الامام الصادق عليه السلام في مناجاته مع الله تبارك وتعالى، يذكر بالرحمة زوار الحسين(ع). ويدعو لهم في سجوده القدسي الدعوة المستجابة التي لا تُردّ.
يقول سلام الله عليه ـ في الخبر الذي رواه معاوية بن وهب، ونقتطع الآن جُزءً منه:
اللهم، انّ اعداءنا عابوا عليهم خروجهم (اي: لمزار سيد الشهداء)، فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص الينا خلافاً عليهم... فارحم تلك الوجوه التي غيرّتها الشمس، وارحم تلك الاعين التي جرت دموعها رحمة ً لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا.
ثم قال(ع) في سجود المناجاة: اللهم اني استودعك تلك الانفس وتلك الابدان حتى ترويهم من الحوض يوم العطش.
إنّ صبر السيدة زينب الكبرى الذي تجلى في وقائع كربلاء.. لصبر محير. حيّرَ حتى الصبر، وأدهش صابري العالم من الاولين والاخرين. وحدها زينب سلام الله عليها.. القادرة على مواجهة المصائب المرنِّحة بهذه الطاقة الفذة، ولا غرو.. فهي ابنة امير المؤمنين عليّ والصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليهما السلام. إنه (قلب زينب) في تصوير لأحد شعراء الولاء:
هو قلب زينب حلَّ فيه إلاهها
فغدا يفيض يجوده متكرما
تبكون زينب إذ تُقاد اسيرة ً
وهي التي انقادت لها جند السما
صَبَرت كما صبر العميد بسالة ً
بوصية ٍ من ربه فاستحلما
تبكون زينب وهي تبكي ضمرة ً
دمها يُخضب رأسها والمعصما
فالرأس شجته بمحمل أسرها
لما رأت رأس الحسين مُهشما
وخضاب معصمها جرى من كفها
مُذ أطفأت نار المخيم، عندما
طالت سرير عليلها، فبكفها
سحقت لهيبا ً قد تأجج مُضرما
تبكون زينب إذ تلظى متنها
بسياطهم، فالافق حزنا ً أظلما
والسوط ردّة قُنفذ جاؤا به
ليوسِّعوا جُرح البتول المؤلما
تبكون زينب في رُبى كوفانها
إذ أمطروها بالشماتة اسهما
كانت مليكتها، فسقيت مثلما
بالذلِّ ساقوا تركها والدِّيلما
تبكون زينب إذ يُطاف بركبها
ركب الفواطم حُسَّرا،وبها احتمى
تبكونهن وهنَّ ناموس العُلى
يلقى من النُّظار نبلا ً سُمِّما
يتصفحون وجوههنَّ بنظرة ٍ
كالملح ماث بجرحهنّ مُخذما
تبكون زينب وهي تحبس ادمعا
حُمرا ً تلهب في الجوى جمراً همى
تبكون زينب وهي تدخل شامهم
وأذانهم شتم الوصيِّ، تلئما
تبكون زينب، فالدواهي أجبرت
عزَّ الهواشم أن تُخاطب مجرما
تبكون زينب وهي تودع محسنا ً
نجل الحسين بجوشن به سُنِّما
تبكون زينب إذ تشيب لفقدها
بخرابة الشامات زهرة فاطما
نبكيك مولاتي بدمع ٍ ذا جرى
من مهجة ٍ، فالعين فاضت بالدِّما
نبكيك زينب في الصباح وفي المسا
فحياتنا لك أن ننوح ونلطما
صلى عليك الله زينبُ بُكرةً
وعشية ً متحننا ً ومُسلماً