البث المباشر

آمنة بنت الشريد سجينة الولاء وشهيدته

الثلاثاء 12 نوفمبر 2019 - 13:14 بتوقيت طهران
آمنة بنت الشريد سجينة الولاء وشهيدته

إذاعة طهران- من أعلام المؤمنات: الحلقة 17

السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله
تحية طيبة، وأهلاً بكم في لقاء آخر من هذا البرنامج، وحديثنا فيه عن تابعية مجاهدة جهرت بكلمة الحق في وجه السلطان الجائر، وهي سجينة وأسيرة في قبضته حتى دس لها السم فرحلت الى ربها راضية مرضية.
إنها السيدة الرشيدة آمنة بنت الشريد زوجة الصحابي الجليل عمرو بن الحمق الخزاعي الذي دعا له رسول الله – صلى الله عليه وآله – بأن يحفظ الله شبابه فأستجيب دعاؤه وقتل عمرو شهيداً بأمر معاوية وقد بلغ التسعين دون أن تظهر له ولا شعرة شيب واحدة.
وكانت زوجته آمنة كزوجها الشهيد صلبة الإيمان في موالاة الوصي المرتضى بعد النبي المصطفى – صلى الله عليهما وآلهما – ولذلك سجنها معاوية بعد إستحواذه على حكم المسلمين.

 


مستمعينا الأكارم، نقل المؤرخون رواية موقف هذه التابعية الجليلة من الطاغية الجائر معاوية فقالوا: -
لما قتل علي بن أبي طالب عليه السلام بعث معاوية في طلب شيعته، فكان في من طلب عمرو بن الحمق الخزاعي، فراغ منه، فأرسل امرأته آمنة بنت الشريد فحبسها في سجن دمشق سنتين. ثم إن عبدالرحمن بن الحكم ظفر بعمرو بن الحمق في بعض الجزيرة – أي الموصل – فقتله، وبعث برأسه إلى معاوية، وهو أول رأس حمل في الإسلام. فلما أتى معاوية الرسول بالرأس، بعث به إلى آمنة في السجن، وقال للحرسي: احفظ ما تكلمت به حتى توديه إلي واطرح الرأس في حجرها، ففعل هذا، فارتاعت له ساعة. ثم وضعت يدها على رأسها وقالت: واحزنا! لصغره في دار هوان وضيق من ضيمة سلطان، غيبتموه عني طويلا وأهديتموه إلي قتيلا، فأهلا وسهلا بمن كنت له غير قالية وأنا له اليوم غير ناسية، ارجع به أيها الرسول إلى معاوية، فقل له ولا تطوه دونه: أيتم الله ولدك وأوحش منك أهلك ولا غفر لك ذنبك.

 


وما كان أصعب مواجهة طاغية بني أمية بمثل هذه الكلمات يومذاك فماذا كان موقفه؟ قال المؤرخون: :
رجع الرسول إلى معاوية، فأخبره بما قالت، فأرسل إليها فأتته، وعنده نفر فيهم أياس بن حسل أخو مالك بن حسل، وكان في شدقيه نتوء عن فيه لعظم كان في لسانه وثقل إذا تكلم، فقال لها معاوية: أأنت يا عدوة الله صاحبة الكلام الذي بلغني؟ قالت: نعم! غير نازعة عنه ولا معتذرة منه ولا منكرة له، فلعمري لقد اجتهدت في الدعاء إن نفع الاجتهاد، وأن الحق لمن وراء العباد، وما بلغت شيئا من جزائك وإن الله بالنقمة من ورائك. فأعرض عنها معاوية. فقال أياس أقتل هذه يا أمير المؤمنين، فوالله ما كان زوجها أحق بالقتل منها! فألتفتت إليه، فلما رأته ناتئ الشدقين ثقيل اللسان، قالت: تبا لك! ويلك!ً بين لحيتيك كجثمان الضفدع، ثم أنت تدعوه الى قتلي كما قتل زوجي بالأمس، إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض، وما تريد أن تكون من المصلحين، فضحك معاوية، ثم قال: لله درك! أخرجي ثم لا أسمع بك في شئ من الشام. قالت: وأبي لأخرجن! ثم لا تسمع لي في شئ من الشام، فما الشام لي بحبيب ولا أعرج فيها على حميم، وما هي لي بوطن ولا أحن فيها إلى سكن، ولقد عظم فيها ديني وما قرت فيها عيني، وما أنا فيها إليك بعائدة ولا حيث كنت لك بحامدة.


مستمعينا الأكارم، وهنا قرر الطاغية الأموي إغتيال التابعية الجليلة وكمقدمة لذلك أمر بأطلاق سراحها، قال المؤرخون:
وأشار إليها ببنانه: أخرجي، فخرجت وهي تقول: واعجبي لمعاوية يكف عني لسانه ويشير إلى الخروج ببنانه، أما والله ليعارضنه عمرو بكلام مؤيد سديد أو جمع من نوافذ الحديد أو ما أنا بابنة الشريد – عنت بذلك في مواقف يوم القيامة – ثم خرجت، وتلقاها الأسود الهلالي – وكان رجلا أسود أصلع – فسمعها وهي تقول ما تقول، فقال: لمن تعني هذه ؟ آلأمير المؤمنين تعني؟ عليها لعنة الله!
فالتفتت إليه، فلما رأته قالت: خزيا لك وجدعا! أتلعنني؟ واللعنة بين جنبيك وما بين قرنيك إلى قدميك، إخسأ، فاذلل بك نصيرا واقلل بك ظهيرا، فبهت الأسلع ينظر إليها، ثم سأل عنها فأخبر، فأقبل إليها معتذرا خوفا من لسانها. فقالت: قد قبلت عذرك، وإن تعد أعد، ثم لا أستقيل ولا أراقب فيك. فبلغ ذلك معاوية، فقال: زعمت يا أسلع أنك لا تواقف من يغلبك، أما علمت أن حرارة المبتول ليست بمخالسة نوافذ الكلام عند مواقف الخصام؟ أفلا تركت كلامها قبل البصبصة منها والاعتذار إليها؟ قال: إي والله يا أمير المؤمنين؟ لم أكن أرى شيئا من النساء يبلغ من معاضيل الكلام ما بلغت هذه المرأة، حالستها، فإذا هي تحمل قلبا شديدا ولسانا حديدا وجوابا عتيدا، وهالتني رعبا وأوسعتني سبا.

 


وهنا خطط معاوية لتغطية جريمته بالعزم على قتل آمنة بنت الشريد بأظهار إكرامها والدعاء بكفاية شرها ليصور قتلها بأنه إستجابة من الله لدعائه، قال المؤرخون ثم إلتفت معاوية الى عبيد بن أوس، وقال له: إبعث لها ما تقطع به عنا لسانها وتقضي به ما ذكرت من دينها، وتخف به إلى بلادها، وقال: اللهم اكفني شر لسانها، فلما أتاها الرسول بما أمر به معاوية، قالت:
يا عجبي لمعاوية! يقتل زوجي ويبعث إلى بالجوائز، فأخذت ذلك وخرجت تريد الجزيرة فمرت بحمص، فقتلها الطاعون – أي كناية عن جواسيس معاوية – فبلغ ذلك الأسلع، فأقبل إلى معاوية كالمبشر له، فقال له: أفرخ روعك يا أمير المؤمنين، قد استجيبت دعوتك في ابنة الشريد، وقد كفيت شر لسانها. قال: وكيف ذلك؟ قال مرت بحمص فقتلها الطاعون، فقال له معاوية: فنفسك فبشر بما أحببت، فإن موتها لم يكن على أحد أروح منه عليك، ولعمري! ما أنصفت منها حين أفرغت عليك شؤبا وبيلا، فقال الأسلع: ما أصابني من حرارة لسانها شئ إلا وقد أصابك مثله أو أشد منه.

 


رحم الله السجينة الصابرة والشهيدة الفاضلة آمنة بنت الشريد زوجة الصحابي الشهيد عمرو بن الحمق الخزاعي وسلام الله عليها يوم ولدت ويوم أستشهدت ويوم تبعث حية تخاصم قتلتها في محكمة العدل الإلهي...
والى هنا ينتهي أيها الأعزاء لقاؤنا بكم في هذه الحلقة من برنامج (من أعلام المؤمنات) قدمناه لكم من إذاعة طهران، دمتم بكل خير وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة