بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله رب العالمين ثم الصلاة والسلام علي خير خلقه واشرف بريته نبينا الهادي الأمين سيدنا محمد وعلي آله الطيبين الطاهرين السلام عليكم اخوة الايمان في كل مكان، هذا لقاء قرآني جديد وتفسير لأيات اخري من سورة آل عمران ثالث سور الذكر الحكيم.
يقول تعالي في الاية الرابعة والستين بعد المئة من سورة آل عمران المباركة:
لقد من الله علي المرمنين اذ بعث فيهم رسولاً من انفسهم ، يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ظلال مبين
لقد خلق الله تبارك وتعالي الكائنات علي اساس من لطفه ورحمته ، و كانت الهداية الربانية للانسان من بعد الخلق من اعظم نعم الله عزوجل عليه لان من يفتقد الهداية يعيش حياة الاضطراب والقلق حتي وان بلغ من العلم مبلغاً كبيراً.
ومن اجل بناء المجتمعات البشرية السليمة بعث الله تعالي الانبياء والمرسلين (ع) كما صرحت الاية المباركة بهذا وهؤلاء الرسل يعلمون الناس الكتاب والحكمة ويخرجونهم من ظلمات الضلال الي نور الهداية ويأخذون بأيديهم من مهاوي الكفر الي معالي الأيمان.
يمكن لنا ان نقول هنا ان بعثة الانبياء وتعيين الاوصياء (ع) اكبر هدية سماوية للبشرية علي الكرة الرضية ومن هنا فعلي الانسان ان يعرف قدر هذه الهدية من جانب المهدي العظيم فلايفرط بها بل يصونها ويحفظها . والذي يمكن ان نستفيده من هذه الاية الكريمة ان تزكية النفس متقدمة علي العلم والتعليم وان العلم انما يكون مفيداً اذا كان نابعاً من منهل فياض ومنبع طهر زلال. ولاريب في ان بناء الذات وتزكية النفس هما في ظل المدرسة الربانية النبوية وهذه التزكية مدعاة للنجاح والفلاح قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها صدق الله العلي العظيم
ويقول تعالي في الاية الخامسة والستين بعد المئة من سورة آل عمران الشريفة:
اولما اصابتكم مصيبة قد اصبتم مثليها قلتم اني هذا قل هو من عند انفسكم ان الله علي كل شئ قدير
في حرب احد انكسر جيش المسلمين لشديد الاسف وقتل منهم 70 شخصا هذه الحادثة المولمة جعلت المسلمين يشكون ما اصابهم الي النبي (ص) وجاء الجواب بواسطة الوحي الالهيي لانه (ص) ما ينطق عن الهوي ان هو الاوحي يوحي حيث توضح هذه الاية وتقول للمسلمين انكم في السنة الماضية انتصرتم علي الكفار في بدر ووجهتم لهم ضربتين اذ قتلتم منهم 70 سبعين واسرتم سبعين اخرين ، وان الهزيمة في احد كانت نتيجه عدم اطاعة اوامر القيادة النبوية وتبين كذلك هذه الاية ان الله تعالي قادر علي نصرة عباده المومنين بشرط ان يطيعوه ويطيعوا نبيه الكريم كيف لاوهو القادر المتعال جلت قدرته . وتعلمنا هذه الأية الدرسين التالين:
اولاً: ان نحكم علي الامور بمراعاة كل جوانب القضية.
ثانياً: ان نتقصي اسباب الفشل بشكل صحيح فنبدأ بالعوامل الذاتية و نتعرف علي نقاط الضعف قبل ان نلقي بالائمة علي الاخرين.
ويقول تعالي في الآيتين السادسة والستين والسابعة والستين بعد المئة من سورة آل عمران:
وما أصابكم يوم التقي الجمعان فبأذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله اوادفعوا، قالوا لونعلم قتالاً لاتبعناكم هم للكفر يومئذ اقرب منهم للايمان يقولون بأفواههم ماليس في قلوبهم والله اعلم بما يكتمون
كما يتذكر المستمعون الكرام، فأن في بعض من ماضي حلقات هذا البرنامج كنا قد ذكرنا بأن النبي الاكرم (ص) وبعد ان ترامت الي الاسماع الأخبار عن قصد مشركي مكة مهاجمة المسلين عقد اجتماعاً للتداول في الامر في مسجد المدينة وانقسم الناس يومذاك علي رأيين راي كان يريد القتال خارج المدينة وهو رأي الشباب ورأي بالمكوث فيها والدفاع ضد الاعداء واختار (ص) الرأي الاول لانه كان رأي الاكثرية وخرج الجيش من المدينة لقتال المشركين لكن بعضاً من ذوي الرأي الأخر اولنقل الرأي الثاني اخذوا يتراجعون في الطريق لابل وضعفوا من عزائم بعض المقاتلين كذلك.
ويبين القرآن الكريم هنا ان الانكسار في احد كان امراً مراً لكنه في ذات الوقت كان امتحاناً لابل محكاً كذلك ليعرف بواسطته المؤمن الحقيقي من المزيف والمنافق . والذي نتعلمه من هذا النص الالهي ان احداث الحياة مرة كانت ام حلوة هي امتحان الهي واختبار رباني.
اذن علي الانسان ان ينتبه الي هذه النقطة الحساسة لكي يخرج من هذا الامتحان ناجحاً مرفوع الرأس هذا اولاً
وثانياً: فأن النفاق يأخذ بالانسان الي الكفر. ولابد ان نتعرف بهذه الحقيقة وهي ان التلون بالوان شتي لاطائل منه وان في اللون الواحد الصدق والنجاح والانتصار.
ثالثاً: فأن الدفاع عن النفس والعرض والوطن قيمة سامية ومن يقتل في هذا الطريق فهو شهيد.
ويقول تعالي في الاية الثامنة والستين بعد المئة من سورة آل عمران:
الذين قالوا لأخوانهم وقعدوا لواطاعونا ماقتلوا قل فأدرأوا عن انفسكم الموت ان كنتم صادقين
الذي يؤسف له ان ضعيفي الايمان والمنافقين وبعد ان ثبطوا عزائم المؤمنين في حرب احد اخذوا يلومون من ذهبوا للحرب واستشهدوا في ساحتها علي ان الموت لايأتي الانسان في جبهة الحرب وحدها بل يلاقيه متي مادني اجله ولكل اجل كتاب كما يقول تعالي.
وقد قال الشاعر:
اي يومي من الموت افر يوم لا يقدر او يوم قدر
يوم لااقدر لا ارهبه و من المقدورلاينجو الحذر
نعم هنيئاً لاولئك الذين يستقبلون الموت بصدر رحب فيموتون راضين مرضيين وتعساً لأولئك الذين يفرون من الموت فيلاقيهم وهو اذلاء خانعين ولاحول ولاقة الابالله العلي العظيم.
في ختام هذه الحلقة نسأل الله تبارك وتعالي ان يطهر القلوب من النفاق ويعمرها بالايمان لتسيرعلي نهج الانبياء ع ففيه السعادة والنجاة والهداية والحمد لله رب العالمين.