البث المباشر

شرح فقرة: "سبحان من يحصي عدد الذنوب، ..."

السبت 3 أغسطس 2019 - 15:04 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " سبحان من يحصي عدد الذنوب " من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

نحن الآن مع أحد أدعية الزهراء (عليها السلام)، حيث حدثناك - في لقاء سابق - عن الدعاء المذكور، والبادئ بقولها (عليها السلام): (سبحان من يعلم جوارح القلوب)، وهذا الاستهلال للدعاء حدثناك عنه وقلنا: ان المقصود من الجوارح هو: ما يرمز الي سيئات الناس، وانه تعالي عالم بِكُلِّ شَيْءٍ، ومن ذلك: اجتراح السيئات بقرينة الفقرة الثانية من الدعاء، وهي (سبحان من يحصي عدد الذنوب)، وهذه الفقرة بدورها تحتاج الي القاء الاضاءة حيالها. فماذا نستلهم؟ 
من الحقائق النفسية التي لا تحتاج الي توضيح، هو: ان عرض الشيء دون سواه والتلميح به في غمرة الحديث عن موضوع عام (كالحديث عن الذنوب في غمرة حديثنا عن علم الله تعالي وعدم خفاء شيء عليه) يظل من الامور المتسمة بما هو واضح، ومما لا ترديد فيه ان الله تعالي عندما طالبنا بان نمارس مهمتنا العبادية التي خلقنا من اجلها تبعاً لقوله تعالي: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ»، حينئذ فان التذكير بذنوب الناس (وهي: اي الذنوب مخالفة صريحة لعدم ممارسة المهمة العبادية بالنحو المطلوب)، يظل - اي هذا التذكير بذنوب الناس - اسلوباً نفسياً لحمل قارئ الدعاء علي تغيير سلوكه، والاتجاه الي ممارسة وظيفته العبادية متمثلة في الالتزام بمبادئ الله تعالي، اي: ممارسة الواجب والمندوب، وترك المحرم والمكروه، وتحويل المباح الي مندوب، وهو ما يتناسب وممارسة ما هو المطلوب من الشخصية.
اذن ثمة نكتة دلالية هي: ان الدعاء عندما يذكرنا بان الله تعالي يحصي عدد الذنوب، فمعناه: اننا سوف نتذكر مهمتنا العبادية ونقلع عن الذنوب ونمارس الطاعة، وهو المطلوب. 
بعد ذلك نواجه عبارة (سبحان من لا يخفي عليه خافية في الارض ولا في السماء، ...)، هذه الفقرة بدورها امتداد لما سبقتها من الفقرتين اللتين تقرر ان انه سبحانه وتعالي: يعلم جوارح القلوب، ويحصي عدد الذنوب، وهذه الفقرة - اي الجديدة القائلة:(سبحان من لا يخفي عليه خافية في الارض ولا في السماء)، انما هي: تفصيل لما اجملته الفقرة السابقة، بمعني: ان احصاءه تعالي للذنوب من الدقة الي درجة انه لا تخفي عليه البتة أية خافية مهما صغرت او دقت من ذنوب الناس ومن مطلق ما يصدر عنهم من السلوك وهو اسلوب يضاعف من وعينا او تذكيرنا بضرورة ان نعدل سلوكنا ونتجه الي الطاعة ونقلع عن الذنوب. 
بعد ذلك نواجه عبارة (الحمد لله الذي لم يجعلني كافراً لانعمه، ولا جاحداً لفضله، ...). هاتان الفقرتان وبعدهما تظلان اسلوباً آخر من الاساليب الدلالية التي تحمل قارئ الدعاء علي التفكير بمهمته العبادية وضرورة تعديل سلوكه. كيف ذلك؟ 
ان الله تعالي عندما نتذكر نعمه وفضله، ثم: لا نكفر بها ولا نجحدها حينئذ فان الحصيلة النهائية لهذا التذكر تساهم في تعديل السلوك بشكل اكثر فاعلية اي: عندما يذكرنا الدعاء بان الله تعالي يحصي ذنوبنا، ثم عندما يذكرنا بانه تعالي صاحب النعم علينا، وصاحب الفضل، وأننا لا نجحد ذلك: حينئذ فان الحصيلة هي: التفكير الجاد في الاقلاع عن الذنوب، وهذا نرجوه منه تعالي، اي: يوفقنا الله تعالي الي الاقلاع من الذنوب، والي ممارسة الطاعة بالنحو المطلوب. 
يبقي ان نشير - ولو سريعاً - الي نكتة دلالية في الدعاء وهي ملاحظة الفارق بين عبارة (الحمد لله الذي لم يجعلني كافراً لأنعمه)وعبارة (ولا جاحداً لفضله)، حيث ان قارئ الدعاء يعنيه ان يعرف ما هو الفارق بين (النعم) وبين (الفضل)، ثم بين (الجحد للفضل) و (الكفران للنعم)، (وهو ما نحدثك عنه في لقاء لاحق ان شاء الله تعالي). 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة