البث المباشر

شرح فقرة: يا ساتر العورات

الأحد 11 أغسطس 2019 - 13:06 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: "يا ساتر العورات" من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء (الجوشن الكبير) حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة فيه وانتهينا الى مقطع ورد فيه: يا راحم العبرات يا مقيل العثرات يا ساتر العورات.
وقد حدثناك عن كل من عبارتي: (يا راحم العبرات) و (يا مقيل العثرات) وبقى ان نحّدثك عن عبارة (يا ساتر العورات)، فماذا نستخلص منها؟
سبق ان لاحظت - في لقاء ماض- ماذا ترمز عبارة (يا راحم العبرات) وعبارة (يا مقيل العثرات) حيث ترمز الاولى الى حالة بكاء الانسان للشدائد الدنيوية والأخروية التى تصيبه.
وحيث ترمز الثانية الى الاخطاء والذنوب الصادرة منه وأمّا عبارة (يا ساتر العورات) وهي ما نحدثك عنها الأن فترمز الى حالة ثالثة وهي: ستر العيوب، ولكنّ السؤال هو: ما هو الفارق بين عبارة (يا ساتر العيوب) وعبارة (يا ساتر العورات)؟
من الحقائق المألوفة في ميدان التعبير عن الظواهر انك بمقدورك أن تعبّر عنها بعبارة مباشرة وواقعيه مثل قوله تعالى عن الكفّار بعبارة لاَ يَعْقِلُونَ كما يمكن ان تعبّر عن ذلك بعبارة صورية او مجازية مثل قوله تعالى ان هم كَالأَنْعَامِ ففي الحالتين عبّرنا عن الكافر بانه (عديم العقل) غير ان العبارة الاولى (مباشرة) والثانية غير مباشرة، والسؤال من جديد: لماذا يرد التعبير عن الحقيقة المتقدمة حيناً بما هو مباشر، وحينا بما هو غير مباشر؟
الجواب: السياق هو الذي يحدد ورود الكلمة حقيقية او مجازية حيث يتطلب الموقف حيناً ان توضّح وتعمّق معنى انعدام التفكّر عند الكافر وحينا لا يحتاج الموقف الى ذلك، فمثلاً قد يتساءل أحدنا قائلاً: الكافر - كما المومن- له جهاز ادراكي فلماذا ننفي عنه الصفة العقلية!
الجواب: ان المقصود من نفي الصفة العقلية ليس هو جهاز الادراك لان الجهاز المذكور هو مشترك بين البشر جميعاً مؤمنهم وكافرهم عالمهم وجاهلهم كل ما في الامر ان الكافر لا يستخدم العمليات العليا من العقل: كالتجريد والاستنباط والاستخلاص والتخيّل والمحاكمة و....
بل يمارس العمليات الادراكية العادية فحسب مثل الملاحظة والنظر الحسّي، وما الى ذلك والآن مع ادراكنا للحقيقة المتقدمة نتّجه الى عبارة (يا ساتر العورات) وافتراقها عن عبارة (يا ساتر العيوب) فماذا نجد؟
واضح ان (العيب) قد يكون (عبادياً) كالذنب، وقد يكون (عرفياً) كأخطاء التفكير من نسيان وسهو ووقوع في اخطاء علمية او سقطات سلوكية لا يرتضيها هذا المجتمع او ذاك، وفي الحالتين فإن العيب قد يكون عادياً وقد يكون كبيراً بحيث ينتقدك المجتمع انتقاداً ملحوظاً حيال صدوره.
وممّا لا ترديد فيه ان الخطأ الكبير لا يتسامح حيال عادة بل يظل سمة تلحق بالشخصية هوانا اجتماعياً لا تتحمّله الشخصية وهذا ما يتجانس مع العبارة الرمزية (يا ساتر العورات) لان العورة هي العضو البدني الذي جعله الله مستوراً فإذا لم يكن كذلك حينئذ فانه يسبب ضرراً اجتماعياً مقترناً بالسخرية وبالإشفاق وبالضحك على الشخصية.
من هنا فان عبارة (يا ساتر العورات) انما تعنى انه تعالى بسبب رحمته الواسعة بل رحمته التي لا حدود لها بل رحتمه التي تفوق ما يتصوره الانسان متمثلة في انه تعالى «أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» حينئذ فانه تعالى بسبب هذه الرحمة المذكورة نجده يستر على عبده عيوبه ولا يفضحه امام المجتمع لا في الدنيا ولا في الآخرة، فنعم الرب ربنا وبئس العبيد نحن.
ختاماً نسأله تعالى ان يستر عوراتنا في الدنيا والبرزخ والآخرة وان يوفقّنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة