البث المباشر

شرح فقرة: "إني أشهد أن هذا كتابك"

السبت 30 أكتوبر 2021 - 19:13 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- شرح أدعية الإمام الصادق: الحلقة 6

 

بسم الله والحمدلله الذي جعلنا نتقرب اليه بالتمسك بثقلي هدايته ونبعي رحمته للعالمين قرآنه الكريم وأهل بيت حبيبه سيد المرسلين صلواته وبركاته وتحياته عليه وآله الطيبين الطاهرين.

سلامٌ من الله عليكم أيها الاخوة والاخوات ورحمة منه وبركات. أطيب تحية نهديها لكم ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج نتوقف فيها عند فقرة أخرى من فقرات الدعاء المستحب التوجه به الى الله عزوجل قبل تلاوة ما تيسر من كتابه المجيد... وهو الدعاء الذي رواه الشيخ المفيد والسيد ابن طاووس في كتابي الاختصاص والاقبال عن ناشر السنة المحمدية النقية مولانا الامام جعفر الصادق وقد جاء في مقطعه الأول قوله –صلوات الله عليه-:

"بسم الله، اللهم اني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله، وكتابك الناطق على لسان رسولك وفيه حكمك وشرائع دينك أنزلته على نبيك وجعلته عهداً منك الى خلقك وحبلاً متصلاً فيما بينك وبين عبادك".

أيها الاحبة، وصلنا في تأملاتنا في هذا المقطع الى فقرة "اني أشهد أن هذا كتابك" فما الذي نتعلمه منها فيما يرتبط بالصورة الفضلى لتلاوة كتاب الله العزيز؟

للإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن نعرف معنى الشهادة وما هي الفائدة المرجوة منها، وهنا نلاحظ أن للشهادة حضوراً محورياً مهماً في حياة المسلم فقد نصت النصوص الشريفة أن مجرد التلفظ بشهادة لا اله الا الله محمدٌ رسول الله يكفي في دخول الانسان في الاسلام فيحقن دمه ويكون له ما للمسلمين من حقوق وعليه ما عليهم من واجبات.

كما نجد ان الشهادة باصول العقيدة الايمانية ممارسة يومية تتكرر يومياً ست مرات للمسافر وتسع مرات للمقيم على الاقل اذ أن التشهد هو جزء أصلي وثابت في كل صلاة فريضة كانت أو نافلة.

من هنا ندرك أن لتكرار شهادة المسلم بالعقائد الحقة أهمية كبرى تجعلنا نندفع لمعرفة الحكمة من هذه الممارسة الشرعية وبركاتها سعياً للحصول عليها وهذا ما نتناوله بعون الله في هذا اللقاء فابقوا معنا مشكورين:

مستمعينا الافاضل، عندما نرجع الى النصوص الشريفة نجد أن المسلم يقتدي بربه الجليل تبارك وتعالى عندما يشهد بالعقائد الحقة، فمثلاً نقرأ في الآية الكريمة الثامنة عشر من سورة آل عمران قول الله أصدق القائلين:

"شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"(سورة آل عمران۱۸).

مستمعينا الافاضل، لقد بين العلماء معنى شهادة الله عزوجل بالعقائد الحقة وذكروا عدة أقوال جمعها العلامة الفقيه الشريف الرضي –رضوان الله عليه- في كتابه القيم (حقائق التاويل)، وخلص فيها الى ان شهادة الله بحقائق الايمان تعود فائدتها للعباد أنفسهم لانه تبارك وتعالى هو الغني المطلق، وتكون شهادته بالعقائد الحقة بأقامة الدلائل البينة على توحيده وصفاته ونبوة انبيائه وامامة أوليائه –عليهم جميعاً الصلاة والسلام-؛ كما ان من مصاديق شهادة الله بحقائق الايمان شهادته القولية كما ورد عديد من آيات الذكر الحكيم ومنها شهادته تبارك وتعالى هو القرآن الكريم هو كتابه المنزل على نبي الرحمة –صلى الله عليه وآله-.

وهذه الشهادة الالهية الاخيرة سنتناولها بأذن الله في حلقة مقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمة)؛ اما هنا فنتناول الاثر الاساسي والعام لشهادة الله عزوجل بالعقائد الحقة، وذلك من خلال حديثين شريفين الأول رواه العالم الجليل محمد بن مسعود العياشي في تفسيره القيم عن مولانا الامام الباقر –عليه السلام- انه قال في تفسير الآية الكريمة المتقدمة:

"شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ"، فان الله تبارك وتعالى يشهد بها لنفسه وهو كما قال، فأما قوله "والملائكة" فانه تعالى اكرم الملائكة بالتسليم لربهم وصدقوا وشهدوا كما شهد لنفسه.

ثم قال الباقر –صلوات الله عليه-: "وأما قوله "وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ" فان اولي العلم هم الانبياء وهم قوام بالقسط".

اما الحديث الثاني فهو مروي عن مولانا الامام زين العابدين علي السجاد وتناول الآية نفسها بقوله:

"... فابتدا الله بنفسه وثنى بملائكته وثلث بأولي العلم واولهم وسيدهم محمد –صلى الله عليه وآله- وثانيهم علي –عليه السلام- وثالثهم أقرب أهله اليه واحقهم بمرتبته بعده، ثم انتم معاشر الشيعة العلماء بعلمنا تالون لنا مقرنون بنا وبملائكة الله المقربين شهداء لله بتوحيده وعدله وكرمه وجوده"

مستمعينا الافاضل ومن خلال التامل في هذين النصين الشريفين أن الاثر الاساس لشهادة الله بحقائق الايمان هو اشعار المؤمنين الذين يقومون بممارسة الشهادة الشرعية بأنهم انما يقومون بهذه الشهداء تخلقاً بخلق الله ولذلك ينبغي ان يكون اولاً صادقين فيها اقتداءً بالله اصدق الشاهدين وملائكته واولي العلم من صفوته وثانياً ان يستشعروا بقدسية شهادتهم لان بها يشهد الله واوليائه وثالثاً ان يتحققوا بحقائق هذه الشهادة المقدسة فيكون قواماً بالقسط ودعاة للتوحيد والعدل بسلوكياتهم العملية.

وبهذا ننهي ايها الاكارم حلقة اخرى من برنامج (ينابيع الرحمة) استمعتم لها من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة