خلال العام 2014 أعلن مقر خاتم الأنبياء للدفاع الجوي أنّه أنذر طائرة تجسس أمريكية من طراز U-2. وبعد عامين وتحديدا في تشرين الأول من العام 2016 أعلن قائد مقر خاتم الأنبياء للدفاع الجوي أنّه تم توجيه تحذيرًا إضافيًا الى طائرة تجسس أمريكية من طراز الطائرة السّابقة.
لكن ما تم الكشف عنه حول توجيه التحذيرات الى طائرة U-2 الأمريكية لا ينتهي هنا، ومرّة أخرى وخلال العام 2017 تقع هذه الطائرة في مصيدة شبكة الدفاع الجوي الايراني حيث قال قائد مقر خاتم الأنبياء للدفاع الجوي عن هذه الحادثة : "مقر خاتم الأنبياء للدفاع الجوي وقبل 10 دقائق من توجيه التّحذير الى الطائرة الأمريكية كان يرصدها منذ اقلاعها من قاعدتها، وعندما تم التّأكد من مهمة هذه الطائرة التّجسسية، تم توجيه التحذير الى قائد هذه الطائرة خلال 30 ثانية وذلك قبل ساعات من بدء العام الايراني الجديد في ربيع العام 2017 .
ومن ذلك الوقت الى اليوم يتم التّساؤل حول كيفية استطاعة الجمهورية الاسلامية الايرانية من رصد الطائرات الأمريكية من لحظة اقلاعها حتى زمن توجيه التّحذير اليها قبل وصولها الى حدود الجمهورية الاسلامية الايرانية.
طائرة U-2s الأمريكيّة
طائرة U-2 الأمريكية هي طائرة تجسسية أمريكية بعيدة المدى ومتطورة، وقد صممتها وصنعتها شركة "لاكهيد مارتين" الأمريكية ودخلت الخدمة الفعلية في القوات الجوية الأمريكية منذ 50 عاما.
وعلى الرّغم من أن هذه الطائرة التجسسية لا تستطيع التّخفي عن الرادار إلّا أنها تحلّق على ارتفاعات شاهقة حتى 21 كيلومتر بما يشكّل صعوبة في كشفها عبر الرادارات، كما تستطيع هذه الطائرة مواصلة التحليق لـ 12 ساعة متواصلة.
وبطبيعة الحال فقد تم كشف واسقاط 3 طائرات من هذا الطراز من قبل كوبا (27 تشرين الأول 1962)، الصين (10 كانون الثاني 1965) والاتحاد السوفيتي السّابق في (1 أيار من العام 1960).
والملفت للانتباه أن الدّول الثلاثة أسقطت هذه الطائرات عبر استخدام صواريخ s-75 أو ما يعرف بصواريخ سام 2 وهو صاروخ أرض – جو بعيد المدى من صناعة الاتحاد السوفيتي السابق.
وخلال السّنوات الأخيرة قام الجيش الأمريكي بتصميم وصناعة طائرة التجسس من طراز RQ-4 غلوبال هوك لتكون بديل عن طائرة U-2، لكن لم تستطيع هذه الطائرة الجديدة أن تكون بديلا كاملا عن الطائرة U-2. وفي هذا المجال قامت ايران برصد طائرة " MQ-4C" ترايرتون والتي هي نموذج بحري لطائرة "غلوبال هوك" منذ لحظة انطلاق من قاعدة الظفرة في الامارات وتم إسقاطها عبر إطلاق صاروخ من طراز "3 خرداد" بالقرب من مضيق هرمز.
وخلال تشرين الأول من هذا العام أعلن نائب وزير الدفاع الايراني العميد تقي زادة خلال زيارته لمعرض عسكري عن توقف تحليق الطائرات التجسسية الأمريكية من طراز U-2 فوق أجواء المنطقة مشيرًا إلى أنه بعدما أزاحت إيران السّتار عن منظومة "باور 373" والتي كانت تنطلق من قبرص وتقوم بتحليق تجسسي لمرتين في الأسبوع في أجواء المنطقة.
والقاعدة التي كانت تنطلق منها طائرات U-2 الأمريكية لتقوم بجولات تجسسية في أجواء المنطقة هي قاعدة "اكورتيري" الجوية الموجودة في جنوب قبرص والتي تديرها القوات الجوية البريطانية.
طائرات U-2 الأمريكية كانت تتواجد في المنطقة منذ سنوات عديدة وقامت بتنفيذ العديد من المهمات التجسسية لا سيّما إبّان الغزو والاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق. وتبعد هذه القاعدة عن الحدود الغربية لإيران حوالي 1200 كيلومتر وعن الحدود الجنوبية لإيران حوالي 2000 كيلومتر. لذا كان لا بد من رصد وكشف هذه الطائرات التي تنطلق من هذه القاعدة عبر استخدام الرادارات بعيدة المدى.
وخلال العام 2014 قام مقر خاتم الأنبياء بكشف رادار "سبهر" بعيد المدى مع مديات تتراوح بين 2500 الى 3000 كيلومتر، وبالنظر الى المسافة بين قبرص وإيران فمن المفترض أن هذا الرادار استطاع رصد هذه الطائرات الامريكية منذ لحظة اقلاعها من قاعدتها في قبرص.
الرادارات بعيدة المدى وعبر اطلاق الأشعة السينية الرادارية بترددات خاصّة نحو الأجواء تستطيع توفير إمكانية رصد أجواء المنطقة وحتى البر وذلك حتّى مديات أبعد بكثير من الرادارات العادية.
في الحقيقة أن الرادارات العادية والتي تتواجد على ارتفاعات معيّنة من سطح البحر، وبسبب دائرة الكرة الأرضية، لا تستطيع رصد الأهداف وكشفها في مديات أبعد من 30 كيلومترا (الارتفاع المنخفض) ولهذا السبب لا بد من وضع هذه الرادارات على أبراج معينة وعلى ارتفاعات معّينة لكي تغطّي مديات أكبر لكن الرادارات بعيدة المدى وعبر استخدام أمواج ذات ترددات خاصة تطلقها في الأجواء وبالتالي تستطيع رصد الأهداف الجوية والبرية على السّواء وحتّى مديات كبيرة لتكون بذلك هذه الرادارات أول حلقة للتحذير المسبق في شبكة الدفاع الجوي.
خلال تشرين الثاني من العام 2014 تم إزاحة الستار عن رادار "سبهر" الذي يصل مداه حتى 2500 كيلومترًا. هذا الرادار الذي لم يتم كشف أي صورة عنه حتى اليوم هو رادار بعيد المدى يستطيع كشف كل الأهداف التي تمتلك امكانيات التّخفّي عن الرادار كما يُمكنه كشف جميع الأهداف على مختلف المرتفعات المنخفضة، المتوسطة والمرتفعة كما يستطيع حتى كشف الأهداف الطائرة الصّغيرة، الصواريخ الباليستية والنّصف باليستية وكذلك صواريخ كروز.
وفي شباط من العام 2015 كشف قائد مقر خاتم الأنبياء للدفاع الجوي العميد أمير اسماعيلي عن تطور مراحل نشر رادار "سبهر" بنسبة 40 بالمئة. وبطبيعة الحال فإن النسبة هذه ارتفعت حتى تاريخ اليوم بالنظر الى مضي أكثر من 4 سنوات منذ ذلك التصريح.
مع تطور القدرات الرادارية والدفاع الجوية للجمهورية الاسلامية الايرانية، فإن القوات المسلحة أصبحت اليوم أكثر جهوزية وقدرة للدفاع عن عمق الأجواء الايرانية وبالتالي رصد كل الأهداف الطائرة حتى قبل وصولها الى الحدود الايرانية.