بسم الله نور السماوات والارضين وله المجد والحمد تبارك خير المنزلين، واسنى الصلوات وأتم التسليم على مشكاة نوره المبين محمد الامين وآله الطاهرين.
السلام عليكم احباءنا، أبيات نروي بتلاوتها ينابيع المودة لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله)، هذه الابيات من قصيدة عصماء رقيقة في مدح خير الخليقة حبيبنا المصطفى (صلى الله عليه وآله).
جاشت بها قريحة عالم زكي وأديب تقي وسيد علوي هو السيد علي خان الحسيني المدني الشيرازي صاحب شرح الصحيفة السجادية الموسوم برياض السالكين وكذلك مؤلف كتاب سلافة العصر في ترجمة ادباء العصر، وكتاب الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة وغيرها من المصنفات النافعة.
قال هذا العالم الجليل المتوفى سنة الف ومائة وتسع عشرة للهجرة المحمدية ضمن قصيدة طويلة يُذكر فيها رحلته عبر البحر للحرمين الشريفين ثم يقول:
ووجهت وجهي نحو طيبة قاصداً
الى خير مقصود من البر والبحر
الى السيد البر الذي فاض بره
فوافيت من بحر أسير الى بر
الى خير الله الذي شهد الورى
له انه المختار في عالم الذر
فقبلت من مثواه اعتابه التي
أنافت على همام السماكين والنسر
وعفرت وجهي في ثراه لوجهه
وطاب لي التعفير إذ جئت عن عفر
فقلت لقلبي قد برئت من الجوى
وقلت لنفسي قد نجوت من العسر
وقلت لعيني شاهدي نور حضرة
أضاءت به الانوار في عالم الامر
وكما تلاحظون الافاضل فان العالم الاديب السيد علي خان المدني الشيرازي يشير الى ما ورد في كثير من الاحاديث الشريفة من إصطفاء الله تبارك وتعالى للحبيب المختار (صلى الله عليه وآله) قبل عالم الدنيا، اي في عوالم الذر والانوار والامر، ومعرفة هذه الحقيقة تجعل المؤمن يدرك ان ارتباطه برسول الله هو ارتباط مستمر في جميع عوالم الوجود.
ويواصل هذا الاديب العالم قصيدته الغراء مخاطباًَ نفسه ومذكراً لها بمقامات نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) قائلاً:
أتدرين ما هذا المقام الذي سما
على قمم الافلاك ام انت لم تدري
مقام النبي المصطفى خير من وفى
محمد المحمود في منزل الذكر
رسول الهدى بحر الندى منبع الجدا
مبيد العدى مروي الصدى كاشف الضر
قضى الله أن لا يجمع الفضل غيره
فكان اليه منتهى الفضل والفخر
وارسله الرحمن للخلق رحمة
فأنقذهم بالنور من ظلمة الكفر
وأودعه العلام اسرار علمه
فكان عليها نعم مستودع السرّ
واسرى به في ليلة لسمائه
فعاذ وجيب الليل ما شق عن فجر
واوحى اليه الذكر بالحق ناطقاً
بما قد جرى في علمه وبما يجري
فانزله في ليلة القدر جملة
بعلم وما ادراك ما ليلة القدر
ولقنه اياه بعد منجماً
نجوماً تضئ في الافق كالانجم الزهر
مفصل آيات حوت كل حكمة
ومحكم أحكام تجل عن الحصر
وأنهضه بالسيف للحيف ما حيا
وايده بالفتح منه وبالنصر
فضاءت به شمس الهداية وانجلت
عن الدين والدنيا دجى الغي في بدر
له خلق لولا مس الصخر لاغتدى
أرق من الخنساء تبكي على صخر
ويستمر الاديب العالم السيد علي خان المدني الشيرازي في مديحته الغراء وهو يترنم بالفضائل المحمدية قائلاً:
وجود لو ان البحر اعطي معينه
جرى ماؤه عذباً يمد بلا جزر
إذا عبس الدهر الضنين لبائس
تلقاه منه بالطلاقة والبشر
وإن ضن بالغيث السحاب تهللت
سحائب عشر من انامله العشر
ففاضت على العافين كف نواله
فكم كف من عسر وكم فك من اسر
وكم للنبي الهاشمي من عوارف
يضيق نطاق الحمد عنهن والشكر
اليك رسول الله أصبحت خائضاً
بحاراً يغيض الصبر في لجها الغمر
على ما براني من ضنى صح برؤه
وليس سوى رحماك من رائد يبري
فانعم سريعاً بالشفاء لمسقم
تقلبه الاسقام بطناً الى ظهر
وخذ بنجاتي يا فديتك عاجلاً
من الضر والبلوى ومن خطر البحر
عليك صلاة الله ما اخضرت الربى
وماست غصون الروض في حلل خضر
قرأنا لكم الافاضل ابياتاً من مديحة غراء لسيد المرسلين الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله) وهي من انشاء الاديب العالم شارح الصحيفة السجادية السيد علي خان الحسيني المدني الشيرازي المتوفى سنة ۱۱۱۹ للهجرة (رضوان الله عليه).