البث المباشر

شرح فقرة "لا تجعل نظري فيه غفلة ولا قراءتي هذراً"

السبت 30 أكتوبر 2021 - 19:03 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- شرح أدعية الإمام الصادق: الحلقة 34

 

بسم الله والحمدلله أكرم الاكرمين الذي تكرم علينا بالاستهداء بثقلي هدايته للعالمين قرآنه الكتاب المبين وأهل بيت حبيبه المبعوث رحمة للعالمين سيدنا الهادي المختار صلوات الله عليه وآله الأطهار.

السلام عليكم ايها الاحبة ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج نخصصه للفقرة الاخيرة من الدعاء الشريف المستحب التوجه به الى الله تبارك وتعالى قبل تلاوة ما تيسر من كتابه العزيز، قال مولانا الامام الصادق –عليه السلام- في الشطر الثاني من هذا الدعاء المبارك:

"اللهم نشرت عهدك وكتابك، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة، وقراءتي فيه تفكراً وفكري فيه اعتباراً، واجعلني ممن اتعظ ببيان مواعظك فيه، واجتنب معاصيك، ولا تطبع عند قرائتي كتابك على قلبي ولا على سمعي ولا تجعل على بصري غشاوة، ولا تجعل قراءتي قراءةً لا تدبر فيها، بل اجعلني اتدبر آياته واحكامه آخذاً بشرايع دينك، ولا تجعل نظري فيه غفلة ولا قراءتي هذراً، انك أنت الرؤوف الرحيم".

ايها الاخوة والاخوات، في الفقرة الاخيرة من دعاء تلاوة القرآن الكريم يعلمنا مولانا الامام الصادق –عليه السلام- ان نطلب من الله عزوجل ان لا يجعل قراءتنا لكتابه العزيز "هذراً"، فما هو الادب الشرعي المستفاد من ذلك؟

في البداية نشير الى أن هذا الطلب يمثل في الواقع استعاذة بالله عزوجل من أن نقرأ القرآن الكريم على طريقة الهذر، ومعنى الهذر كما نص على ذلك العلامة الخليل الفراهيدي –رضوان الله عليه- في كتاب العين هو الكلام الذي لا يعبأ به، وأهذر الرجل في كلامه اي اكثر، فيما اعتبر بعض علماء اللغة "الهذر" مرادفاً للهذيان والخطل في القول؛ وصرح اخرون بان "الهذر" يعني النطق بكلام لا يعبا به.

وقال العلامة الطريحي في كتاب (مجمع البحرين): "الهذرمة السرعة في القراءة وجاء في الحديث: لا تقرأ القرآن هذرمة ليس فيه ترتيل".

ومما لاشك فيه –مستمعينا الافاضل- ان القرآن العزيز منزه عن ان يكون من نوع الكلام الذي لا يعبا به او الكلام الزائد أو الهذيان والخطل في القول، من هنا يكون معنى عبارة "قراءته هذراً" هو: قراءته بطريقة من يقرأ كلاماً غير مهم لا يعبأ به.

من هنا نفهم أن من آداب تلاوة القرآن الكريم هو الشعور بقدسيته وإجتناب تلاوته بطريقة قراءة الكلام غير المهم والذي لا يعبأ به، بل واجتناب النطق به بما يشبه كلام الذي يهذي أعاذنا الله واياكم من ذلك.

مستمعينا الاحبة، ومن ابرز مصاديق قراءة القرآن هذرا قراءته هذرمة اي بسرعة واستعجال يفوت على القارئ التفاعل العقلي والقلبي مع مضامينه السامية، وقد وردت في نص دعاء الإمام الصادق –عليه السلام- قبل التلاوة في بعض الروايات كما في رواية السيد ابن طاووس في الاقبال بتعبير "ولا تجعل... قراءتي هذرمة" بدل "قراءتي هذرا" وقد صرحت عدة من أحاديث أهل البيت –عليهم السلام- بأن قراءة القرآن هذرمة تقابل ترتيله، فمثلاً روي في كتاب الكافي ان ابا بصير –رضي الله عنه- قال للامام الصادق: جعلت فداك اقرأ القرآن في شهر رمضان في ليلة؟ اجاب –عليه السلام-: لا، فقال ابوبصير: ففي ليلتين؟ قال: لا، قال: ففي ثلاث؟ قال –عليه السلام-:

ها –وأشار بيده- يعني: ليس فيه كثير بأس في شهر رمضان بالخصوص، ثم قال –عليه السلام- لابي بصير:

"يا أبا محمد، ان لرمضان حقاً وحرمة لا يشبهه شيء من الشهور، وكان أصحاب محمد –صلى الله عليه وآله- يقرأ أحدهم القرآن في شهر أو أقل، ان القرآن لا يقرأ هذرمة ولكن يرتل ترتيلا، فإذا مررت بآية، فيها ذكر الجنة فقف عندها وسل الله عزوجل الجنة، واذا مررت بآية فيها ذكر النار فقف عندها وتعوذ بالله من النار"

مستمعينا الافاضل، ويختم الامام الصادق –عليه السلام- دعاءه قبل تلاوة القرآن بمخاطبة ربنا الكريم بأسمي (الرؤوف الرحيم)، وفي ذلك استمطار لبركات رحمته ورأفته في اعانة قارئ القرآن على تلاوته بالصورة المطلوبة، هذا من جهة ومن جهة ثانية فان هذا الختام يتضمن اشارة بليغة الى ان التزام قارئ القرآن بآداب التلاوة المستفادة من هذا الدعاء الشريف وسيلة للفوز بالرحمات الالهية الخاصة والبركات الكامنة في تلاوة الذكر الحكيم بالصورة التي يرتضيها الله عزوجل لعباده الصالحين، وفقنا الله واياكم لذلك ببركة الاخذ بوصايا المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم أمين، وبهذا نصل ايها الاحبة الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (ينابيع الرحمة) شاكرين لكم طيب المتابعة، لكم دوماً من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران اصدق الدعوات ودمتم بكل خير ورحمة في امان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة