بسم الله والحمدلله الذي تفضل علينا بمعرفة ثقلي الهداية والفلاح والنجاح والصلاح والتمسك بهما قرآنه المبين وعترة حبيبه سيد المرسلين مولانا نبي الرحمة محمد –صلوات الله عليه وآله الطاهرين-.
سلامٌ من الله عليكم أيها الاطياب ورحمة منه وبركاته. بتوفيق الله نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج، نبدأ فيها بالتأمل في المقطع الأول من الدعاء عن مولانا الامام جعفر الصادق –عليه السلام- والذي يستحب التوجه به الى الله عزوجل قبل البدء بتلاوة القرآن الكريم: قال –عليه السلام- في هذا المقطع:
"بسم الله اللهم إني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبدالله –صلى الله عليه وآله- وكتابك الناطق على لسان رسولك وفيه حكمك وشرائع دينك، أنزلته على نبيك وجعلته عهداً منك الى خلقك، وحبلاً متصلاً فيما بينك وبين عبادك ".
أيها الاحبة، نتوقف أولاً عند الفقرة التي يبتدأ بها الامام الصادق دعاءه في الاستعداد لتلاوة القرآن وهي قوله –عليه السلام-: (بسم الله)، فما الذي نتعلمه من هذه الفقرة؟ وما الذي تحمله لنا من دروس الفوز بالبركات المرجوة من تلاوة كتاب الله تبارك وتعالى؟
في الاجابة عن السؤال الاول نقول: ان أول ما نتعلمه من افتتاح الامام –عليه السلام- دعاءه باسم الله، هو ضرورة أن نبدأ كل عمل بأسم الله، ففي ذلك كمال الحصول على فائدته وبركته. وهذه من القواعد الاساسية في عمل المؤمن اكدتها كثيرٌ من النصوص الشريفة، أشهرها الحديث النبوي الشهير المروي من طرق الفريقين عن النبي الأكرم حبيبنا المصطفى –صلى الله عليه وآله- أنه قال:
"كل امر لا يبدوا بسم الله فهو أبتر"
ويستفاد من الاحاديث الشريفة المروية من طرق أهل البيت –عليهم السلام-أن مضمون هذا الحديث النبوي مروي في الاحاديث القدسية عن الله تبارك وتعالى، فمثلاً روي في كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي ضمن حديث عن الامام الحسن العسكري –سلام الله عليه-، أن رجلاً أصابه ما يكره وهو في مجلس فقال لأمير المؤمنين الامام علي –عليه السلام-: ان رأيت أن تعرفني ذنبي الذي أمتحنت به في هذا المجلس؟ فقال أمير المؤمنين –عليه السلام-:
[ذنبك] تركك أن تقول بسم الله الرحمن الرحيم، ان رسول الله –صلى الله عليه وآله- حدثني عن الله عزوجل أنه قال:
"كل أمر ذي بال لا يذكر (بأسم الله) فيه فهو أبتر "
ايها الاخوة والأخوات، وقد ذكر العلماء أن معنى (الأبتر) هو المقطوع أي ان ثمرة العمل الذي لا يفتتح باسم الله لا يؤدي الى ثمرته المطلوبة أو انه يكون ناقصاً غير كامل.
ولذلك جاءت المقابلة القرآنية البليغة في سورة (الكوثر) المباركة بين اعطاء الكوثر –وهو الذي يعني اعطاء الخير الكثير- وبين الابتر الذي يعني الذي تنقطع فائدته وبركته أو المنقطع عن الخير كما جاء في تفسير الميزان؛ وعلى أي حال فمن هذه المقابلة القرآنية بين الكوثر والخير الكثير وبين الأبتر نستفيد ان العمل الابتر هو ضد العمل الكوثر، فالأول منقطعٌ خيره والثاني مستمرٌ متواصل الخير والبركات.
والسر في ذلك واضحٌ اعزاءنا فالله تبارك وتعالى هو مبدأ كل خير ورحمة وبركة وافتتاح كل عمل باسمه يعني الاستعانة به عزوجل لبلوغ الخير المنشود في العمل، وهذا ما يشير اليه الحديث القدسي الذي رواه الشيخ الصدوق في كتاب التوحيد بسنده عن علي –عليه السلام- انه قال ضمن حديث:
"ان الله يقول: أنا احق من سئل واولى من تضرع اليه، فقولوا عند افتتاح كل أمر صغير وعظيم: بسم الله الرحمن الرحيم، أي: استعين على هذا الأمر بالله الذي لا تحق العبادة لغيره المغيث اذا استغيث، والمجيب اذا دعي".
ايها الاكارم، وجاء في جانب أخر من الحديث الشريف المتقدم الذي رواه الشيخ الصدوق في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين الامام علي –عليه السلام- اشارة نبوية بليغة الى استمرار بركة العمل الذي يفتتح باسم الله حتى اذا كان العمل بذاته لا يحمل فائدة او كثير الصعوبات، فقد أعقب الامام علي نقله الحديث القدسي المتقدم بقوله:
وقال رسول الله –صلى الله عليه وآله-: "من حزنه أمر يتعطاه فقال: بسم الله الرحمان الرحيم وهو مخلص لله ويقبل بقلبه اليه لم ينفك من احدى اثنتين، اما بلوغ حاجته في الدنيا واما يعد له عند ربه ويدخر له لديه وما عندالله خيرٌ وأبقى للمؤمنين".
ومن هذا الحديث النبوي نستفيد ايضاً مستمعينا الافاضل أن الانسان اذا لم يبتدأ باسم الله في عمل معين ثم ناله الحزن لعدم تيسره فليتدارك ذلك بالاستعانة باسم الله الرحمان الرحيم مخلصاً له تبارك وتعالى وبذلك يحصل على احدى الحسنيين اما تحقق ما يأمله في الدنيا او ادخار الله الخير الكثير في الآخرة وما عندالله خيرٌ وأبقى.
مستمعينا الافاضل، وافتتاح دعاء تلاوة القرآن باسم الله يعين المؤمن على دفع وساوس الشيطان او الغفلة عما يتلو من كتاب الله عزوجل وهذا ماهدتنا له احاديث شريفة نتناولها بعون الله في الحلقة المقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمة) نشكر لكم طيب المتابعة ولكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، خالص الدعوات في امان الله.