البث المباشر

"باساركاد".. مهد العمارة الإيرانية

السبت 27 ديسمبر 2025 - 13:28 بتوقيت طهران
"باساركاد".. مهد العمارة الإيرانية

يعتبر موقع "باساركاد" للتراث العالمي مجموعة من المباني القديمة من العصر الأخميني، والذي يقع في مدينة "باساركاد" بمحافظة "فارس" جنوبي إيران.

هنا باساركاد، أول عاصمة سلالية للإمبراطورية الأخمينية في إيران، التي أسسها "كوروش" الأخميني في القرن السادس قبل الميلاد.

إن ابتكارات باساركاد الفنية والتقنية، من فن الدمج إلى تصميم حدائق الفردوس، لم تزين قصر الملك فحسب، بل أرست أيضا نموذجًا لفن العمارة والتصميم في غرب آسيا استمر صداه لقرون.

كما أن التجول بين أطلال باساركاد هو بمثابة نزهة عبر مهد فكرة، مفهوم إمبراطورية متعددة الثقافات، وملاحظة أسس الحضارة الإيرانية التي أثرت على العالم القديم.

العبقرية الفنية والتقنية في "باساركاد"

يشكل المشهد المعماري في باساركاد شهادة مذهلة على رؤية كوروش الأخميني للعالم، الذي طبق أفضل المهارات والتقاليد في أراضيه الشاسعة لخلق جماليات إمبراطورية جديدة.

جلب مهندسو كوروش وبناؤوه الحجريون، الذين يُرجّح أنهم من أراضي ليديا وأيونيا التي فُتحت حديثًا، إلى بلاد فارس مهارةً لا مثيل لها في العمل بالحجر.

أتاحت هذه المهارة التقنية بناء منصات حجرية دقيقة، أعمدة شاهقة، وبوابات منحوتة، وهي عناصر أصبحت سماتٍ بارزة للعمارة الأخمينية.

خلق الجنة: حديقة "تشاهارباغ"

لا يكمن الابتكار الأبرز والأكثر ديمومة في باساركاد في أعمالها الحجرية، بل في تصميمها.

فقد اكتشف علماء الآثار شبكة من القنوات والأحواض الحجرية التي شكلت مستطيلين متجاورين، وهو تصميم قسّم الحديقة بدقة إلى أربعة أقسام.

كان هذا التصميم، على الأرجح، انعكاسًا معماريًا للقب كوروش في بلاد ما بين النهرين، تحت عنوان "ملك أركان العالم الأربعة".

تمت إعادة تصميم الحديقة الرباعية، في باساركاد، وتطورت عدة مرات، وامتد تأثيرها إلى ما وراء حدود الشرق الأدنى، لتصبح حجر الزاوية في تصميم الحدائق في العالم الإسلامي وخارجه.

لم يكن في باساركاد، الفن والتكنولوجيا مسارين منفصلين؛ بل كانا أداتين متشابكتين لبناء ليس فقط عاصمة، بل هوية إمبراطورية جديدة، هوية متقدمة تقنيًا بقدر ما كانت جريئة فنيا وعميقة فلسفيا.

"باساركاد"؛ منارة التراث العالمي الفريدة

بصفتها عاصمة إمبراطورية امتدت من شرق البحر الأبيض المتوسط ​​إلى نهر السند، تعدّ باساركاد شاهدة فريدة على المرحلة الأولى من الحضارة الأخمينية؛

وهي بنية سياسية صُممت بوعي كمشروع متعدد الثقافات، حيث لم يتم القضاء على التقاليد المتنوعة، بل تم دمجها.

كان هذا الاحترام للتنوع، على النقيض تماما من سياسات الاستيعاب القاسية لإمبراطوريات مثل آشور، في صميم السياسة الأخمينية، وتُعدّ باساركاد أول وأنقى تجلياتها المعمارية.

وقد اعترفت اليونسكو بالقيمة العالمية الاستثنائية لهذا الموقع تحديدا لهذا السبب؛

لأنه يمثل مرحلة أساسية في تطور الفن والعمارة الإيرانية الكلاسيكية،

وهو أسلوب انبثق من اندماج التأثيرات الأيونية، الليدية، المصرية، البابلية والعيلامية وتحول إلى كلٍّ رائع ومتماسك.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة