بسم الله وله جميل الحمد وطيب الثناء على أن رزقنا مودة أحب خلقه إليه المصطفى الأمين وآله الطيبين صلواته وتحياته عليهم أجمعين. السلام عليكم اخوة الإيمان والولاء، من العلامات البارزة لصدق مودة أهل بيت النبوة المحمدية عليهم السلام غيرة المحب لهم عليهم في مواجهة ظلم الظالمين لهم .وقد ظهرت هذه الغيرة الإيمانية القدسية في كثير من قصائد الولاء منها ما ورد في شعر شاعر هذه الحلقة وهو العلامة الجليل السيد مهدي بحر العلوم رضوان الله عليه.
نبدأ مستمعينا الأعزاء، بتعريف مختصر بهذا العالم الجليل طبق ما ذكره في ترجمته آية الله السيد محسن الأميني في موسوعه (أعيان الشيعة). فهو السيد مهدي ابن السيد مرتضى ابن السيد محمد الحسني البروجردي المعروف ببحر العلوم الطباطبائي، من نسل إبراهيم الملقب طباطبا من ذرية الحسن المثنى، ولد بكربلا ليلة الجمعة في شوال سنة ۱۱٥٥ للهجرة، وتوفي بالنجف الأشرف سنة ۱۲۱۲، ودفن قريباً من قبر الشيخ الطوسي، وقبره مزار مشهور يقصده المؤمنون. وقد وصفه العلماء بانه رئيس الإمامية وشيخ مشايخهم في عصره نادرة الدهر، الفقيه الأصولي الكلامي المفسر المحدث الرجالي الماهر في المعقول والمنقول المتضلع بالاخبار والحديث والرجال، التقي الورع والأديب الشاعر الجامع لجميع الفنون والكمالات الملقب ببحر العلوم عن جدارة واستحقاق. وقد كان ذا همة عالية وصفات سامية ونفس عصامية واخلاق كريمة وسخاء هاشمي ورياسة عامة.
وللسيد بحر العلوم قصيدة طويلة في رد مروان بن أبي حفصة وهو من شعراء النواصب الذي تهجم في قصيدة على الإمام علي عليه السلام، وأتباع مدرسة الثقلين. وقال السيد بحر العلوم في بعض أبيات قصيدته مخاطباً هذا الشاع الناصبي ومدافعاً عن أهل بيت النبوة عليهم السلام:
هجوت عليا ذا الفضائل والعلى
لحتك اللواحي ما اعتذارك للفضل
وبعت الهدى والعقل من أجهل الورى
فيا صفقة المغبون من ضيعة العقل
فأصغ إلى قولي وهل انا مسمعٌ
غداة أنادي الهائمين مع الوعل
علي أبونا كان كالطهر جدنا
له ما له الا النبوة من فضل
وبلغ فيه المصطفى أمر ربه
على منبر بالمنطق الصادق الفصل
وانزله منه بمنزلةٍ مضت
لهارون من موسى بن عمرانَ من قبل
وكان الأخ البر المواسي بنفسه
ومن لم يخالفه بقول ولا فعل
وأول من صلى وآمن واتقى
واعلم خلق الله بالفرض والنفل
وأشجعهم قلبا وأبسطهم يدا
و أرعاهم عهدا وأحفظ للأل
أباه أباة الفضل وانطلقوا إلى
هواهم وضلوا عاكفين على العجل
أبوا حيدرا إذ ليس فيهم مشاكل
له في العلى والشكل أميل للشكل
أبوه ويأبى الله الا الذي أبوا
وهل بعد حكم الله حكمٌ لذي عدل
له في العقود العاقدات له الولاء
من الله عقد مبرمٌ غير منحل
مستمعينا الأكارم، وننقلكم الآن الى مديحةٍ وجدانية مؤثرة تفجرت بها القريحة العرفانية لآية الله السيد بحر العلوم قدس سره الشريف، فقد روي في بعض الجراميع انه لما توجه السلطان سليمان القانوني من سلاطين العثمانيين إلى العراق، أتى إلى زيارة أمير المؤمنين عليه السلام، فلما بدت له القبة الشريفة أراد أن يترجل هيبة وإجلالا، فقال له وزيره وكان معروفاً بالنصب لأهل البيت عليهم السلام، فقال له: ان الترجل لايليق بك لأنه سلطان وأنت سلطان، فاتفق رأيهما على التفؤل بكتاب الله، ففتحه السلطان فوقع نظره على قوله تعالى: (فاخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوى)، فترجل وامر بضرب عنق الوزير ومشى حافيا، فأنشد مؤدب السلطان حينئذٍ بيتي الشاعر التهامي اللذين أولهما: (تزاحم تيجان الملوك ببابه)، فصار البيتان يذكران بين العلماء والشعراء فخمسهما جمع من الفضلاء فقال السيد مهدي بحر العلوم رضوان الله عليه:
تطوف ملوك الأرض حول جنابه
وتسعى لكي تحظى بلثم ترابه
فكان كبيت الله بيتاً علا به
تزاحم تيجان الملوك ببابه
ويكثر عند الاستلام ازدحامها
أتته ملوك الأرض طوعا وأملّت
مليكا سحاب الفضل منه تهللت
ومهما دنت زادت خضوعا به علت
إذا ما رأته من بعيد ترجلت
وان هي لم تفعل ترجل هامها
أيها الاخوة والأخوات، وللعلامة العارف السيد بحر العلوم تشطير بليغ لبيتي رئيس المذهب الشافعي في مودة العترة المحمدية عليهم السلام، قال قدس سره الشريف:
يا أهل بيت رسول الله حبكم
حب الرسول ومن بالحق أرسلهُ
أجر الرسالة عند الله ودكم
فرض من الله في القرآن أنزلهُ
كفاكم من عظيم القدر انكم
قد أكمل الدين فيكم يوم اكملهُ
وانكم بشهادات الصلاة لكم
من لم يصل عليكم لا صلاة له
جعلنا الله وإياكم إخواننا واخواتنا مستمعي إذاعة طهران من أهل المزيد من مودة محمد وآله الطاهرين وموالاتهم صلوات الله عليهم أجمعين. نشكر لكم أيها الأعزاء جميل الإصغاء لهذه الحلقة من برنامج (مدائح الأنوار)، تقبل الله أعمالكم ودمتم بكل خير.