البث المباشر

معنى من خطبة يوم الغدير

الأربعاء 19 يونيو 2019 - 10:27 بتوقيت طهران

الحمد لله الفرد الصّمد، الواحد الأحد، وأزكي صلواته علي حبيبه المصطفي أحمد، وعلي آله أولى النّهي والسّؤود.
لقد قضي رسول الله (صلّي الله عليه وآله) عمره المبارك مجاهداً صابراً، في سبيل إنقاذ الناس من ظلمات الجهل والجاهليّة، والأخذ بأيديهم إلي أنوار الإسلام، هذا الدين الحنيف الذي جاء بالشريعة الإلهية الحقـّة، فكان خاتمة الشرائع، وأكملها وأوفقها في سعادة البشر، وأجمعها لمصالح الناس في دنياهم وأخراهم، وأصلحها للبقاء مدي الدهور والعصور، وأجمعها لما تحتاجه الأجيال من النظم الفرديّة والاجتماعية.
هذا الدين الشامل الكامل، إستخلف الله تعالي عليه حبيبه ونبيّه محمداً (صلي الله عليه وآله)، فبذل شبابه الشريف في تبليغه علي أحسن وجه، وأكمل صورة، وأفضل أسلوب، حتي رسخت معالمه في حياة المسلمين، وتمثـّلت لهم سنن النبيّ (صلي الله عليه وآله) في مشاهد ومواقف كثيرة وتلك وصاياه الشريفة يلهج بها الزمان، حتّي أنه (صلي الله عليه وآله) ما رحل إلّا وقد وضع الأمّة علي النهج السليم، والصراط القويم، والمحجّة الواضحة، وكانت له في آخر أيّامه، بل وحتّي آخر ساعاته وصايا كثيرة وعظيمة، تجعل الناس في منقذ من حيرتها، وتلك خطبته الغديرية الكبري وقف لها التاريخ - وما يزال - وقفة إكبار وإجلال، حيث تضمّنت أجلي التوصيات النبوية الغيورة، ذكرها الباقلّانيّ في (التمهيد)، والإيجيّ الشافعيّ في (المواقف)، والبيضاويّ في (طوالع الأنوار)، والتفتازانيّ في (شرح المقاصد)، والشيخ القندوزيّ الحنفيّ في (ينابيع المودّة) وغيرهم عشرات.
فما قال - يا تري - في تلك الخطبة الجليلة، لتضمن الأمّة استقرارها من خلال الخلافة الإلهيّة؟
بعد حجّة الوداع استوقف رسول الله (صلي الله عليه وآله) في غدير خمّ جميع الحجيج ليقول لهم في واقعة عظمي نزل فيها وحيّ إلهي: إنّ جبرئيل هبط إليّ مراراً ثلاثاً، يأمرني عن السلام ربّي وهو السلام، أن أقوم هذا المشهد فأعلم كلّ أبيض وأسود، أنّ علي بن أبي طالب أخي، ووصييّ، وخليفتي، والإمام من بعدي.
فاعلموا - معاشر الناس - أنّ الله قد نصبه لكم وليّاً وإماماً مفترضاً طاعته علي المهاجرين والأنصار، وعلي التابعين لهم بإحسان، وعلي البادي والحاضر، وعلي الأعجميّ والعربيّ، والحرّ والمملوك، والصغير.
معاشر الناس، فضّلوه فقد فضّله الله، واقبلوه فقد نصبه الله.
معاشر الناس، فضّلوا عليّاً فإنّه أفضل الناس بعدي من ذكر وأنثي.
ملعون ملعون، مغضوب مغضوب، من ردّ عليّ قولي هذا ولم يوافقه، ألا إنّ جبرئيل خبّرني عن الله تعالي بذلك ويقول: (من عادي عليّاً ولم يتولّه، فعليه لعنتي وغضبي)، فلتنظر نفس ما قدّمت لغد واتّقوا الله أن تخالفوه فتزلّ قدم بعد ثبوتها، إنّ الله خبير بما تعملون.
معاشر الناس، هذا عليّ أخي ووصيّي، وواعي علمي، وخليفتي علي أمّتي وعلي تفسير كتاب الله عزّوجلّ، والداعي إليه، والعامل بما يرضاه، والمحارب لأعدائه، والموالي علي طاعته، والناهي عن معصيته، خليفة رسول الله، وأمير المؤمنين، والإمام الهادي، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بأمر الله.
معاشر الناس، هذا عليّ أنصركم لي، وأحقّكم بي، وأقر بكم إليّ، وأعزّكم عليّ، والله - عزّوجلّ - وأنا عنه راضيان. وما نزلت آية مدح في القرآن إلّا فيه، ولا شهد بالجنّة في «هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ» إلّا له، ولا أنزلها في سواه، ولا مدح بها غيره.
معاشر الناس، هو ناصر دين الله، والمجادل عن رسول الله، وهو التقيّ النقيّ، الهادي المهديّ. نبيّكم خير نبيّ، ووصيّكم خير وصيّ، وبنوه خير الأوصياء.

*******

نستضيف سماحة الشيخ اديب حيدر عضو المجلس الشيعي الاعلى من لبنان لكي يحدثنا عن المعنى من خطبة يوم الغدير فيما يرتبط بخلافة امير المؤمنين علي (عليه السلام) بمعنى الخلافة العامة لرسول الله (صلى الله عليه وآله):
الشيخ اديب حيدر: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
طبعاً خلافة امير المؤمنين وامامة امير المؤمنين (سلام الله عليه) لم تبدأ من يوم غدير خم بالمعنى الدقيق انما خلافة الامام امير المؤمنين علي (عليه السلام) بدأت عندما نزل القرآن الكريم في بداية الدعوة لأن الرسول عندما نزلت الآية «أَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ» ودعاهم وقال من يكن فيكم خليفتي ووصيي من بعدي؟
قال: علي انا يا رسول الله.
قال: انت خليفتي ووصيي فيهم من بعدي ولكن موضوع الغدير وخطبة الغدير الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) اراد بأمر من السماء في بداية الدعوة كان هناك تفكير وفي نهاية الدعوة كان هناك امر الهي لرسول الله كي لا يتوهم متوهم او يحاول ان يفسر ومع ذلك فسروا، مع ان النبي اوصى والقرآن نزل بآية التبليغ وان الرسول قطع السير في غدير خم في محاذاة الجحفة ونصب منبراً عالياً وانتظر من تأخر واسترجع من تقدم وقام خطيباً فيهم وقال: "من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله" مع هذا التنصيب الصريح ومبايعة الامام علي (عليه السلام) بتلك البقعة من الارض "بخ بخ لك ياعلي اصبحت مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة" لذلك موضوع الخلافة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) امر دقيق اما للاسف الشديد عندما نريد ان نتكلم ونتحدث عن امامة امير المؤمنين او الامامة بشكل عام بمبدأ اساسي هو مبدأ ارتبط بالنبوة لأن النبوة معصومة في تبليغها وفي تشريعها ولابد ان يكون هناك استمرارية لهذه الشريعة المعصومة ان يكون هناك مدير معصوم له نفس المواصفات من العلم والدقة والاستقامة والنزاهة والاصالة وان يكون مطبقاً دقيقاً وراعياً وفاهماً لمغازي الشريعة الدقيقة والعميقة والشاملة لكل جوانب الحياة على هذا الاساس الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما اراد ان يبين هذا الامر ربطه قال: او لست أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ؟
قالوا: بلى يا رسول الله! اذن كان النبي يريد ان يعطي اشارة ويعطي بلاغاً للناس ان نفس الصلاحيات في الطاعة وفي ادارة الحكم وفي رئاسة الدولة الممنوحة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هي تكون للشخص الذي يخلف الرسول في تطبيق وفهم هذه الشريعة الدقيقة واسرار القرآن واعماق القرآن فعلى هذا الاساس الخلافة هي امر بمنطق العقل ومنطق الضرورة كما ان القاعدة العقلية حكمت بوجوب ارسال الانبياء لتصحيح الانحرافات البشرية والارضية وتأسيس مفهوم صحيح للنظام الالهي على الارض ايضاً هناك ارتباط كلي في هذا الامر بأنه كما ان الله لا يترك الارض بلا حجة من الانبياء ايضاً لايترك الارض بعد الانبياء من حجة تطبق ولذلك في سنن الانبياء جميعاً انه كان لكل نبي من الانبياء اوصياء وكان له من الحواريين الكثر ولذلك اعتبر علي بن ابي طالب (عليه السلام) هو الشخص المهيئ والكفوء بنص القرآن الكريم بآية التطهير وبأحاديث النبي الكثيرة والمستفيض منها والصحيحة فيفيدنا ان خطاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان هو بمثابة الوصية التي كانت تقارب لأن النبي سمى هذا الحج حج الوداع وكان النبي في جو انه آخر حج يحجه في حياته وانه لابد ان يوجه الامة الى العلم المستقيم والصراط الصحيح فلذلك خطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هي بيان دستوري وهو صادر عن النبي، هذا البيان الصادر المرسوم مرسوم الهي من الله نزل وعلى النبي ان يبلغه واعلنه في اكبر تجمع يمكن ان تتجمع فيه الامة الاسلامية واعلن ان الامام امير المؤمنين هو الشخص القادر والكفوء والمهيء لمتابعة ومسيرة مهمة الهداية وترسيخ المجتمع النهائي للبشرية القائم على القسط والعدل.

