بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيد الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (ص) وعلي اله الغر الميامين . السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله و بركاته. في رحاب الذكر الحكيم المطهرة، نجتمع مرة اخري، وتفسير موجز لآيات مباركات اخري منه.
يقول تعالي في الآية العاشرة بعد المئة من سورة آل عمران:
كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر و تؤمنون بالله ولو آمن اهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون واكثرهم الفاسقون
ان الكثير من الناس يتصورون ان الدين هو مجموعة من الأحكام العبادية فقط تتعلق بالعلاقة بين الأنسان وربه، وأنه يتلخص في الصلاة والصيام وتلاوة القرآن وقراءة الدعاء لا غير. بيد ان الحقيقة تومئ الي غير هذا فالجانب الأساس في الأحكام الدينية يتناول البعد الأجتماعي في حياة الأنسان و ينظم علاقاته مع سائر افراد المجتمع.
و حتي العبادات قد تتأطر في بعضها بأطار اجتماعي كالصلاة فصلاة الجماعة في المسجد او في اي مكان آخر افضل من صلاة الفرد في بيته فرادي. ومن اهم البرامج الدينية لحفظ المجتمع الأسلامي من كل انواع الفساد والأنحراف، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويأتي اجراء هذه الفريضة وهي من العبادات كذلك في مرحلتين، مرحلة يقوم بها مجموعة خاصة تقع علي عاتقها مسؤولية الأشراف علي السلوكيات الأجتماعية
كما اشارت الي هذا المعني الآية الرابعة بعد المئة من هذه السورة المباركة بينا في المرحلة الثانية يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظيفة عامة للجميع كما يتوضح من الآية الكريمة التي تليت في بداية هذه الحلقة.
فالأنسان ليس مسؤولاً عن اصلاح ذاته فقط بل لا بدان يساهم في تربية المجتمع واعداده للفضائل. ولا بد أن يكون آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر بدافع الخير و الحرص علي المصلحة العامة، واذا ما فعل المسلمون هذا يكونون خير امة اخرجت للناس.
ونتعلم من هذه الآية مايلي:
اولاً: الأمر بالمعروف لا بد ان يكون مقروناً بالنهي عن المنكر.
ثانياً: ان يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقروناً بالعمل.
و يقول تعالي في الآيتين 111 و 112 من سورة آل عمران:
لن يضروكم الا اذي وان يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ضربت عليهم الذلة اينما ثقفوا الا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله و ضربت عليهم الذلة والمسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدونفي هاتين الآيتين بشارة للمسلمين في خطاب يقول لهم اذا ما ثبتم في ايمانكم وقمتم بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر متحدين متآلفين، فأنه لا خطر يهددكم من العدو ، بل ان العدو امامكم سيكون ضعيفاً و ستضرب عليه الذلة والمسكنة. ولعل المصداق في هذا الكلام الرباني، للقوم الأذلاء هم اليهود، وقد تنبأ القران الكريم بهذه الذلة لهؤلاء وقد تحققت علي مر العصور والأزمان وحتي في عصرنا الحاضر حيث لم ير لليهود عزة وكرامة علي مدي التاريخ فإن شعوب العالم تنظر الي دولة اسرائيل نظرة احتقارو ازدراء.
و تدلنا هاتان الآيتان علي:
اولاً: الايمان بالله سد منيع يحول دون تغلغل العدو.
ثانياً: العلاقة الوثيقة بين الأنسان وربه والروابط الحسنة مع الآخرين هما رمز العزة.
ثالثاً: الأثم والعدوان هما السبيل الي الذلة والمهانة.
ويقول تعالي في الآيات 113 و 114 و 115 من سورة آل عمران:
ليسوا سواء من اهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل و هم يسجدون يؤمنون بالله وباليوم الآخر ويأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يسارعون في الخيرات واولئك من الصالحين وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين
تشير هذه الآيات الي الطيبين من اهل الكتاب فأن في اهل الكتاب من يطيع الله ويعبده و يسجد له في الأسحار. ان هؤلاء يؤمنون بالله واليوم الآخر ومن الطبيعي ان الله تبارك و تعالي لا يضيع اجر من احسن عملاً حتي وان كان من غير المسلمين.
وما أجدر بالمسلمين ان يجعلوا كتاب الله تعالي نموذجاً يقتدون به في تعاملهم مع الآخرين. اذ في هذا النموذج الأسمي ما يغني عن الدعاية للدين وفي هذه الآيات المباركات دروس و عبر نأتي علي بيانها في النقاط الآتية.
اولاً: ان نقبل الطيبة والخير من اي كان و اذا وجهنا للآخرين نقداً لا ينبغيان نغفل عن محاسنهم.
ثانياً: عند ما يرخي الليل سدوله و يكون الناس نيام فأنه تتوفر افضل الأوقات للذكر والدعاة و مناجات الله.
ثالثاً: الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضة كانت عند الأديان الأخري وهي ليست خاصة بالمسلمين.
رابعاً: في الليل يتوجه المؤمن الي ربه بالعبادة و التضرع و في النهار يأمر بالمعروف و ينهي عن المنكر.
خامساً: التسابق الي الخيرات يرفع من قيمة عمل الخير فلنتسابق نحو هذا المنهل الفياض الذي فيه رضا ربنا تبارك و تعالي.
حضرات المستمعين الأفاضل نشكر لكم حسن الأصغاء والمتابعة، وحتي حلقة اخري من نهج الحياة، نستودعكم الله والسلام عليكم.