بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات ورحمة الله وبركاته، واهلاً بكم في لقاء جديد وحلقة جديدة من برنامج نهج الحياة وتفسير مبسط لآيات الذكر الحكيم. ونبدء البرنامج بتلاوة عطرة للآية 51 من سورة المائدة فلننصت اليها خاشعين:
يا ايها الذين آمنوا.... لا يهدي القوم الظالمين
في القرآن الكريم آيات عديدة تتناول الشؤون الاجتماعية والسياسية للمجتمع المسلم وهذا يبين شمولية القرآن لكافة مناحي الحياة لتأمين سعادة المسلمين في الدنيا والآخرة. في هذه الآية يشير سبحانه وتعالى الى احد الاصول المهمة في حياة الانسان مؤكداً: على المؤمنين ان لا تعتمدوا على الكافرين ولا يتخذوهم أئمة لانكم مهما اظرتم لهم الود لا يحبونكم ولا يحبون الاّ من يعتنق دينهم.
وتتناول الآية في جزء آخر منها انه مهما بلغ من خضوع المسلم لولاية الكفار فانهم لا يعتبرونه منهم كما انه يوفر أرضية الكفر والنفاق للفرد وهذا هو اكبر ظلم بحق المجتمع. من هذه الآية نستنتج:
- انه في العلاقات السياسية للدول الاسلامية مع الدول الاجنبية، كل علاقة تؤدي الى تسلط الكفار على المسلمين، ممنوعة.
- ان الخضوع لسيطرة الكفار تخرج المسلم من ولاية الله ويبتعد به عن طريق الهدى.
- اوصى الاسلام دائماً بالعيش بسلام مع اتباع اهل الكتاب، ولكن رفض الخنوع والخضوع لهم.
والآن اعزائي لننصت خاشعين لتلاوة الآيتين 52 و53 من سورة المائدة:
فترى الذين... فاصبحوا خاسرين
رغم نهي الله سبحانه وتعالى عن مودة الكفار والدخول في علاقات معهم تقود الى تسلطهم على المسلمين، نرى اذ جماعة من ضعيفي الايمان والمنافقين يتسابقون لجلب محبة ودعم الكفار.
هؤلاء ويؤكد لهم القرآن أنه يستزداد عزة وشوكة الاسلام يوماً ما، ويعزّ الله المؤمنين بنصره فيندم اللذين كانوا يتبعون الكفار خوفاً منهم ويظهرون ما كانوا يخفون في انفسهم فيفتضحون.
في ذلك اليوم يقول المؤمنون الحقيقيون بتعجب. هؤلاء كانوا يدعون الايمان ويقسمون بأغلظ الايمان انهم مؤمنون كيف فقدوا اليوم كل شيء وحبطت اعمالهم. من هذه الآية نستنتج:
- ان محبة ومودة الكفار دليل على النفاق وضعف الايمان.
- ان ضعف الايمان يسبب الخوف من القوى الكبرى والركوع امامهم.
- ان العزة والمنعة السياسية والقوة الاقتصادية والنصر العسكري كلها بيد الله ومشروطة باستحكام ايمان المؤمنين.
- عاقبة النفاق ان تحبط اعماله المنافقين ويصيبهم الخزي والعار.
ايها الاعزاء اما الآن فلننصت الى تلاوة عطرة للآية 54 من سوره المائدة قبل ان نقدم تفسيراً مبسطاً لها:
يا ايها الذين آمنوا......... والله واسعٌ عليم
بعد ان تناولت الآيات السابقة نهي المؤمنين عن الخضوع لسلطة الكافرين، تحذر هذه الآية ان يقودنا هذا الامر الى الخروج من ديننا والكفر والارتداد، ولكنها تعقّب بالقول، واعلموا انكم ان ملتم الى الكفار لتأمنوا شرّهم او ليساعدوكم في حوادث معيّنة، فان دين الله لن يقضى عليه، وانه يوجد هناك من امتلأ بالايمان وبمحبة الله فهو يجاهد في سبيل الله ويضحّي من اجل الدين ولا يخشى عداوة احد. الطريف ان الله عزوجل يصف المؤمنين بالجدّية والصلابة امام الاعداء والخضوع والتواضع الشديد لبعضهم البعض، جاء في الروايات انه حين نزول هذه الآية وضع الرسول (ص) يده على كتف سلمان الفارسي وقال له ان الذين جاء وصفهم في هذه الآية هم قومك.
من هذه الآية نستنتج:
- ان خطر الارتداد وترك الدين الاسلامي يهدد الجميع فيجب الحذر والتفكير بعاقبة الامور.
- الردة تأتي نتيجة عدم معرفة وحب الله وعدم الاخلاص لدينه الافتقار الى المعرفة الصحيحة والعميقة للدين الاسلامي.
- ان الله ليس بحاجة الى نصرتنا، ودائماً هناك من ينصر دين الله ويصونه ويحفظه.
- ان سلوك المسلمين مع المسلمين يجب ان يكون على اساس التواضع ومع الاعداء على اساس الحزم والصلابة.
- ان فضل الله لا يتجسّد في المال والجاه، بل في الجهاد في سبيل الله والصلابة في الدين الناجمين عن حب الله.
وبهذا نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، حتى نلتقيكم في حلقة قادمة من هذا البرنامج نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.