البث المباشر

النبي الاكرم(ص) وفتح القلوب

السبت 13 يوليو 2019 - 08:23 بتوقيت طهران

اخوتنا الاكارم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله وأهلاً بكم في لقائنا الطيب هذا معكم، حيث نمضي مع حديثنا السابق في وسام سماوي آخر لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو وسام الفتح المبين، حيث قال عز من قائل يخاطب حبيبه المصطفى: «انا فتحنا لك فتحاً مبيناً»، هكذا اخبر رب العزة والجلالة تبارك وتعالى، وهكذا كان الامر، ففتح على يدي حبيبه النبي الهادي تلك الفتوح العظمى المباركة التي اشرقت في تاريخ البشرية، وتسامت في تاريخ الرسالة الاسلامية، رسالة الهداية العالمية، وذلك من الامتنان الرباني، والرزق الالهي، هبط على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد صلح الحديبية، فعم الخير وتدفق النعم المعنوية، حيث قلب الله الامر للنبي (صلى الله عليه وآله) وللمؤمنين على المشركين، فرضوا بما لم يكن مطموعاً فيه ولا متوقعاً منهم، فكانت الهدنة والصلح ثم الحج الاكبر، وبعد ذلك اخذ نور الاسلام يشع في البيوت والقلوب والصحارى والنفوس، فكان ذلك من امس الاسباب بفتح مكة سنة ثمان من الهجرة المباركة، فقد آمن جمع كثير من المشركين خلال السنتين بين صلح الحديبية وفتح مكة، وبدأت قلاع الشرك تتهاوى حتى اتسع الاسلام اتساعاً بيناً، وكثر جمع المسلمين، انتشر صيتهم واشغلوا بلاداً كثيرة، فخرج النبي (صلى الله عليه وآله) لفتح مكة في اثني عشر الف مقاتل، بينما كان قد خرج الى الحديبية في الف واربعمئة، فكان الفتح المبين على يد النبي الصادق الامين.
كما كان الفتح المعنوي، والظفر على الاعداء بالحجج البينة والمعجزات الباهرة التي تغلبت بها كلمة الحق فكانت العليا، على كلمة الباطل فكانت السفلى.
في التفسير الروائي للقرآن الكريم نقرأ عن انس ابن مالك قوله: لما رجعنا من غزاة الحديبية، وقد حيل بيننا وبين نسكنا، فنحن بين الحزن والكآبة، انزل الله عز وجل: «انا فتحنا لك فتحاً مبيناً»، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لقد نزلت عليَّ آية، هي احب اليَّ من الدنيا وما فيها.
كذلك روى لنا عبد الله بن مسعود قائلاً: اقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الحديبية، فجعلت ناقته تثقل، فتقدمنا، فانزل الله عليه: «انا فتحنا لك فتحاً مبيناً»، فادركنا رسول الله وبه من السرور ما شاء الله، فأخبر انها نزلت عليه.
اجل وما ظننا بفرح رسول الله (صلى الله عليه وآله) ايها الاخوة المؤمنون أليس هو استبشاراً بالفتح الاسلامي تحقق على يد المصطفى (صلى الله عليه وآله) من قبل ومن بعد.
تعالوا معنا لنسمع امير المؤمنين عليه السلام وهو يصلي عليه تلك الصلاة الشريفة حيث يقول: (اللهم داحي المدحوات، وداعم المسموكات، وجابل القلوب على فطرتها، شقيها وسعيدها، اجل شرائف صلاتك، ونوامي بركاتك، على محمد عبدك ورسولك، الخاتم لما سبق، والفاتح لما انغلق، والمعلن الحق بالحق).
وهكذا يرد هذا اللقب المبارك لقب الفاتح صفة شريفة لرسول الله على لسان وصيه الامام علي عليه السلام، فما معنى ذلك؟
قيل: انه سلام الله عليه شبه ظلال اهل الجاهلية وبغضاءهم وجهلهم باغلاق فتحها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهدايته، وانوار شريعته، وقيل: كانت ابواب القلوب قد اغلقت باقفال الظلال عن طوارق الهداية، فافتتحها النبي (صلى الله عليه وآله) بآيات نوته، واعلن الحق واظهره بالبرهان.
والان لنرى ماذا قال ابن ميثم البحراني في ظل كلام امير المؤمنين عليه السلام، كتب الرجل في اختيار مصباح السالكين، هذه العبارات: ذكر عليه السلام للنبي (صلى الله عليه وآله) واحداً وعشرين وصفاً هي جهات استحقاق الرحمة من الله تعالى فخاتماً لما سبق أي خاتماً لانوار الوحي والرسالة، وفاتحاً لما انغلق، أي لما انغلق من سبيل الله قبله ومن طريق جنته، بابداء الشرائع والحق الذي اظهره هو الدين، من خلال المعجزات والبراهين.
اجل اخوتنا الافاضل ـ فانجذب الناس الى المصطفى (صلى الله عليه وآله)، مبهورين بانوار هدايته، وشرائف اخلاقه، وسمو خصاله وصفاته وهو القائل (صلى الله عليه وآله): (انا اكثر الانبياء تبعاً يوم القيامة، وانا اول من يقرع باب الجنة).
واذا التفتنا ايها الاخوة الاكارم الى المستشرقين وجدناهم يقرون بهذا المعنى بصيغ مختلفة، كما جرى ذلك على اقلام السنة كثير منهم، كما سمعنا وقرأنا للدكتور "مايكل هارت" الذي جعل اسم النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، الاول في قائمة اهم رجال التاريخ في كتابه، "المئة الاوائل الخالدون"، لما رأى لرسول الله من الفتوح الكبيرة والشاسعة على جميع الاصعدة، فكتب: لقد اخترت محمداً في اول هذه القائمة، ولابد ان يندهش الكثيرون لهذا الاختيار، ومعهم الحق، ولكن محمداً هو الانسان الوحيد في التأريخ الذي نجح نجاحاً مطلقاً على المستوى الديني والدنيوي.
ويناغم هارت عدة من مفكري الغرب ومستشرقيه، منهم: هيل، وول ديورانت، وجيمس ميشز، وغيرهم كلهم مؤكدون هذه الحقيقة التي دونتها دائرة المعارف البريطانية واكثرها نجاحاً وتوفيقاً، وقد استطاع في سنوات معدودة ان يقتلع جميع العادات الفاسدة من جزيرة العرب، وان يرفع الامة من الوثنية المنحطة الى التوحيد الخالص، فاصبحوا دعاة هدى ورشاد، وانتشروا في الارض جاهدين في اعلاء كلمة الله.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة