نص الحديث
قال الامام عليّ (عليه السلام): صاحب السلطان كراكب الأسد، يغبط بموقعه، وهو اعلم بوضعه.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم، يشير الي المقر بين من الرؤساء والملوك والسلطة، ويشبههم بمن يركب الأسد وهو حيوان مفترس، حيث يغبطهم الناس علي موقعهم عند السلطان، ولكنهم – آي المقر بين من السلطان – هم أعرف بمنزلتهم الحقيقية حيث تقترن بالخوف من السلطان، وهو غير مأمون منه. حيث ينصرف وفق مزاجه المتعالي علي نحو ما سنوضح ذلك في الفقرة الآتية من الكلام.
الكلام المتقدم نور وبلاغة، انه نور حيث يحذرنا من الاقتراب من السلاطين، بصفتهم يتحسسون بالفوقية وبالعلو وبالزهد وبالنرجسية، وكم رأينا من الأشخاص والطوائف المتنوعة التي غدر بهم السلاطين، وعرضوهم للمحن بعد العز، وقد ورد في حديث آخر تحذير للاطباء ايضاً، حيث اوضح المعصومون عليهم السلام ان طبيب السلطان اذا اخطأ فهو عرضة للموت، واذا لم يخطئ فلا يقدّره السلطان، وهو تحذير بالغ الأهمية في الكشف عن التركيبة النفسية للسلاطين.
بلاغة الحديث
واما كون الحديث المحذر من صاحب السلطان وتشبيهه براكب الاسد، وهو مغبوط ولكنه اعرف بموضعه، فانه حديث يطفح ببلاغته الفائقة، لأنه او لا يشبه صاحب الملوك براكب الاسد حيث يغبطه الناس، ومن البين ان راكب الاسد يحتل موقعا اجتماعياً مهما ولكنه محفوف في الوقت ذاته بالخطر، لان الأسد ليس حيوانا انيقا بل هو حيوان مفترس لا يؤمن جانبه، حيث يغدر براكبه ويمسح به الارض.
من هنا، فان صاحب السلطان الذي يغبط بموقعه يظل – من حيث المعرفة بمصيره البائس – اعرف بنفسه من الخطر الذي ينتظره، بينما يغفل الناس عن ذلك، واهمية هذا التشبيه من زاوية اخري هي: ملاحظة الجانب النفسي عند السلطان وصاحبه والناس، فالسلطان هو تركيبة عدوانية، والاسد تركيبة عدوانية، اما الناس فغافلون، واما صاحب السلطان، فغافل وواع في آن واحداً انه واع بموضعه وفرح به، ولكنه في الآن ذاته قلق، خائف، متوتر.
وهكذا نجد الامام علياً (عليه السلام) عندما يصوغ لنا الحديث المتقدم بهذا النمط من الصياغة، انما يدلّنا علي ما ينبغي ان نسلكه في تعاملنا الاجتماعي، انه يحذرنا من الاقتراب من السلاطين، وينبّهنا علي ضرورة الّا نغبط احداً بالموقع الدنيوي المتقدم.