سلام من الله عليكم إخوة الإيمان
تطرقنا في الحلقة السابقة الى قضية أن القرآن الكريم نفسه يؤكد بأن الإنتفاع من بركاته بالصورة المطلوبة لا يتحقق إلا بمعونة من عندهم علم الكتاب وهم أئمة العترة المحمدية كما نصت على ذلك صحاح الأحاديث الشريفة.
وهذه الحقيقة دل عليها أيضاً حديث الثقلين المتواتر الذي صرح بأن النجاة من الضلالة لا تكون إلا بالتمسك بالقرآن وأهل البيت معاً لأنهم – عليهم السلام – العارفون بحقيقة القرآن وتأويله ؛
وقد دلت على ذلك أحاديث أخرى كثيرة منها: -
قال أمير المؤمنين – عليه السلام –: " ذلك القرآن، فأستنطقوه ولن ينطق ولكن أخبركم عنه ".
وقال – سلام الله عليه –: " وبينكم عترة نبيكم وهم أزمة الحق وأعلام الدين والسنة الصدق، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن... فيهم كرائم القرآن وهم كنوز الرحمان ".
وقال الإمام علي – عليهم السلام – عن العترة المحمدية أيضاً: " بهم علم الكتاب وبه علموا، وبهم قام الكتاب وبه قاموا ".
وقال – عليه السلام –: " إنا لم نحكّم الرجال، إنما حكمنا القرآن، هذا القرآن إنما هو خط مستور بين الدفتين لا ينطق بلسان ولا بد له من ترجمان وإنما ينطق عنه الرجال... فإذا حكم بالصدق في كتاب الله، فنحن أحق الناس به ".
وقال الإمام الباقر – عليه السلام –: " نحن خزان علم الله، ونحن تراجمة وحي الله " .
وعن الإمام الصادق – عليه السلام – قال: " إن الله جعل ولايتنا أهل البيت قطب القرآن وقطب جميع الكتب، وعليها يستدير محكم القرآن وبها نوهت الكتب ويستبين الإيمان... إن أهل بيت لم يزل الله يبعث فينا من يعلم كتابه من أوله الى آخره ".
وتصرح الأحاديث الشريفة بأن أهل بيت النبوة هم – عليهم السلام – " الراسخون في العلم" الذين إختصهم الله بمعرفة تأويل كتابه العزيز، وتأويل الكتاب هو جوهره وحقائقه المكنونة.
يقول العلامة الطباطبائي في ختام بحث تفسيري عن معنى التأويل: " فالمحصل من الآيات الشريفة أن وراء ما نقرأه ونعقله من القرآن أمراً هو من القرآن بمنزلة الروح من الجسد وهو الذي تعتمد و تتكي عليه معارف القرآن المنزل ومضامينه،..وهذا بعينه هو التأويل المذكور في الآيات المشتملة عليه لإنطباق أوصافه ونعوته عليه، وبذلك يظهر سبب إمتناع التأويل عن أن تمسه الأفهام العادية والنفوس غير المطهرة ".
وقال – قدس سره –: " المطهرون هم الذين يلمسون الحقيقة القرآنية ويصلون الى غور معارف القرآن كما تدلنا الآيات التي ذكرناها،
ولو ضممنا هذه الى قوله تعالى: " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ".
"... نعلم أن النبي وأهل بيته هم المطهرون العالمون بتأويل القرآن الكريم ".
مستمعينا الأكارم والنتيجة التي نخلص إليها مما تقدم هي:
أولاً: إن العلم بتأويل القرآن الكريم وحقائقه المكنونة أو روحه وجوهره مختص بالله عزوجل وبأهل بيت النبوة، وهم – عليهم السلام – الراسخون في العلم الإلهي والمطهرون الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وإرتضاهم لهذا العلم المكنون.
ثانياً: إن هذا العلم القرآني المكنون أو تأويل الكتاب العزيز يمثل أعلى
مراتب العلم والمعارف الإلهية وبالحصول عليه يفوز الإنسان بأسمى وأغنى بركات القرآن ويرقى الى أعلى مراتب الكمال والإيمان.
ثالثاً: إن أهل بيت النبوة – عليهم السلام – هم وحدهم القادرون على هداية العباد الى سبل الإنتفاع المطلوب ببركات القرآن الكريم عموماً وعلى تأهيلهم كل حسب درجته بالبركات القرآنية الخاصة المتمثلة بمعرفة تأويله وإستنباط الحقائق المكنونة منه.
رابعاً: أيها الأخوة والأخوات، ويستفاد من النصوص الشريفة أن التمسك بهداية أهل البيت – عليهم السلام – في معرفة الحقائق القرآنية هو الذي يحصن المؤمن من التأويلات المنحرفة للقرآن الكريم وآياته وهذه التأويلات هي التي توقع الإنسان في التطبيقات الخاطئة لمضامين الايات الكريمة...
وهذه التأويلات المنحرفة والتطبيقات الخاطئة هي التي توقع الإنسان في مستنقع الفتنة والضلالات والحيرة وبالتالي تبعده عن أهداف القرآن الحقيقية،
وهذا ما يحذر منه رسول الله – صلى الله عليه واله – بقوله: " أكثر ما أخاف على أمتي من بعدي، رجل يتأول القرآن يضعه على غير مواضعه ".
أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران في الحلقة المقبلة من برنامج من بركات القرآن سنبدأ بأستعراض وصايا أهل بيت النبوة – عليهم السلام – للإستفادة في المأدبة القرآنية بالصورة المطلوبة، تابعونا مشكورين وفي أمان الله.