بسم الله الرحمن الرحيم احبتنا المستمعين الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نرحب بكم كل الترحيب وأجمله ونبعث لكم خالص التحايا في هذا اللقاء الجديد الذي يسرنا أن يجمعنا بكم عبر محطة اخرى جديدة من محطات برنامجكم الأسبوعي المتجدد حكايا وخفايا آملين أن تقضوا معنا دقائق عامرة بكل ماهو ممتع ومفيد عند ما اعددناه لكم في هذا الأسبوع، تلطفوا بمتابعتنا.
مستمعينا الأكارم يتحدث التراث الشعبي العربي وخاصة في البلدان العربية المطلة على الخليج الفارسي عند كائن بهيئة رجل طويل القامة وداكن اللون يحمل سلاسل او تلفه سلاسل ويطلق عليه اسم ابو السلاسل وربما العبد المزنجل حيث وصف بأنه متوحش يستخدم سلاسله للتهجم على ضحاياه وأنه يجر وراءه ثقلاً حديداً وقيل أنه من عتاة الجن او ممن تلبسهم الجن المردة وأن البعض يقول إن جلده يشبه الجلد المحروق وله مخالب طويلة ووجهه بشع وتنبعث منه رائحة طريهة وأنه يهيم في الشواطئ فيظهر في أي وقت في الليل وفي النهار.
نعم اعزاءنا وقد تردد ذكره في اماكن مختلفة من دول الخليج الفارسي العربية كالامارات وعمان، وهناك شبه إجماع على أنه يظهر في الأماكن المأهولة بالسكان كالأحياء السكنية في المدن والقرى وقيل إنه يحمل معه على كتفه سلسلة من الحديد طويلة للغاية ويمشي في الليل بجانب العريش أي مساكن اهل الساحل ولدى تحركه تحتك السلاسل فتصدر صوتاً يسمعه الأطفال في العريش فتحذر الأمهات أطفالهن من أن يخرجوا من المنزل لأن لايسحبهم أبو سلاسل هذا.
تفيد الأسطورة بأن أبا السلاسل يمشي بجنب البحر وخلف بيوت العريش فإذا شاهد احد الأطفال يخرج من البيت في الليل رمى بسلسلته عليه وسحبه ويختفي الطفل نهائياً واذا تمكن الطفل من الإفلات يجدونه فاقداً لوعيه او لايعرف أحداً من اهله علماً أن صوت السلسلة يشبه صوت تكسر الأمواج على الساحل فيقال للطفل ألا تسمع أبو السلاسل؟ لتخويفه من مغبة الخروج في الليل خشية على حياته.
وتقول احدى الروايات والله أعلم أن أبا السلاسل له أصل على أرض الواقع وليس مجرد محض خيال وأنه كان عبداً لأحد التجار وتعرض لأشد أنواع التعذيب على يد مالكه الذي كان يقيده بالسلاسل ويربط في نهاية السلسلة كرة ضخمة من الرصاص لأن لايهرب من مكان أسره. وبعد موت ذلك التاجر هرب المسكين وهو مصاب بالجنون ولهذا أطلقت عليه هذه التسمية أبو السلاسل او العبد المزنجل.
مستمعينا الأفاضل وهناك حكاية شعبية كان الأجداد من الصيادين والتجار يتداولونها في رحلاتهم البحرية وتخلدت في ذاكرة الأدب الشعبي العماني حيث جاء فيها أنه في ليلة من ليالي الشتاء إشتدت الريح بقوة قرب البحر وبعدما حدث المد وارتفع الموج فزع الناس في الحارة القديمة وظنوا أن البحر سيدخل الى مساكنهم وكان من بين هؤلاء الناس بحار أسمه راشد، كان رجلاً مقداماً يشهد له بالقوة ولايخاف من شيء. كان راشد جالساَ في نفس الليلة مع جده وأعلمه بأنه عازم للخروج الى البحر فإندهش الجد وبدأ العرق يتصبب من جبهته وقال: يابني لاتخرج في هذا الوقت فالريح آتية ومعها الشياطين والجن والموت وأبو السلاسل يحوم في منتصف الليل على البحر ولايرحم احداً، فلانخرج فأني اخاف أن يخطفك هذا الشيطان!
لكن راشد رد غاضباً: انا أقوى بحار في الحارة ولايقدر أحد أن يقف في وجهي. وأبو السلاسل هذا ليس له وجود في الحارة ولايمكنه أن يقف أمامي!!
خرج راشد من المنزل من دون أن يأخذ بنصيحة جده وركب البحر ورفع الشراع وواجه الرياح الشديدة المعاكسة وهو يصرخ بقوة متحدياً: أنا راشد ربان السفينة وبطل البحر ولاأخاف الريح والموت!!
ولما إبتعد راشد عن الساحل إشتدت الريح وبدأت السماء تنزل مطرها بقوة وارتفع الموج فخاف وعاد مرتعباً الى الشاطئ وربط المركب بجذع. وعند البحر كان الموج يضرب الشاطئ بقوة وأبو السلاسل كان يحوم بسلاسله الكبيرة هناك بعيونه التي تروع الناس وبيديه وبأظافره التي يشوه بها الوجوه وكان ينتظر في آخر الحارة بين الأزقة الضيقة وفي الدروب المظلمة لينقض على أحد المارة ويخنقه بالسلاسل.
أعزاءنا الأفاضل من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران مازلتم تستمعون الى برنامج حكايا وخفايا. أحبتي كان راشد يمشي في أحد الأزقة المظلمة فسمع صوت السلاسل وهي تتحرك في الأرض فخاف وهرب غير أن أبا السلاسل لحقه فركض راشد بسرعة وسلك درباً آخر إلا أن العبد المزمجل كان يتحرك بخفة حتى انهك الركض راشداً فوقع على الأرض وأبو السلاسل يركض بإتجاهه هائجاً ومن عيونه يتطاير شرر الشيطان فأمسك براشد ورفعه الى فوق وضرب به الجدار وصرخ راشد: يارب خلصني من هذا الشيطان! أنجدوني يا أهل الحارة!!
ولكن لم يسمعه أحد وأخذه أبو السلاسل وربط بشجرة سدر وضربه بالسلاسل وخسف وجهه وكان راشد يصرخ ويبكي وينزف دماً. ومع بزوغ الصباح فيما كان البحارة في طريقهم صوب البحر رأوا راشداً وهو معلق بالسلاسل عند شجرة السدر الكبيرة التي تتوسط الحارة وكان غارقاً بدمه. وعلا صريخ الناس عندما رأوا السلاسل وقالوا: هذه سلاسل الشيطان أبو السلاسل وهو الذي قتل راشداً وخسفه.
وركض الجد صوب جثة حفيده راشد فقال وهو يذرف الدموع بحرقة وتحسر: آه يابني! أخبرتك البارحة، نصحتك بأن لاتخرج الى البحر، لقد أتت الريح بالشياطين والجن معها لكنك لن تنصت لكلامي، ليتك سمعتني ولم تغتر بنفسك!!
وبعد هذه الحادثة انتشر الرعب بين البحارة من أبي السلاسل ولم يعودوا يخرجون الى البحر إلا بعد تأكدهم من سكون الرياح وهدوء أمواج البحر.
هكذا نصل بكم أيها الأخوة والأخوات الأعزاء الى ختام هذه الأسطورة الطريفة والممتعة التي تتناقلها الألسن كابراً عن كابر في البلدان المطلة على البحار والخلجان على امل أن نجدد اللقاء بكم في حكاية اخرى من حكايا الأمم والشعوب والخفايا الكامنة وراء هذه الحكايا. لكم منا كل الشكر والامتنان على حسن الإصغاء والمتابعة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.