البث المباشر

المقاتل الحسينية -۱۸

الأربعاء 12 يونيو 2019 - 09:43 بتوقيت طهران
المقاتل الحسينية -۱۸

الحمدلله، وافضل الصلوات الزاكيات علي المصطفي رسول الله، وعلي آله اولياء الله.
انّ شهادة الامام الحسين (عليه السلام) استوقفت التاريخ، فكيف لا تستوقف كتّاب التاريخ، واذهلت الاخبار، فكيف برواة الاخبار؟! لقد اصبحت قصة كربلاء ضرورةً في التدوين والرواية والمحاكمة التّاريخية، ومدينةً لا بدّ ان تمرّ عليها جميع الاديان كما مرّ عليها جميع الانبياء (عليهم السلام)، ولا بدّ ان تتوقّف عندها جميع الاجيال كما هي عبرةٌ كبري لجميع البشر.
ومن هنا يغالط الموّرخ نفسه ويكابر عقله اذا لم يتعرّف، ثمّ يعرّف، بما جري يوم عاشوراء الحسين عام واحدٍ وستّين من الهجرة النبويّة الشريفة. وهكذا وجدنا جلّ الموّرخين لا يكتفون بالاشارة حتّي يفصّلوا في هذه الواقعة العظمي، بياناً، وتحليلاً، وراياً، بل وموقفاً‌، فاجتمعت الآراء علي ضرورة التعرّف والتعريف، وعلي ضرورة الانتصار للامام الحسين سلام ُ الله عليه بالالسنة والاقلام، بعد ان فاتنا الزمنُ للانتصار له صلواتُ الله عليه بالسيوف والرماح والسّهام.
وكان من الذين كتبوا علي نحو التفصيل في تاريخ حياة سيّد شباب اهل الجنّة ابي عبد الله الحسين: المورّخ الشهيد "ميرزا محمّد تقي سپهر"، وذلك ضمن كتابه "ناسخ التواريخ"، فتعالوا معنا لنتعرّف علي هذا الكتاب بعد ترجمته من اللّغة الفارسيّة، الي الّلغة العربيّة. في البدءْ لا بدّ ان نتبيّن سبب تسمية هذا الكتاب بـ"ناسخ التواريخ"، لنري هل لهذا الاسم داعٍ موجبٌ مشيرٌ الي منهجٍ معيّن، او اسلوبٍ خاصّ؟ نعم، يذكر المؤلّف "محمد تقي سپهر" انّه راجع مئات المصادر، علي نحو التحقيق والمراجعة الباصرة، وبطريقةٍ احتوت الحوادث التاريخية، فكانه نسخ كلّ التواريخ التي كتبت قبله. هذا ما ادّعاه، ومصاديق ذلك يعثرُ عليها القارئُ بين الآونة والاخري، فانّ مِن عادة المؤلّف عند نقله للاخبار، تقديم مقدماتٍ تؤكّد انّه تتّع الخبر وراجع مصادره، ولم ينقله متعجلاً ولا متساهلاً، وعلي سبيل المثال نراه يقول في قصّة تدخّل (محمّد بن كثير) في خضمِّ احداث الكوفة ايّام نهضة مسلم بن عقيل (عليه السلام):
وانا اسطّر هذه الصفحات، كنتُ قد نظرت ُ وبحثتُ في: بحار الانوار، وعوالم العلوم، وزبدة الفكر، واللّهوف، وكتب الشيخ المفيد، ومناقب ابن شهر آشوب، واعلام الوري للطّرسي، ومروج الذهب، والفصول المهمّة، وتذكرة خواصّ الامّة لسبط ابن الجوزيّ، وشرح الشافية، ومقتل ابي مِخْنَفْ، وكشف الغُمبة، وكتاب الطّريحي، وكتاب اعثم الكوفيّ، ومطالب السّؤول.
الي ان يقول "محمّد تقي سبهر": وفي مئات الكتب والمجلّدات الصربيّة والفارسيّة التي الّفها العلماء العظام، في (مقتل الحسين (عليه السلام))، فلم اجدْ في ايّ كتابٍ منها قصّة تدخّل "محمبد بن كثير" في نصرة مسلم بن عقيل بهذا التفصيل الذي ياتيو ثم قال (سپهر): ولمّا كان ابنُ اعثم الكوفيّ من علماء اهل السنّة والجماعة، وله احاطةٌ ودرايةٌ في جمع السّير، ويروي غالباً عنِ ابن اسحاق وابن هشام، رايت من المؤسف ان لا آخذ ما كتبه بنظر الاعتبار.
ولمترجم الكتاب ومحقّقه، فضيلة السيّد علي جمال اشرف في هذا الموضع تعليقته، فهو يقول: انّ المؤلّف - في الحقيقة - قد اسند ما نقله الي مصدره (وهو كتاب الفتوح لابن اعثم الكوفيّ) وذلك بعد التفحّص. امّا عدمُ وجود الخبر في النّسخ المطبوعة المتوفّرة اليوم بين ايدينا، فذلك لا ينقص من قدر الكتاب، وانّما قد يؤكد نقص المصادر المطبوعة، وربّما كانت قد وقعت نسخةٌ مخطوطة بين يدي المؤلّف، هي اتمُّ واكملُ من النُّسخ التي وصلتنا وتوفرّت عند محقّقي المصدر المنقول عنه.
من خلال مراجعة كتاب ( ناسخ التواريخ ) يتّضح لنا انّه كتاب مدوّنٌ علي نهج الكتب التاريخية، ضمن ترتيبٍ زمنيّ، وقد اعتمد هذا الاسلوب كذلك في اجرائه التي خصّصها حول حياة سيِد الشهداء ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، مبتدئاً باحاديث بدو خلقه سلام الله عليه، وروايات تاريخ ولادته، ومنتهياً بشهادته، ثمّ الوقائع التي تلت شهادته صلوات الله عليه مع بعض الاخبار المتعلّقة به وباسرته المكرّمة. وقد ضمّن المؤلّف كتابه هذا جملة من الوقائع والاخبار القديمة والنادرة، بل والمتفرّدة، لاسيّما في خضمّ حوادث المقتل وحياة اهل البيت (عليهم السلام)، فضلاً عن بقيّة الابواب، ناقلاً عن المصادر التي توفّرت لديه، وكان من اهمّها كتابُ "الفتوح" لابن اعثم الكوفيّ.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة