بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نحييكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة لنقدم لكم تفسيراً مبسطاً لآيات من القرآن الكريم.
ننصت واياكم خاشعين لتلاوة عطرة للآية 32 من سورة المائدة:
من أجل ذلك................... في الارض لمسرفون
في الحلقة السابقة قصصنا عليكم قصة ابني آدم وكيف دفع الحسد قابيل لقتل اخيه هابيل ودفنه وكيف ندم على ما فعل.
ويبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أنه بعد هذا الحادث حيدر الحكم الإلهي ان القائل بأن قتل انسان واحد كقتل جميع البشر، وكذلك فان انقاذ انسان واحد من الموت، كانقاذ مجتمع من الموت.
اشار القرآن في هذه الآية الى حقيقة اجتماعية مهمة توضح أن المجتمع البشري كالجسد الواحد وافراد المجتمع كاعضاء جسد واحد اذا لحق بعضو منه سوء يعم أثره على بقية الاعضاء، وكذلك فان من قتل انساناً بريئاً فانه في الحقيقة سيكون على استعداد للاعتداء وقتل الكثير من الابرياء وليس مهماً لديه كونهم ابرياء ام لا.
ومن حيث نظام الخلقة فان قتل هابيل ادى الى هلاك نسل كبير من المجتمع البشري كان يمكن ان يولد منه.
ومع كل تلك الاهمية التي يوليها القرآن لحفظ ارواح البشرية وأن قتل انسان واحد يعدل قتل مجتمع باكمله.
فقد اجاز قتل الانسان ولكن في حالتين، الاولى اذا قتل شخصاً وطلب أهل المقتول القصاص منه والثانية اذا كان مجرماً ومفسداً حتى اذا لم يقتل احداً وانما أخلّ بنظم المجتمع فهذا يجب ان تطهّر الارض من وجوده.
واحد مصاديق القتل والاحياء في الروايات الاسلامية الضلالة والهداية، فكل من اضلّ انساناً فكأنما اضلّ الناس جميعاً، وكل من هذه، فكأنه قد هدى الناس جميعا.
وفي الجزء الاخير منها اشارت الآية الكريمة الى ديدن بني اسرائيل في نقض القوانين حيث بينت أنه: بالرغم من ارسال الله عزوجل الكثير من الانبياء اليهم بلغوهم رسالاته لكنهم اعتدوا وتجاوزوا الحدود الالهية. من هذه الآية نستنتج:
- ان مصير البشر على مدى الزمان مترابط، فتاريخ البشر كالسلسلة المترابطة، وكسر حلقة من هذه السلسلة يؤدي الى هلاك العديديين
- ان قيمة الاعمال تعتمد على الدوافع والاهداف، فقتل انسان واحد عدواناً هو هلاك مجتمع باكمله، واما قتل قاتل قصاصاً منه على ما فعل احياء للمجتمع البشري.
- ليفخر اولئك الذين مهنتهم نجاة البشر- كالاطباء والممرضين- بعملهم فان نجاة كل مريض كنجاة للمجتمع البشري من الموت.
والآن ايها الاكارم لننصت خاشعين الى تلاوة الآيتين 33 و34 من سورة المائدة:
إنّما جزاء الذين............. عذاب عظيم
إلاّ الذين تابوا .............. غفور رحيم
بعد الآية التي ذكرت حرمة النفس البشرية، يحكم العزيز الحكيم في هاتين الآيتين بالحكم العادل التالي وهو: اذا لم يراع احد هذه الحرمة فلن تكون نفسه محترمة ويجب ان يعاقب الشد العقاب كي يكون عبرة للآخرين، وفي الآية 33 جاء ذكر اربعة انواع من العقوبات، القتل والصلب وقطع الاطراف والنفي.
وهذه الاحكام ليست متساوية يختار منها الحاكم الاسلامي العقاب الذي يراه يناسب الجريمة التي ارتكبت ليجري الحكم على المجرم.
والملاحظ هو ان الله سبحانه وتعالى في هذه الآية اعتبر التهديد بالقتل كالحرب على الله ورسوله وهذه من الكبائر، اي ان على المجرم ان يعلم ان خصمه هو الله ورسوله ولا يحسب انه استفرد بضعيف فيفعل به ما يحلو له. نهاية الآية تبين أن هذا العقاب دنيوي وهو لا يسقط العقاب الاخروي وهناك ينتظرهم عذاب عظيم إلاّ اذا تابوا فيغفر لهم الله ما كان من حقه، اما حقوق الناس فيجب أن تؤدّى ولا يغفرها الله إلاّ ان يغفر المظلوم نفسه.
ومن هذه الآية نستنتج:
- لاصلاح المجتمع مثلما تكون الموعظة والهداية ضرورية كذلك تكون احكام المحاكم القاطعة.
- ان الذين يسلبون المجتمع راحته وامنه يجب ان يتخلص المجتمع من وجودهم فيه.
- لاجراء أحكام الجزاء الاسلامية نحن بحاجة الى حكومة اسلامية قوية.
والآن ننصت خاشعين الى تلاوة الآية 35 من سورة المائدة:
يا ايها اللذين آمنوا ................... لعلكم تفلحون
بعد تبيين العقاب الشديد على بعض الذنوب كالقتل والتهديد وسلب امن المجتمع، تهدينا هذه الآية الى حقيقة ان طريق الفلاح والنجاح في هذه الدنيا شيئان: التقوى والتحكم بالاهواء، وبالاضافة اليهما اتباع الوسائل التي هيئها الله للبشر كالقرآن والسنة النبوية الشريفة وسيرة اهل البيت واولياء الله الصالحين فهذه تقرب الانسان الى الله كما ان التقوى تبعهده عن ارتكاب الموبقات.
من هذه الآية تستنتج:
- لكي نفوذ بالفلاح علينا لابتعاد عن الذنوب والرزايا والاقتراب من الطهر والنقاء.
- التقوى والتوسل أساساً السعادة، ومع توفر بقيه، الشروط يمكن للانسان ان يصل الى مبتغاه.
وبهذا نأتي الى نهاية حلقة هذا اليوم من برنامج نهج الحياة حتى حلقة قادمة نترككم في رعاية الباري تعالى والسلام عليكم.