ايها الاخوة الاحبة الاكارم ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من ضمن ما بشر به رسول الرحمة صلى الله عليه وآله ان اخبر باوصيائه الاثني عشر، ذاكراً اياهم باسمائهم، بل وبالقابهم، ومنهم الامام جعفر الصادق، كذا روى ابن عباس عنه انه قال: فاذا مضى محمد فابنه جعفر.. كذا قال: فبعده ابنه محمد ويلقب بـ"الباقر"، فبعده ابنه جعفر يدعى بـ"الصادق" .. هكذا انتقلت كتب المسلمين سنة وشيعة، فيما جاء في حديث اللوح من الحديث القدسي قول الله تعالى: «حق القول مني: لاكرمن مثوى جعفر، ولاسرنه في اشياعه وانصاره واوليائه». اجل، ذاك حفيد المصطفى صلى الله عليه وآله، والذي بعث علوم جده، ورسم صورته البهية في قلوب الناس بما عرف به بعد عهد من التقية، ومحاولات اموية لطس معالم النبوة المحمدية.
جاء في كتاب الكافي الشريف، قول الامام ابي عبد الله الصادق عليه السلام كان (أي رسول الله صلى الله عليه وآله) سيد من خلق الله، وما برأ الله برية خيراً من محمد صلى الله عليه وآله، ان الله كان اذ لا كان، فخلق الكان والمكان، وخلق نور الانوار، الذي نورت منه الانوار، واجرى فيه من نوره الذي نورت منه الانوار، وهو النور الذي خلق منه محمداً وعلياً، فلم يزالا نورين اولين، اذ لا شيء كُوِّنَ قبلهما.. فلم يزالا يجريان طاهرين مطهرين في الاصلاب الطاهرة، حتى افترقا في اطهر طاهرين، في عبد الله، وابي طالب عليهما السلام.
وفي خطبة للامام الصادق عليه السلام يذكر فيها حال النبي صلى الله عليه وآله قال: (فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله ما ارسل به، وصدع بما امر، وادى ما حمل من اثقال النبوة، وصبر لربه، وجاهد في سبيله، ونصح لامته، ودعاهم الى النجاة، وحثهم على الذكر، ودلهم على سبيل الهدى بمناهج ودواع، اسس للعباد اساسها، ومنار رفع لهم اعلامها، كي لا يضلون من بعده، وكان بهم رؤوفاً رحيماً).
ويبقى الامام الصادق عليه السلام وهو البار بالرسالة والرسول، يكشف عن معالم بنوة المصطفى صلى الله عليه وآله فيقول: ان الله تبارك وتعالى اعطى محمداً صلى الله عليه وآله شرائع نوح وابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، وارسله كافة الى الابيض والاسود، والجن والانس.
ان بعض قريش قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: بايِّ شيء سبقت الانبياء وفضلت عليهم وانت بعثت اخرهم وخاتمهم؟!
قال: (اني كنت اول من اقرَّ بربي جل جلاله، واول من اجاب، حيث اخذ الله ميثاق النبيين واشهدهم على انفسهم: الست بربكم؟! قالوا بلى، فكنت اول نبي قال بلى، فسبقتهم الى الاقرار بالله عزوجل).
ويذكر الامام الصادق عليه السلام تكريماً من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله فيقول:
نزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد، ان ربك يقرئك السلام ويقول: (اني حرمت النار على صلب انزلك، وبطن حملك، وحجر كفلك، فالصلب صلب ابيك عبد الله بن عبد المطلب، والبطن الذي حملك فآمنة بنت وهب، واما حجر كفلك فحجر ابي طالب).
اخوتنا الافاضل .. ويبقى الامام الصادق سلام الله ليه يشد القلوب الى النبي صلى الله عليه وآله موجهاً اذهان الناس الى اننا ينبغي ان نعتقد بحياته الشريفة مستمرة بركاتها علينا، ونظراتها الينا، فيقول عليه السلام لاصحابه: ما لكم تسوؤون رسول الله صلى الله عليه وآله؟
فقال رجل: كيف نسوؤه؟!
فقال: اما تعلمون ان اعمالكم تعرض عليه، فاذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسوؤوا رسول الله، وسروه.
وقد رُئيَ الامام الصادق عليه السلام وهو ينتهي الى قبر النبي صلى الله عليه وآله، فوضع يده على القبر الشريف واخذ يخاطب صاحب القبر: (أسأل الله الذي اجتباك، واختارك وهداك، وهدى بك، ان يصلي عليك).
ثم تلا قوله تعالى: «ان الله وملائكته يصلون على النبي، يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً». وقد سئل كيف نصلي عليه؟
فقال: تقولون: (صلوات الله، وصلوات ملائكته وانبيائه ورسله، وجميع خلقه، على محمد وآل محمد، والسلام عليه وعليهم، ورحمة الله وبركاته)، قيل فما ثواب من صلى على النبي وآله بهذه الصلاة؟
فقال: الخروج من الذنوب والله كهيئته يوم ولدته امه.
وكان عليه السلام يقول في بعض ادعيته: (جزى الله عنا محمداً خير الجزاء، بما صنع بامته، وبما بلغ من رسالات ربه).
واما تقديس الامام الصادق لاسم النبي صلى الله عليه وآله فذاك امر سامق اشتهر، حتى روي عنه قوله: عظموا الله وعظموا رسوله صلى الله عليه وآله ولا تفضلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله احداً، فان الله تبارك وتعالى قد فضله.
وقوله: لا يولد لنا ولد الا سميناه محمداً، فاذا مضى سبعة ايام، فان شئنا غيرنا، وان شئنا تركنا.
كما روي انه عليه السلام كان لا يذكر النبي صلى الله عليه وآله الا وهو على وضوء هكذا ذكر مالك بن انس صاحب المذهب مضيفاً: كان جعفر من عظماء العباد، وكان اذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، اخضر مرة، واصفر اخرى، حتى يستغرب من يعرفه.
هكذا يتغير حاله الشريف مع انه ابنه وبضعته، اذ كان يجد للاسم المبارك حرمة خاصة، فقد ولد لاحد اصحابه ولد، فقال له: الا سميته محمداً!
قال: قد فعلت قال عليه السلام: فلا تضرب محمداً ولا تسبه.
وانقطع عنه ابو هارون وهو احد اصحابه اياماً فلما جاءه اخبره بالسبب، ولد لي غلام، فقال عليه السلام له: بارك الله لك فيه، فما سميته؟
قال ابو هارون: سميته محمداً.
فما ان سمع الامام الصادق عليه السلام بالاسم المبارك حمتى اقبل بخده نحو الارض وهو يقول: محمد .. محمد .. محمد .. حتى كاد يلصق خده بالارض، اجلالاً وتقديساً، ثم قال، بنفسي وبولدي وباهلي وبأبوي، وبأهل الارض كلهم جميعاً الفداء لرسول الله صلى الله عليه وآله.
ثم التفت الى ابي هارون قائلاً: لا تسبه، ولا تضربه، ولا تسيء اليه، واعلم انه ليس في الارض دار فيها اسم "محمد" الا وهي تقدس كل يوم.
*******