بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي نبينا محمد واله الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله وبركاته هذه حلقة أخري من نهج الحياة وتفسير موجز لآيات الذكر الحكيم، كونوا معنا بعد هذا الفاصل.
اعزاءنا المستمعين، يقول تعالي في الآيتين التسعين والحادية والتسعين من سورة آل عمران:
ان الذين كفروا بعد ايمانهم، ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم واولئك هم الضالون/ ان الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من احدهم مل الأرض ذهباً ولو افتدي به اولئك لهم عذاب اليم ومالهم من ناصرين
ان الأنسان حر في اختيار طريق الكفر او طريق الأيمان، والبعض أنما يتبع الأيمان تقليداً لآبائه واجداده او بواقع بعض الظروف الأخري، مثل هذا الأيمان لاتكون له قاعدة متينة و من هنا فأنه يؤول بسهولة الي الكفر، حتي ان ضعيفي الأيمان ربما يكونون اكثر كفراً من غيرهم بعد مروقهم عن الدين.
ومثل هؤلاء يغوصون في مهادي الضلال والأنحراف حتي يصلون الي طريق مسدودة ويرقدون في نومة الغفلة التي لا يفيقون منها الا اذا تهددهم خطر الموت او انتصار المسلمين، واذا ما سلك هؤلاء للتوبة سبيلاً فأن توبتهم لا تقبل لأنها جاءت اجباراً من قبل الظروف اوخوفاً من بعض منها. فالتوبة لا بدان تكون علي اساس الندم الحقيقي لا الخوف او الموت . . . . و هي ظروف انما تحيط الأنسان من الخارج ولا يحركها ضميره الداعي.
واذا كانت التوبة لا تنجي مثل هؤلاء فهل للمال والجاه ان ينجيهم من عذاب الله يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتي الله بقلب سليم ؟
و نتعلم من هذا النص القرآني:
اولاً: ان حفظ الأيمان اهم من الأيمان نفسه.
ثانياً: ان الله يقبل من عباده التوبة، لكن من يصر علي الكفر والجحود فلا توبة له.
ثالثاً: ان لا يتغير الأنسان بايمانه، فمن المؤمنين من تاهوا في عاقبة الأمر وماتوا وهم كفار ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
ويقول تعالي في الآية الثالثة والتسعين من سورة آل عمران:
لن تنالوا البر حتي تنفقوا مما تحبون، وما تنفقوا من شئ، فأن الله به عليم
ان للبر في اللغة العربية معاني واسعة و عديدة منها الأحسان في الفكر و العمل، و يعتبر القرآن الكريم الأيمان بالله والصلاة والجهاد والوفاء بالعهد من اعمال البر. اما هذه الآية فتومئ الي الأنفاق علي انه احد وجوه البر.
وقد جسد اهل بيت الرحمة صلوات الله عليهم هذا المعني السامي، اذ يروي المفسرون والمؤرخون ان سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (س) كانت قد قدمت لفقيرة سألتها، ثوب عرسها. عليها السلام.
ومن هذه الآية نتعلم دروساً عديدة منها:
اولاً: الأحسان والبر من وجهة نظر الدين ليس في الصلاة والعبادة فقط . بل ان من وجود البر و واجبات المؤمن مد يد المساعدة للمحرومين .
ثانياً: ليس الغرض من الأنفاق اشباع البطن واطعام الجياع، بل الغرض الأساس انهاء روح السخاء والأيثار.
ويقول تعالي في الآيتين الثالثة والتسعين والرابعة والتسعين من سورة آل عمران المباركة:
كل الطعام كان حلاً لنبي اسرائيل الا ما حرم اسرائيل علي نفسه من قبل ان تنزل التورات قل فأتوا بالتوراة فاتلوها ان كنتم صادقين فمن افتري علي الله الكذب، من بعد ذلك فاولئك هم الظالمون
بعد ان جاء الأسلام بشريعته السمحاء اخذ بعض من يهود المدينة يشكلون علي النبي الأسلام (ص) وان في شريعته ما لا يتفق وشريعتي موسي وعيسي عليهما السلام. ومن ذلك قول اليهود ان لحم الأبل ولبنها كان عندهم حراماً اما الأسلام فأحله واباحه.
وترد هذه الأية علي اقاويل هؤلاء وان لحم الأبل ولبن كان حلالاً كذلك في شرع موسي (ع) وان نبي الله يعقوب (ع) انما اجتنب لحم الأبل ولبنها لان فيهما ضرر عليه، وتصور بنو اسرائيل ان هذا تحريم شرعي.
هذه الآية ان اساس شريعة موسي هو التورات لا اقاويل الناس، فأذا ما حرمت التوراة شيئاً فهو حرام. وتدلنا هذه الأية علي امور عدة هي:
اولاً: ان الحلال ما احله الله والحرام ما حرمه تعالي.
ثانياً: الأصل في كل شئ حليته الا ان يرد الدليل علي حرمته.
ثالثاً: عدم عرض الآراء الشخصية علي انها من الدين بل الدين هو الشرع المنزل من الله تعالي.
نسأل الله تعالي ان يثبتنا علي دينه وشرعه الأنور ويوفقنا لطاعته وللبر والأحسان انه الكريم المنان والسلام عليكمورحمة الله وبركاته.