وفي عهد الفتوحات الإسلاميّة مر بها خالد بن عرفطة سنة ۱٤ هـ، واتخذها مقراً لجنده ومعسكراً لجيشه فترة من الزمن ثم انتقل منها إلى الكوفة بعد بنائها وتمصيرها. ونزلها أيضاً خالد بن الوليد قبل هذا التاريخ أي في سنة ۱۲ هـ عند مسيره لنجدة عياض بن غنم(۱). ويروي الشيخ المفيد (قدس سره) في كتاب (الإرشاد) حديثاً مفاده أن الإمام علي (عليه السلام) عند توجهه إلى صفين عام ۳٦ هـ بلغ طف كربلاء فأخذ ينظر يميناً وشمالاً ثم استعبر وقال: هذا مناخ ركابهم وموضع قتلهم فسئل ما هذا الموضع؟
فأجاب (عليه السلام): هذه كربلاء يقتل فيها قوم يدخلون الجنة بغير حساب ثم سار الإمام علي (عليه السلام) دون أن يعرف الناس تأويل حديثه، حتى كان أمر الحسين (عليه السلام) وقد مر من كربلاء سنة (٦۱ هـ. ٦۸۰ م) وخيم فوق أرضها(۲).
أما تاريخ كربلاء الحقيقي فقد بدأ يوم وصلها الإمام أبو عبد الله الحسين بن عليّ (عليه السّلام) سنة ٦۱ هـ وكرر فيها موقفه الرافض لبيعة يزيد بن معاوية معلناً الثورة عليه، وكان أهل الكوفة قد كتبوا إليه يدعونه بالقدوم عليهم لنصرته، ولما بلغ أطراف بلدهم تخاذلوا عنه، فصبر وجاهد ولم يهن، وواجه بالقلة القليلة من أهل بيته وأصحابه الجيشَ الكبير الذي خرج لقتاله. وفي اليوم العاشر من محرم حدثت الواقعة التي أدمت قلوب المسلمين، وأفزعت نفوسهم، وأسفرت عن مصرع الإمام الحسين (عليه السّلام) ومن معه. وفي كتب المقاتل - وهي كثيرة - تفاصيل تلك الواقعة الخالدة التي ضرب فيها الإمامُ الحسين (عليه السّلام) وأهله وأصحابه الميامين أروعَ الأمثلة في قوة الإيمان وصدقه، وما أبدوه من ضروب الصمود والشجاعة.
وهكذا أصبحت كربلاء بعد هذه الواقعة من المدن الإسلاميّة المقدسة والحواضر المعروفة، فقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يُعلي شأنها، ويجعلها مهوى أفئدة الملايين من المسلمين، ومقصدَ الجموع الغفيرة من الصالحين، وحباها بنعمة دائمة لا تزول، واسمها يتردد على ألسنة المؤمنين يترنمون به، ويلهجون بذكره، ويهفو إليها البعيد والقريب بعد أن خصها البارئ الجليل بمقام كريم ومرقد عظيم، ذلك هو مرقد سبط الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الإمام الحسين بن عليّ (عليه السّلام)، فنُسبت إليه المدينة، وقيل عن كربلاء مدينة الحسين (عليه السّلام).
*******
(۱) كربلاء في حاضرها وماضيها - محمد حسن طعمة، ص ٤.
(۲) تاريخ كربلاء وحائر الحسين (عليه السلام) د.عبد الجواد الكليدار، ص۷٦. نقلاً عن أعيان الشيعة ج٤ ص ۲۹۷.
*******
المصدر: موقع http://www.imamhussain.org.