نص الحديث

قال الامام الحسن عليه السلام: "المسؤول حر حتى يعد، ومسترق حتى ينجز"

دلالة الحديث

الحديث المتقدم للامام الحسن (عليه السلام)، يتضمن صورة فنية هي: استعارة او رمز، ... انها تتحدث عن الوعد بالشيء وانجازه، وتربط ذلك بمن هو حر ومن هو عبد، ومن خلال الربط المتقدم نتبين اهمية الحديث.. فماذا يعني ؟ من الواضح، ان الالتزام بالوعد يجسد سمة اخلاقية رفيعة، حتى ان الله تعالى وصف احد انبيائه بصدق الوعد قبالة اوصاف متنوعة لانبياء آخرين مثل صفة (شكور) لنوح (عليه السلام) و( صابر) لأيوب (عليه السلام) ...الخ لقد وسم الله تعالى اسماعيل بصدق الوعد حيث قال تعالى: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ" اذن: صدق الوعد من الأهمية بمكان مادام النص القرآني الكريم خص به احد انبيائه ... والآن مع معرفتنا لأهمية الصدق في الوعد نتجه الى حديث الامام الحسن(عليه السلام) حتى نتبين الأسرار البلاغية وراء ذلك.
حديث الامام (عليه السلام) ذو شطرين، الاول منهما يقول "المسؤول حر حتى يعد" والشطر الآخر هو "ومسترق حتى ينجز" ...
ترى: ماذا نستلهم من الشطرين المذكورين ؟
واضح ان الحر قبالة العبد يتميز بكونه حراً في تصرفاته، بعكس العبد لايستطيع الحراك الا بأذن مولاه ...
والآن مع هذه الحقيقة: لنتأمل كيفية صياغة الامام (عليه السلام) له!
لقد ذكر الامام (عليه السلام) ان من يتحمل مسؤولية ما هو حر بمعنى انه يعرف كيفية التصرف وفق ما يراه من الحكمة في هذا السلوك او ذاك ... ولكن هذا الحر اذا وعد بشيء فان حريته تسمح له بان يعد بهذا الشيء اوذاك لانه حر، الا ان حريته المذكورة تتلاشى وتتحول الى الضد في حالة ما اذا لم يف بوعده، ... لذلك فان السمة التي سوف تنسحب عليه بعد اعطائه الوعد هي: الرق او الاسترقاق بمعنى انه ليس حراً في عدم الالتزام بالوعد بل هو مسترق حتى ينجز ما وعد، ... اذن : هو حر في الوعد، وعبد في الانجاز، فاذا أنجز رجع الى حريته ...

بلاغة الحديث

اذن: ما اشد هذا الحديث الاستعاري او الرمزي من حيث طرافته وعمقه واهمية ما طرحه من الالتزام بالوعد ...
ختاماً: نسأله تعالى ان يوفقنا الى الالتزام بالوعد وسائر مبادئ السلوك العبادي، وان يوفقنا بعامة الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.