نص الحديث
قال الامام المهدي (عليه السَّلام) في التعريف بأهل البيت (عليه السَّلام): بأنهم "أعلام الهدي، ومنار التقي".
دلالة الحديث
النص المتقدم جزء من نص شامل، يتضمن التعريف بالمعصومين (عليهم السَّلام)، وقد وردت هاتان العبارتان متجاورتين مما يعني: اشتراكهما من جانب في الدلالة وافتراقهما – بطبيعة الحال – من جانب آخر، ويعنينا منهما البعد الدلالي والبلاغي، حيث يتجسد البعد الدلالي في الذهاب الي ان المعصومين (عليهم السَّلام) هم: الشخصيات الذين اصطفاهم تعالي لقيادة البشر، حيث وصفهم النص بأنهم اعلام ومنار، حيث ان العلم والمنار يشيران الي الموقع القيادي او الي الهرم أو الي النور الذي يستمد الآخرون منه ما يحتاجون اليه من مبادئ السلوك او المعرفة العبادية دنيوياً واخروياً... والمهم هو ان نحدثك عن البعد البلاغي الآن بعد ان لاحظنا الدلالة بنحو مجمل، حيث ان الدلالة قد ارتكنت صياغة بلاغية تتمثل في صورتين استعاريتين او رمزين هما: الاعلام والمنار، حيث خلع النص طابع الاعلام علي الهدي، وخلع طابع المنار علي التقي، اي خلع ما هو مادي علي ما هو معنوي تعميقاً للدلالة علي نحو ما نوضحه الآن.
بلاغة الحديث
ان عبارة اعلام الهدي تعني: ان العلم وهو ما يشكل رمزاً أو علامة للاخرين في مسيرهم لهذا الهدف او ذاك فاذا خلع النص هذه السمة العلم علي الهدي فهذا يعني ان الهداية تتجسد في المعصومين (عليه السَّلام) وانهم الاعلام لذلك، فعلي الاخرين ان ينضووا تحت العلم المذكور اذا اراد وأن يحققوا اشباعتهم دنيوياً وآخروياً. وهذا فيما يتصل بعبارة اعلام الهدي واما ما يتصل بعبارة منار التقي فسنبدأ بتوضيحها الآن. المنار مصطلح لغوي قد يكون بمعني العلم ايضاً اي: يصبح علامة لمعرفة الطريق... وقد يعني مصدر الانارة ولكن بما ان العبارة الاولي اعلام قد استخدمها النص بمعناها المرشد الي المسير، حينئذ نتوقع ان تكون عبارة المنار تعني: مصدر الإنارة، وبهذا تتكيف لدلالة المقصودة وتتنوع تبعاً لتنوع المعرفة او الافادة عن طريق المعصومين (عليهم السَّلام)، ان عبارة منار التقي قد استخدمت بلاغياً لتفترق عن سابقتها اعلام الهدي في التعريف بما هو ذروة الهدي اي: ان العلم يدلل علي الطريق، ولكن المنار ينير لك الطريق، وبهذا نتبين مدي النكتة البلاغية الكامنة وراء صياغة هاتين العبارتين اعلام الهدي ومنار التقي، بصفة ان الهدي هو الايمان بالله تعالي وفق المبادئ التي رسمتها الشريعة، واما التقي فهي ذروة الالتزام بالمبادئ العبادية، بصفة ان الانسان قد يهتدي الي الايمان بالله ورسوله واهل بيته، ولكن يحتاج الي الارتفاع الي اعلي درجات الايمان إلا وهو التقي، كما هو واضح. اذن: تبين لنا – ولو سريعاً – ما انطوت عليه العبارتان المشار اليهما، سائلين الله تعالي ان يجعلنا من المتمسكين بالمعصومين (عليهم السَّلام)، وان يوفقنا الي ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.