بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل رسوله، نبينا وهادينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا في كل مكان ورحمة الله وبركاته؛ لقاء آخر من نهج الحياة يجمعنا واياكم الى مائدة القرآن الثرة، نجلس اليها للمنهل من أطيابها؛ كونوا معنا بعد هذا الفاصل وتفاسير لآيات في القرآن الكريم نستمع اليها بصوت الأستاذ القارئ برهيزكار.
يقول تعالى في الآية الثامنة عشرة من سورة آل عمران؛
شهد الله أنه لا إله إلا الله والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط.........الحكيم.
مستمعينا الكرام، تخاطب هذه الآية، النبي الأكرم (ص) والمسلمين بأن لا يشك ولا يرتاب إذا ما رأوا كفر الكافرين وشرك المشركين، ذلك أن العلماء الواعين من أهل المنطق والبصيرة هم الذين يشهدون بوحدانية الله وربوبيته جلت عظمته، وعلاوة على هذا فإن نظام الوجود القائم على أساس العدل، بعيدا عن كل افراط وتفريط في الخلق هو خير دليل على وحدانية خالق الوجود المتعال؛ الله سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض والجبال والبحار والنباتات والحيوانات، كلها تدار في نظام واحد، وإن وجود الملائكة في هذا النظام الواحد، وهم منفذوا الإرادة الربانية، دليل على التوحيد الإلهي الخالص، ونتعلم عزيزي المستمع من هذه الآية
أولا: أفضل دليل على توحيد الخالق، النظم الموجود في عالم الوجود والتناسق مابين مكونات هذا العالم الفسيح.
ثانيا: إن العلم له قيمته إذا ما أوصل الانسان الى عبودية الله تعالى وتوحيده كما أن الإيمان له قيمته إذا ما نهض على أساس من العلم والمعرفة.
مستمعينا الكرام، مازلتم تستمعون الى برنامج نهج الحياة، يقدم لحضراتكم من إذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
ويقول تعالى في الآيتين التاسعة عشرة والعشرين من سورة آل عمران؛
إن الدين عند الله الاسلام ................... بالعباد.
نعم أعزائي المستمعين في عهد النبي موسى وفي عصر النبي عيسى وفي زمن سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كان تكليف الإلهي يقتضي الإيمان بهم وبرسالاتهم،
لكن بعد أن بعث الرسول الأكرم محمد (ص) بالرسالة الخاتمة، أوجب الشرع الإسلامي الأنور، الإيمان بالإسلام دينا وبمحمد (ص) نبيا على أهل الكتاب وأتباع الديانات السابقة على الإسلام وغيرهم. فالدين عند الله الإسلام ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين، لكن التعصب الديني والعرقي جعل الكثيرين لا يتخذون الإسلام دينا وأن اليقين في قلوبهم بأحقيته وأفضليته على سائر الأديان.
ونتعلم من هذا الكلام الإلهي الرائع الدروس التالية؛
أولا: أن مصدر الكثير من الإختلافات الحسد والتعصب.
ثانيا: إن الدين عند الله الإسلام ومن يسلم لله فعليه اتباع هذا الدين الحنيف.
ثالثا: إن الواجب الشرعي يحتم على المسلمين في مقابل اتباع الديانات الأخرى، لا سيما أمام المعاندين منهم إتباع أسلوب المنطق والإستدلال لا الجدال الذي لا طائل منه لأن الرسول الخاتم (ص) ما كان عليه إلا البلاغ ولنا في رسول الله (ص) أسوة حسنة.
رابعا: الناس أحرار في اختيار الدين التي يرتأون ولا إكراه في الدين، ومن بعد هذا لا ينبغي أن يتصور البعض وجود التناقض في كيفية اختيار الدين، فالله تعالى اعتبر الإسلام النهج الصحيح للحياة، لكن دون أن يقصر أحد على اتباعه.
ويقول تعالى في الآيتين الحادية والعشرين والثانية والعشرين من سورة آل عمران المباركة.
إن الذين كفروا بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق...........من ناصرين.
تبين هاتان الآيتان، أعزاء المستمعين، النتائج السلبية لكفر وكتمان الحق وبشكل عام، فإن أعمال الإنسان تابعة لعقائده وأفكاره، فما يرفض في عقيدته قبول الحق فإنه لا يعمل به ويحول كذلك دون عمل الآخرين به، وقد يقاتل من يعمل بالحق ويتخذ سبيله. ونتعلم من هاتين الآيتين المباركتين:
أولا: الكفر وكتمان الحق قد يؤدي بعض الأحيان الى قتل الأنبياء (ع).
ثانيا: الدعوة الى الحق والنهوض لإرساء دعائم العدل، أمر لازم وإن انتهى بالشهادة في سبيل الله، وقد جسّد الإمام الحسين (ع) هذا المعنى السامي في نهضته المباركة في ربى الطف في صحراء كربلاء يوم العاشر من المحرم في عام 160 للهجرة، حيث استشهد وأهل بيته الطاهرين في سبيل العقيدة والمبدأ راضيا ومرضيا صلوات الله وسلامه عليه.
مستمعينا الكرام من إذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، قدمنا لحضراتكم برنامج نهج الحياة، نشكركم على حسن المتابعة؛ دمتم سالمين وفي أمان الله.