نص الحديث
قال الامام الرضا (عليه السَّلام): "من خاف: أمن".
دلالة الحديث
هذا النص قد يتساءل القارئ حياله قائلاً: هل هو تعبير حقيقي ام تخيلي ؟ والجواب هو: انه ينسحب على كليهما، حيث ان التعبير التخيلي او المعدول او الانزياحي (كما يطلق عليه في الحياة المعاصرة) لا ينحصر في ايجاد علاقة تخيلية بين شيئين لا علاقة واقعية بينهما بل ينسحب على كل صياغة تعبيرية تتضمن التقابل او التضاد او التجانس من خلال التضاد، او التضاد من خلال التماثل وهكذا... وفي ضوء هذه الحقيقة البلاغية نتجه الى ملاحظة النص المتقدم... فماذا نرى؟
من البين ان (الخوف) يضاد (الأمن) فقوله (عليه السَّلام): (من خاف: أمن يعني: انه (عليه السَّلام) قد استخدم (التضاد) بين شيئين (الخوف والأمن)... هذا من جهة ومن الجهة الثانية ان مصطلحي (الخوف والامن) هنا نستطيع ان نعتبرهما (رمزين) بلاغين اي: ان (الخوف) يرمز الى (الايمان) او (التقوى) واما (الأمن) فيرمز به الى الثواب الاخروي المتمثل في رضاه تعالى وفي دخول المؤمن: جنة النعيم...
واما من الجهة الثالثة بلاغياً، فان (الخوف) و(الأمن) مصطلحان شرعيان، اي: ان النص القرآني الكريم والنصوص الواردة عن المعصومين (عليهم السَّلام)، طالما تشير الى هذين المصطلحين في ذهابهما الى ان من خاف مقام ربه: فله جنتان مثلاً، او عبارة "من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فان الجنة هي المأوى".
ان امثلة هذه النصوص قد اقتبسها الامام (عليه السَّلام) ونسجها بمثابة مايسمى في اللغة النقدية ب (التناص).
اذن: هذه ثلاثة نماذج قد استخلصناها من عبارة (من خاف أمن) حيث حفلت العبارة بمبادئ بلاغية متنوعة كما لاحظنا.
يضاف الى ذلك ان امكانية الذهاب الى ان عبارة (من خاف: امن) هي عبارة (واقعية) بصفة ان من خاف الله تعالى أمن من عذابه فعلاً اي: ينسحب عليه الأمن الأخروي: اتساقاً مع دلالة "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ"...الخ).
المهم: في الحالات جميعاً نجد ان عبارة الامام الرضا(عليه السَّلام) حفلت بنكات دلالية ذات بلاغة فائقة بالنحو الذي اوضحناه.
ختاماً: نسأله تعالى ان يجعلنا ممن يخاف مقام ربه، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة المطلوبة، انه سميع مجيب.