البث المباشر

شرح فقرة "وحبلاً متصلاً فيما بينك وبين عبادك" (۲)

السبت 30 أكتوبر 2021 - 19:07 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- شرح أدعية الإمام الصادق: الحلقة 20

 

بسم الله وله خالص الحمد والثناء اذ هدانا للتقرب اليه بالاعتصام بعروته الوثقى وحبله المتين، قرآنه المبين واهل بيت حبيبه سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم احباءنا ورحمة الله، على بركة الله نلتقيكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج نتابع فيها استلهام آداب تلاوة القرآن الكريم من خلال الدعاء المندوب الى التوجه به الى الله عزوجل قبل تلاوة ما تيسر من آيات كتابه العزيز، نتبرك اولاً بقراءة المقطع الاول من هذا الدعاء المبارك المروي عن امامنا جعفر الصادق وفيه يقول –عليه السلام-:

"بسم الله، اللهم اني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله، وكتابك الناطق على لسان رسولك وفيه حكمك وشرائع دينك أنزلته على نبيك وجعلته عهداً منك الى خلقك وحبلاً متصلاً فيما بينك وبين عبادك".

أيها الاكارم، في الحلقة السابقة كانت لنا وقفة عند الفقرة الاخيرة من المقطع الاول من هذا الدعاء المبارك، وفيها يعلمنا امامنا الصادق –عليه السلام- أن نستذكر قبل تلاوة الذكر الحكيم حقيقة ان ما نتلوه هو من كتاب الله الذي جعله حبلاً متصلاً بينه تبارك وتعالى وبين عباده، اي ان الارتباط بالله عزوجل والانضمام الى عباده الصالحين والنجاة من الفتن والضلالات، كل ذلك يتحقق من خلال الاعتصام بالقرآن الكريم، ومن خلال العمل بأوامره ونواهيه.

وهذا ما دلت عليه طائفة كبيرة من الاحاديث الشريفة نستنير ببعض نماذجها، كالمروي عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- كما في تفسير مجمع البيان انه قال:

"ستكون فتن، يعني بعده –صلى الله عليه وآله- فقيل له: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال:

كتاب الله، فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، هو الذي لا تزيع به الأهواء... وهو الذي من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره اضله الله، هو حبل الله المتين وهو الصراط المستقيم، وهو الذي من عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا اليه دعا الى صراط مستقيم".

وقال –صلى الله عليه وآله-: "ان هذا القرآن حبل الله وهو النور المبين والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن تبعه... فاتلوه فان الله ياجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات"

وجاء في نهج البلاغة قول امير المؤمنين –عليه السلام-:

"وان الله سبحانه لم يعظ احداً بمثل هذا القرآن، فانه حبل الله المتين وسببه الامين وفيه ربيع القلب وينابيع العلم"

وروي الشيخ الصدوق في كتاب عيون الاخبار ان الامام الرضا –عليه السلام- ذكر القرآن فقال: "هو حبل الله المتين وعروته الوثقى وطريقته المثلى المؤدي الى الجنة والمنجي من النار لا يخلق على الازمنة –اي لا يبلى ويصبح قديماً-... لانه لم يجعل لزمان دون زمان بل جعل دليل البرهان والحجة على كل انسان".

مستمعينا الاطائب، والى جانب وصف الاحاديث الشريفة المتقدمة للقرآن الكريم بانه حبل الله المتين، فقد رويت احاديث اخرى تصف اهل بيت النبوة –عليهم السلام- بانهم ايضاً حبل الله الذي يجب الاعتصام به، والاحاديث بهذا المعنى كثيرة جمعتها الموسوعات الحديثية المتخصصة منها ما في كتاب (خصائص الائمة) عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- انه قال في بعض خطبه:

"يا معشر المهاجرين والأنصار.. ليبلغ شاهدكم غائبكم الا اني قد خلفت فيكم كتاب الله فيه النور والهدى والبيان لما فرض الله تبارك وتعالى من شيء، حجة الله عليكم وحجتي وحجة وليي [من بعدي]، وخلفت فيكم العلم الاكبر علم الدين ونور الهدى وضياؤه وهو علي بن ابي طالب، الا وهو حبل الله فاعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا..."

وقال –صلى الله عليه وآله- كما في (امالي الصدوق) ضمن حديث اخبر فيه صاحبه حذيفة بن اليمان –رضوان الله عليه- عن الفتن التي ستعصف بالمسلمين؛ قال:

"يا حذيفة ان حجة الله عليكم بعدي علي بن ابي طالب... وهو حبل الله المتين وعروته الوثقى التي لا انفصام لها... يا حذيفة لا تفارقن علياً فتفارقني، ولا تخالفن علياً فتخالفني، ان علياً مني وانا منه..."

وجاء في بعض روايات حديث الثقلين –كما في كتاب المجازات النبوية– ان رسول الله –صلى الله عليه وآله- وصف القرآن والعترة معاً بأنهما "حبلان ممدودان من السماء الى الارض".

أيها الاخوة والاخوات، ويستفاد من جميع هذه الاحاديث الشريفة ونظائرها الكثيرة، ان الارتباط بالله عزوجل من خلال حبله المتصل بينه وبين عباده انما يتحقق بالتمسك بالقرآن الكريم وائمة العترة النبوية العارفين بحقائق القرآن، فيكون الاعتصام بكتاب الله بواسطتهم –عليهم السلام- والى هذا المعنى يشير مولانا الامام زين العابدين –عليه السلام- في المروي عنه في كتاب معاني الاخبار أنه قال:

"الامام منا لا يكون الا معصوماً، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها ولذلك لا يكون الا منصوصاً عليه [يعني من الله ورسوله]، فقيل له: يا ابن رسول الله، فما معنى المعصوم؟ قال: هو المعتصم بحبل الله، وحبل الله هو القرآن لا يفترقان الى يوم القيامة، والامام يهدي الى القرآن والقرآن يهدي الى الامام"، وذلك قول الله عزوجل "إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ" (سورة الاسراء:۹)

والى هنا نصل احباءنا الى ختام حلقة اخرى من برنامجكم (ينابيع الرحمه)، استمعتم له من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، شكراً لكم وفي امان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة