البث المباشر

الشريف الرضي

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:33 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين أيها الأخوة والأخوات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يسرنا أن نلتقيكم مرة اخرى عبر آفاق الشعر العربي وربوعه المزينة بكل ما هو يبهج القلوب ويغذي النفوس ويطرب الآذان بوقعه ويحلق بالأرواح بعيداً في اعماق الزمان والمكان حيث مجاهل النفس البشرية التي حباها الله هذه القدرة على البيان فجاءت بالسحر منه ونطقت بالحكمة من خلاله وأبدعت حتى لكأن الوحي يتطق على لسانها. تابعونا أيها الأحبة بين جنبات قصيدتنا لهذا الأسبوع.

قسم الإله الزهد بين عباده

فحباه منه بالنصيب الأكبر

غاصت بلجة وصفه الأفهام

فإنكفئت وما ظفرت له بمخبّر

تتقاعس الأوهام دون بلوغه

عجزاً وترجع رجعة المتقهقر

ومديحه في الذكر جاء مكرراً

يدري به التالي وغير مكرر

في العاديات أتى وفي لقمان

جاء وهل اتى والنجم والمدثر

والسابقون السابقون بحقه

نزلت وهذا قول كل مفسر

والراكعون الساجدون الآمرون

بها سواه من الورى لم يحضر


المحاورة: أيها الأفاضل ليس من العسير على كل من يمتلك أدنى معلومات عن تاريخ صدر الاسلام وعن شخصيات الصحابة وأهل بيت النبوة عليهم السلام أن يكتشف أن هذه الأبيات المتفجرة جزالة وفصاحة والموشاة بالبلاغة والصور الفنية الرائعة والمؤثرة التي قدمها لنا الشاعر بأسلوب فخري وملحمي تهتز له النفوس، نقول ليس من العسير علينا أن نكتشف أن هذه الأبيات إنما هي كلمات وتعابير نضدتها شخصية محبة لأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين الشخصية التي حار في وصفها الوصافون والتي لايمكن بل من المحال أن تتكرر عبر العصور وعلى مر الزمان والدهور. نعم إن صاحب هذه القصيدة هو حفيد مولى المتقين عليه السلام وإبنه البار الذي ورث الفصاحة والبلاغة منه عليه السلام، الشريف الرضي السيد الشاعر والعالم الفاضل والأديب النحرير، شاعر الرقة واللطافة والغزل إن شاء وشاعر الفخامة والجزالة والفصاحة إن شاء الفخر وشاعر الصدق في العواطف وقوة التعبير إن أراد الرثاء، إنه الشاعر الذي يستكفل بالحديث عنه وعن شخصيته وما يميزه بين الشعراء الآخرين خبير البرنامج الذي شرفنا بحضوره في الستوديو، أرحب بضيفي الكريم الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، دكتور السلام عليكم
الشحمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وأبعث تحياتي ايضاً الى الأخوة المستمعين الأكارم
المحاورة: دكتور شاعرنا لهذه الحلقة هو الشريف الرضي
الشحمان: ونعم الشاعر ونعم الأديب والعالم الفاضل. كان رضوان الله تعالى عليه أشعر الهاشميين في زمانه، ينتهي نسبه الشريف الى الامام موسى الكاظم عليه السلام ووالدته ايضاً ينتهي نسبها الى الامام السجاد عليه السلام فهو من أسرة شريفة، تلقى تربيته في ظل هذه الأسرة الكريمة المعطرة بأجواء أهل بيت النبوة عليهم السلام. نشأ في أحضان أبوين جليلين تغذى منهما التربية الايمانية الصحيحة الممزوجة طبعاً بحب أهل البيت عليهم السلام لذلك لانتعجب اذا قرأنا حياة الشريف الرضي وأنه تعلم منذ صغره ومنذ نعومة أظفاره العلوم التي كانت شائعة في زمانه، تلقى العلوم العربية، تلقى البلاغة والأدب وتلقى علوماً اخرى من مثل الفقه والكلام والتفسير والحديث على يد أبويه أولاً وعلى يد مشاهير العلم في بغداد.
المحاورة: اذن كان ذا إلمام بعلوم عصره
الشحمان: نعم فهو يمثل شخصية جمعت بين العلم والأدب وهو كما قلنا قرشي الأصل لكنه ولد في مدينة بغداد وتوفي فيها ايضاً. ومرقده ومرقد شقيقه المرتضى ايضاً معروفان في مدينة بغداد في الكاظمية. كما قلنا السيد الشريف الرضي تلقى العلوم منذ طفولته ونبغ في الشعر ولم يتجاوز من العمر سوى عشر سنوات وأجاد في نظم الشعر وهو في هذه المرحلة. من ضمن الخصوصيات التي تميز هذا الشاعر، هذا الرجل الذي ندرسه كشاعر في هذه الحلقة أنه نظم في كل فنون الشعر وكل أغراض الشعر من مدح ورثاء وغزل وفخر وغيرها من الأغراض التي كانت شائعة في عصره وهو القرن الرابع للهجرة فهو ولد في منتصف القرن الرابع الهجري في العصر العباسي. كان من اعاظم شعراء العراق ومن أشعر القريشيين، امتازت أشعاره بخصوصيات كثيرة ميزته عن الشعراء الاخرين ويعتبر شخصية مقبولة لدى جميع المسلمين ولدى الفريقين ولاينكر أحد فضله وسبقه في مجال الأدب وفي مجال العلم والفقه وتشهد له مؤلفاته الكثيرة، ومن أعظم أعماله أنه جمع كتاب جده نهج البلاغة، جمعه وكتب له مقدمة معروفة. يمتاز شعره بطابع البلاغة وبطابع البداوة في نفس الوقت..
المحاورة: كان متمكناً..
الشحمان: كان يشعر بروح البداوة مثل البحتري وجميل بثينة وقيس بن الملوح ولكنه لم يتخصص في الغزل فإمتاز بالبراعة وعذوبة الألفاظ التي كانت تأخذ بمجامع القلوب. من المميزات الموضوعية التي يتميز بها في شعره أنه كان عفيفاً شعره نظراً الى طبيعة التربية التي تلقاها فكان نقياً في كل ما كان يتعاطاه من أغراض فلم يبالغ في الهجاء ولم يبالغ في الغزل ولم يتطرق الى الغزل المشين وإنما كان غزله من النوع العفيف ولم يسف في هجاءه ولم يكن هجاءه مقذعاً ..
المحاورة: اذن اذا صح التعبير كان شاعراً منصفاً
الشحمان: كان شاعراً منصفاً ومتوازناً ومتعادلاً في شخصيته. لم يمدح في أشعاره لغرض العطاء وهو كان غنياً عن العطاء ولم يتعرض لذم الآخرين. ولكن نلاحظ خصوصية في شعره وهي أنه كان يكثر من الشكوى في شعره، نشعر بشيء من ورح الثورة والتمرد في أشعاره ولعل السبب في ذلك يعود الى وضعه ونسبه فهو ينتمي الى أسرة تعرضت للظلم وتعرضت للحيف، يعني اهل بيت النبوة تعرض كلهم للظلم والاعتداء من قبل الآخرين فربما هذا الشعور كان يرافق شخصية الشريف الرضي وهو الذي دفعه الى أن يطبع معظم أشعاره بالثورة والشكوى لذلك العصر الذي كان يعيش فيه كان عصراً من نوع خاص وكثرت فيه المظالم وكثرت فيه التيارات الفكرية التي كان يعادي فيه أصحابها الأسلام فكل هذه تجعل أشعار الشريف الرضي مطبوعة بطابع الثورة والشكوى والتمرد وخاصة في أشعاره التي رثى فيها أهل البيت عليهم السلام الذين يمثلون أجداده من مثل قوله في رثاء أهل البيت وما تعرضوا له من مصائب:

يارسول الله لو عاينتهم

وهم مابين قتلى وسبى

لرأيت عيناك منهم منظراً

للحشى شجو وللعين قذى

ليس هذا لرسول الله

يا امة الطغيان والبغي جزا

جزروا جزر الأضاحي نسله

ثم ساقوا أهله سوق الإما


الشحمان: بل أنه كان في بعض أشعاره ربما راودته فكرة أن يقوم بثورة في ذلك الوقت ولكن يبدو أن الظروف لم تسمح له بذلك وهو ما عبر عنه في أشعاره مثلاً يقول:

ولي من ظهور الشفقميات مقعد

وفوق متون اللاحقيات مركب

لثامي غبار الخيل في كل غارة

وثوبي العوالي والحديد المذرب

أنا السيف إلا أنني في معاشر

أرى كل سيف فيهم لايجرب

يطول عناء العيس ما دمت فوقها

وما دام لي عزم ورأي ومذهب


الشحمان: نكتفي بهذا القدر خشية الاطالة ولو أننا اطلنا بالفعل.
المحاورة: شكراً لكم نعم الكلام حول هذا الشاعر دكتور مهما تحدثنا عن هذا الشاعر وشعره لم نفي بالغرض
الشحمان: نعم قليل طبعاً
المحاورة: على العموم نشكركم بجزيل الشكر بما تفضلتم به حول شاعرنا الشريف الرضي شكراً لكم دكتور
الشحمان: شكراً لحسن الاستضافة
المحاورة: مستمعينا الكرام أيها الأحبة نواصل مع ما تبقى من أبيات قصيدة الشاعر الشريف الرضي حول ذكر مناقب أمير المؤمنين وفضائله وما خص به من مفاخر لاتعد ولاتحصى.

لاسيف إلا ذو الفقار ولافتى

إلا علي خيرة المتخير

مولى بخاتمه تصدق راكعاً

شهد الكتاب بذاك غير مغير

هذي السماحة لاسماحة حاتم

تلك الشجاعة لاشجاعة عنتر

ولدته فاطمة ببيت الله

ياطوبى لطاهرة أتت بمطهر

ونشا بحجر المصطفى طفلاً

فأدبه بآداب العلي الأكبر

حلف الزمان ليأتين بمثله

حنثت يمينك يازمان فكسر


المحاورة: أحبتي وصلنا واياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد شكراً لطيب متابعتكم والى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة