حضرات المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحباً بكم وانتم تتابعون حلقة اخرى من حوارات الشاب احمد والشيخ رضوان وهما في هذه الحلقة يتناولان موضوع المسح على الرجلين اثناء الوضوء اعتماداً على القرآن الكريم والسنة الطاهرة لرسول الله(ص) فتابعوا معنا هذا الحوار ...
الشيخ ينهي صلاته، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: تقبل الله اعمالك يا احمد؟
احمد: تقبل الله منا ومنكم ان شاء الله.
الشيخ: طيب يا احمد كلي اذان صاغية لاسالتك حول قضية الوضوء.
احمد: نعم يا شيخ، بشكل عام لماذا اختلف المسلمون الاوائل في مسالة مسح الرجلين عند الوضوء حيث كان عمل النبي(ص) امام مرأى ومسمع الجميع؟
الشيخ: سؤال جميل يا احمد، للاجابة عن هذا السؤال عليكم بمطالعة كتاب تحت عنوان (وضوء النبي من خلال ملابسات التشريع) للسيد علي الشهرستاني حيث اعتمد على الشواهد والادلة التاريخية ووصل الى القول ان غسل القدمين في الوضوء قد ظهر ايام الخليفة الثالث وانه هو المنشأ لذيوع وانتشار هذا الرأي بين المسلمين.
احمد: اذاً ان قضية غسل القدمين في الوضوء بدعة في الدين؟
الشيخ: نعم يا احمد نعم انها بدعة.
احمد: ولكن ما هو حكم القرآن في ذلك؟
الشيخ: طيب يا احمد هل تحفظ آية الوضوء؟
احمد: نعم يا شيخ هي في سورة المائدة الآية السادسة: (اعوذ بالله من الشيطان الرجيم / يا ايها الذين آمنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين).
الشيخ: احسنت يا احمد هذه هي آية الوضوء التي تبين ان الاعضاء اما القسم المغسول فهو قوله تعالى: (فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق) واما القسم الممسوح، فهو قوله تعالى: "وامسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين".
احمد: ولكن يا شيخ صحيح ان كلمة ارجلكم جاءت بعد فعل وافسحوا الا انها منصوبة وعليه فيقال انها معطوفة على مفعول فعل فاغسلوا؟
الشيخ: يا بني ان هذه الآية تشتمل على وضوح تام فيما يرتبط بحكم القدمين ووظيفتهما الوضوئية، فهما من القسم الممسوح الذي جاء بعد قوله: "وامسحوا" ولو كان من القسم المغسول لكان من المناسب مجيئهما بعد قوله: "فاغسلوا" وهذا من بديهيات اللغة وهو ثابت لا يتغير سواء قرئت كلمة ارجلكم بجر او نصب اللام.
احمد: على ضوء آية الوضوء ما هي ادلة القائلين بالغسل أي غسل الرجلين في الوضوء؟
الشيخ: منهم من يقول الغسل مشتمل على المسح فكان الغسل اقرب الى الاحتياط او ان الغسل يقوم مقام المسح، منهم من استند الى تأويل خاطئ لحديث النبي(ص) حيث راى(ص) قوماً يتوضأون واعقابهم تلوح فنادى باعلى صوته ويل للاعقاب من النار اسبغوا الوضوء، منهم من قال: ان فرض الرجلين محدود الى الكعبين والتحديد انما جاء في الغسل لا في المسح.
احمد: فيما يتعلق بالدليل القائل بان الغسل يقوم مقام المسح ما هو الرد عليه؟
الشيخ: اولاً يا احمد ان القائل بهذا الرأي هو الفخر الرازي في تفسير الكبير لآية الوضوء والطريف انه يؤمن بان الآية توجب المسح لكنه رد هذا الحكم تمشياً مع سابقته الفقهية وتذرع ببعض الروايات التي لا يمكن ان ترد صراحة المنطوق القرآني.
احمد: ما هي هذه الروايات التي رد الفخر الرازي حكم المسح على اساسها؟
الشيخ: الاولى هي التي مر ذكرها وكذلك ورد في الصحيحين عن عبد الله بن عمر وبن العاص قال تخلف عنا النبي(ص) في سفر سافرناه معه فادركنا وقد حضرت صلاة العصر فجعلنا نمسح على ارجلنا فنادى ويل للاعقاب من النار.
احمد: ما هو مفهوم هذا الحديث؟
الشيخ: لو صح هذا الحديث ايضاً لاقتضى المسح فلا عجب فان فيهم اعراباً جهلة ولا سيما هم في السفر فتوعدهم بالنار لئلا يدخلوا في الصلاة بتلك الاعقاب المتنجسة.
احمد: على ما يبدو ان الفخر الرازي وقف بين محذورين هما مخالفة الآية المحكمة ومخالفة تأويل الرواية المتقدمة بما يعارض نص الآية المباركة وهو تأويل ناتج من خلفية التعصب للمسلك الفقهي القائل بالغسل لا المسح.
الشيخ: بالتأكيد يا احمد ولو امعنت النظر في دفاعه هذا، لوجدته في ارتباك ولولا ان الآية واضحة الدلالة على وجوب المسح ما احتاج الى جعل الغسل قائماً مقامه.
احمد: فما الرد يا شيخ على الذين يستدلون على وجوب غسل الرجلين بتحديد الآية المباركة الى الكعبين باعتبار ان الكعبين هما العظمان الناتئان من جانبي الساق.
الشيخ: لكن يا احمد الكعبان هما مفصلا الساقين عن القدمين وقيل هما قبتا القدمين حسب رأي علماء اللغة.
احمد: وهل في كل رجل كعبان اثنان؟
الشيخ: نعم يا بني اجمع علماء التشريع على ان هناك عظماً مستديراً مثل كعب البقر تحت عظم الساق، حيث يكون مفصل الساق والقدم، فمسح كل رجل ينتهي الى كعبين اثنين هما المفصل نفسه والكعب المستدير تحته.
احمد: يا شيخ حبذا لو ندرس الآية من حيث القواعد النحوية؟
الشيخ: اعلم يا احمد ان هناك قرائتين لكلمة ارجلكم بكسرِ وفتح اللام. فاذا قرأناها بكسر اللام أي ارجلكم فتقتضي كون الارجل معطوفة على الرؤوس وانه كما وجب المسح في الرأس وكذلك في الارجل هذا على قراءة الجر اما على قراءة الفتح أي ارجلكم فكما قال الفخر الرازي في تفسيره للآية: "وامسحوا برؤوسكم" فرؤوسكم في محل النصب ولكنها مجرورة بالباء فاذا عطفت الارجل على الرؤوس جاز في الارجل النصب عطف على محل الرؤوس والجر عطفاً على الظاهر وهذا مذهب مشهور للنحاة.
احمد: اذاًَ في الحالتين يكون معنى الآية وجوب المسح على الارجل.
الشيخ: بالتأكيد يا احمد ومن قال بوجوب الغسل في هذه القراءة لا يتم الا على مذهب نحوي باطل وهو عطف الارجل على الوجوه وهو باطل لوجود الفاصل بينهما وان المعطوف عليه اذا تعدد اختير الاقرب وهو الرؤوس في الآية وترك الابعد وهو الوجوه.
الختام:
مستمعينا الكرام تبين من خلال الحوار الذي جرى بين احمد والشيخ رضوان ان آية الوضوء تحتم القول بوجوب مسح القدمين في الوضوء على كل التقادير وهو الضروري في مذهب اهل البيت(ع)، وان وضوء النبي(ص) والصحابة وسائر المسلمين كان على هذا النحو وان القول بغسل القدمين لا يرجع الى اساس في الكتاب ولا لسنة وانه قول مبتكر مبتدع ظهر في ايام الخليفة الثالث. حتى لقاء جديد وموضوع آخر نستودعكم الله والى اللقاء.
*******