البث المباشر

تفسير موجز للأيات 83 حتى 89 من سورة آل عمران

الأحد 26 يناير 2020 - 14:25 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 89

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ونصلي ونسلم علي من لا نبي بعده، ابي القاسم محمد وعلي اله سفن النجاة، ومصابيح الهدي في الهلكات. السلام عليكم مستمعينا الأعزاء، في رحاب طاهرة هي رحاب القرآن نجتمع لننور مقلنا ونضئ قلوبنا بأنوار الوحي المبين.

 

نبدأ بالآية الثالثة والثمانين من سورة آل عمران المباركة وهي قوله تعالي:

افغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض، طوعاً وكرهاً واليه يرجعون

الله تعالي اودع في الأنسان العقل والشهوة واعطاه حرية الأختيار. لكن الملائكة وحسبها اقتضت الخلقة الالهية تابعون للعقل ولا غريزة عندهم.

وقد لنا هذه الآية الكريمة ان الوجود والمخلوقات المختلفة تسلم لله تعالي ، سواء كان لها الأختيار ام لا يكن. علي ان نهاية الوجود وكبدايته هي بيد البارئ تبارك اسمه، واذا كان الأمر كذلك، والكل لله مطيعون فلماذا يمشي الأنسان وراء المدارس غير الألهية ويشرع القوانين غير الربانية وعن ذكر الله تعالي يغفل؟ ولذا ان نسأل هنا فنقول هل لغير الله خالق هذا الكون الحق في التشريع؟ وهل يليق بالمخلوق ان يحيد عن جادة الخالق ويتخذ دونها في الحياة سبيلاً؟

علي اي حال في هذه الآية دروس و عبر نستقرأها في النقاط الآتية.

اولاً: الوجود بكل عظمته مسلم لله تعالي فأذا لم يسلم الخلق له فقد شذ عن الطريق القويم.

ثانياً: كل الوجود والمخلوقات بيد الله تعالي فلماذا لا نتوجه اليه تعالي باختيارنا وملئ ارادتنا.

ثالثاً: حقيقة الدين الطاعة والتسليم لله تباركت اسماؤه و جلت عظمته.

 

ويقول تعالي في الآيتين الرابعة والثمانين والخامسة والثمانين من سورة آل عمران المباركة.

قل امنا بالله وما انزل علينا وما انزل علي ابراهيم واسمعيل واسحق ويعقوب والأسباط وما اوتي موسي وعيسي والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم و نحن له مسلمون ومن يبتغ غير الأسلام ديناً فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين

في هاتين الآيتين، يؤمر النبي (ص) والمؤمنون باعلان ايمانهم بالأنبياء والرسل السابقين (ع) و كتبهم ويأتي في هذا النص تأكيد علي لزوم التسليم لله تعالي والأمتثال لأوامره.

فالرسل والأنبياء (ع) وقد مر بنا بيان ذلك لمرات عدة قد بعثوا للعالمين من لدن اله واحد انهم – صلوات الله عليهم – اشعاعات مضيئة مصدرها مصباح واحد ينير درب الهداية ويتكفل بالسعادة في الدنيا والآخرة. ومن الطبيعي ان البقاء علي تعاليم النبي السابق بعد مجي النبي اللاحق، يتعارض والهدف المنشود من البعثة وهو الهداية والتكامل، ومن الممكن تشبيه الأنبياء بمعلمي مدرسة واحدة يأخذون بايدي التلاميذ من مرحلة الي اخري، بيدان الهدف هنا هو واحد وهو الهداية والتعليم والرشاد.

بعث الله تعالي من لدنه 124 الف نبي ورسول كان اولهم آدم ابوالبشر اما خاتمهم وافضلهم فهو سيد الرسل والأنبياء (ع) سيدنا محمد (ص). فاق النبيين في خلق وفي خلق ولم يدانوه في علم ولا كرم.

نعم رسول الله (ص) هو آخر الأنبياء (ع) بنص القرآن الكريم [ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين] ومن لم ينهج نهجه الشريف كان من الخاسرين.

 

ويقول تعالي في الآيتين السادسة والثمانين والسابعة والثمانين من سورة آل عمران:

 كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد ايمانهم وشهدوا أن الرسول حق و جاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين اولئك جزاؤهم ان عليهم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين

من الأخطار التي تهدد المؤمنين، الردة بعد الأيمان لقد شهد التاريخ ارتداد العديد من الناس عن الأيمان الصحيح، ومن ذلك ارتداد البعض بعد وفاة الرسول الأكرم (ص) لكن هذه الردة انما تعكس ضعف الأيمان فالمؤمن القوي لا يهز ايمانه شئ واذا كان رسول الله (ص) قد مات فأن الله حي لا يموت وان الرسل والأنبياء (ع) كسائر الناس لا بد ان يموتوا متي مادنا اجلهم لكن الشرع الشريف باق و خالد ، لذلك فالأيمان الأولي ليس كاف اذ لا بد من بعد ذلك من حفظ الأيمان.

 

ويقول تعالي في الآيتين الثامنة و الثمانين و التاسعة والثمانين من سورة آل عمران:

خالدين فيها، لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون الا الذين تابوا من بعد ذلك واصلحوا فأن الله غفور رحيم

ان الذين يصبحون بعد الأيمان كافرين علي رغم ماجاءهم من العلم والحق المبين يلعنهم الله في الدنيا، وفي الآخرة لهم عذاب مهين لكن من مثل هؤلاء تقبل التوبة فأذا ما تابوا واصلحوا فأن الله غفور رحيم، وان الله تعالي يحب عباده التائبين

نسأل الله تبارك وتعالي ان يثبت اقدامنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويجعل عاقبة امورنا الي خير.

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب 

حضرات المستمعين الأفاضل، حتي لقاء قرآني جديد، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة