1ـ أن يكون زائر الحسين عليه السلام عارفاً بحقّ الإمام الحسين عليه السلام؛ لأنّ الثواب الجزيل إنّما يترتّب على كون الزائر عارفاً بحقّ الإمام عليه السلام، ولعل التفاوت في الأجر الذي تقدَّم في الروايات يرجع إلى التفاوت في المعرفة، فبعض الزائرين يُعطى بكلّ خطوة حسنة في حين يُعطى الآخر بكلّ خطوة ألف حسنة، ويحصل الآخر بمقدار معرفته على ثواب حجّة متقبَّلة بكلّ خطوة، في حين يحصل العارف بحقّه بكلّ خطوة على عتق رقبة. فالمناسب للزائر أنّ يشتغل طول الطريق بالتعرُّف على شخصية الإمام الحسين عليه السلام وأخلاقه، ويحاول تطبيقها والعمل بها ليحصل على الثواب الجزيل.
2ـ أن يغتسل ويلبس ثياباً نظيفة وطاهرة، ويحافظ على السكينة والوقار، فلا يتصرَّف تصرُّفاً ينافي ذلك، وينبغي مراعاة النظافة بشكل عام طوال الطريق ويتجنَّب رمي النفايات على الأرض، بل ينبغي له رميها في المكان المخصص لها؛ فإنّ الله تعالى يقول: ﴿ نَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾[39]، كما أنّ من المبادئ الأساسية في الإسلام هي النظافة؛ فينبغي لزائر الحسين عليه السلام وسائر الأئمّة عليهم السلام خلال مسيره أن يعمل بهذه المسائل، فإنّه سيُعطي بذلك درساً للآخرين.
3ـ أن يتجنَّب خلال طريقه إلى الحسين عليه السلام كلَّ ما يسيء إلى سمعة وكرامة وعزّة المذهب؛ فإنّ التصرُّفات السلبية لزائر الحسين عليه السلام ستنعكس على سمعة المذهب وكرامته، فعلى الزائر أن يبتعد عمّا يسيء للمذهب، كالتهاون بالصلاة وعدم رعاية الحجاب، كما أنّ عليه أن يحفظ قلبه وسمعه ولسانه وبصره عن الحرام؛ فإنّ الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾[40]. وقد جاء في صحيحة هشام بن الحكم، قوله: «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إياكم أن تعملوا عملاً يعيِّرونا ـ أي المخالفون ـ به، فإنّ ولد السوء يُعيَّر والده بعمله، وكونوا لمَن انقطعتم إليه زيناً ولا تكونوا علينا شيناً… ولا يسبقوكم ـ يعني المخالفين ـ إلى شيء من الخير، فأنتم أوْلى به منهم»[41].
4ـ ينبغي لزائر الحسين عليه السلام حال مشيه أن يعمل أفعال الخير، فيرحم الكبير، ويعطف على الصغير، ويساعد المحتاج، ويغيث الملهوف، ويتخلّق بالأخلاق الحسنة، وأن يتكلَّم مع الناس بما هو خير طبقاً لقوله تعالى: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾[42]، بحيث يكون متمسِّكاً بأخلاق أهل البيت عليهم السلام وداعية لهم؛ فإنّ التصرُّفات الإيجابية ستنعكس على سمعة المذهب وكرامته؛ ولذا ورد عن سليمان بن مهران، قال: «دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام وعنده نفر من الشيعة، فسمعته وهو يقول: معاشر الشيعة، كونوا لنا زيناً، ولا تكونوا علينا شيناً، قولوا للناس حسناً، واحفظوا ألسنتكم وكفّوها عن الفضول وقبيح القول»[43].
5ـ عدم الأكل أثناء المشي، بل المناسب أن يجلس ويستريح قليلاً، ثمَّ يأكل، إلّا إذا اضطرّ إلى ذلك، وعدم السرعة في المشي؛ فإنّه من المستحبّات أن يمشي بسكينة ووقار، وسرعة المشي تذهب بالسكينة والوقار وتطفئ نور المؤمن، فعن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «لا تأكل وأنت تمشي إلّا أن تضطرّ إلى ذلك»[44]. وقد ورد عن أبي الحسن عليه السلام: «سرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن»[45]، وقال عليه السلام: «المشي المستعجل يذهب ببهاء المؤمن ويطفئ نوره»[46].
6ـ أن يتحلّى بآداب المشي، فعليه أن يكون قاصداً في مشيه إلى زيارة الحسين والأئمّة المعصومين عليهم السلام، ويمشي على الأرض هوناً، وبتذلل وخضوع وعلى سكينة ووقار؛ كي يكون ممَّن يمشي سوياً على صراط مستقيم. حيث تشير إلى ذلك الآيات الكريمة، كقوله تعالى:
﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ﴾[47]، و﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾[48] ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾[49] و﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾[50].