤديان الى تضيع الانسان لأسس الايمان بالحق، كما ان ارتكاب الحسنات هو بحد ذاته عامل للايمان بالحق والاعتراف به.
ومن هذه الآية نتعلّم:
وبهذا نأتي الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على امل ان يوفقنا الله لمعرفة الحقائق الالهية وعمل الحسنات وتجنب السيئات والهداية الى صراطه المستقيم.
والى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.