*******

لازلنا معكم من برنامج خلفاء الله والحديث فيها عن دلالة النصوص الشريفة علي إستمرار الخلافة الإلهية في الأرض بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله) وفي أوصيائه المعصومين (عليهم السلام) وأولهم سيد الأوصياء الإمام المرتضي (سلام الله عليه) كما صرحت بذلك كثير من صحاح الأحاديث الشريفة المروية من طرق الفريقين ومنها خطبة يوم الغدير المتواتر خبرها وقد تحدثنا عنها أنفاً.
كانت الخطبة الغديرية تلك وفيها كلّ بيان وتبيان، وكان من المسلمين في عشرات آلافهم وهم قافلون مع رسول الله من حجّة الوداع، بيعة كبري للإمام عليّ بأمرة المؤمنين، وخلافة رسول ربّ العالمين، صلوات الله عليه وعلي آله الطيّبين الطاهرين.
في (الكافي) الشريف للشيخ الكلينيّ، روي زيد بن الجهم الهلاليّ أنّ أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: لمّا نزلت ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وكان من قول رسول الله (صلي الله عليه وآله): سلّموا علي عليّ بإمرة المؤمنين، فكان ممّا أكد الله عليهما في ذلك اليوم يا زيد، قول رسول الله (صلي الله عليه وآله) لهما: قوماً فسلّما عليه بإمرة المؤمنين، فقالا: أمن الله أو من رسوله يا رسول الله؟!
فقال لهما رسول الله (صلي الله عليه وآله): من الله ومن رسوله.
فأنزل الله عزّو جلّ: «وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ» يعني به قول رسول الله (صلي الله عليه وآله) لهما وقولهما: أمن الله أو من رسوله، «وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ» إلي بقية الآية الشريفة وايات أخري تلاها (عليه السلام).
وفي (الكافي) الشريف أيضاً عن أبي حمزة الثماليّ، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: لمّا قضي محمّد (صلي الله عليه وآله) نبوّته، واستكمل أيامه، أوحي الله تعالي إليه أن يا محمّد، قد قضيت نبوّتك، واستكملت أيامك، فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر، وميراث العلم وآثار علم النبوّة في أهل بيتك عند علي بن أبي طالب، فإنّي لن أقطع العلم والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة من العقب من ذرّيتك، كما لم أقطعها من ذرّيات الأنبياء.
وهكذا يأتي دور الإمامة استمراراً لمسيرة النبوّة، ليواكب الناس هذا الدّين الحنيف، إذ لابد من حجّة لله وخليفة في أرضه علي عباده، نبيّاً كان أو وصيّاً إماماً، إذ الأئمة بعد الأنبياء هم خلفاء الله في أرضه، وحججه علي بريّته كما جاء عن أهل البيت (عليهم السلام) هذا المعني، أو كما قال الإمام الصادق (عليه السلام): (الأوصياء، هم أبواب الله عزّوجلّ التي يؤتي منها، ولولاهم ما عرف الله عزّوجلّ، وبهم احتجّ الله تبارك وتعالي علي خلقه).

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة